مفتاح
2024 . الجمعة 29 ، آذار
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

مقدمة:

يواجه قطاع الصيد البحري في قطاع غزة جملة من التحديات، والتي ينبغي تظافر كل الجهود وتحقيق استقرار اقتصادي لآلاف الأسر الفلسطينية التي تعتاش من خلال هذا العمل في الصيد وبيع المستلزمات ذات العلاقة. ومما لا شك فيه أن أبرز التحديات التي تواجه هذا القطاع كانت ولا تزال ممثلة بالإجراءات والممارسات الإسرائيلية والتي تستهدف هذا القطاع على مدار العام حيث وتعمل قوات الاحتلال الإسرائيلي عبر سياسية ممنهجة على تدمير هذا القطاع الهام والحيوي في منظومة الغداء والاقتصاد الفلسطيني، ويمكن لأي متابع بسهولة أن يسجل بشكل يومي هذه الانتهاكات الإسرائيلية والتي تبدأ باستهداف الصيادين ومراكب الصيد، ومنع دخول أو تعطيل دخول الأدوات المساندة لعملية الصيد البحري وتطويره في قطاع غزة، وليس انتهاء بتقييد الوصول إلى مساحة الصيد المسموح بها حسب اتفاقية أوسلو والتي كانت قد وصلت إلى عشرين ميلاً بحرياً، أو حتى المساحة التي نص عليها اتفاق التهدئة عقب عدوان 2014 والتي كانت تسعة أميال بحرية لتصبح ستة أميال بحرية وتم تقليصها لاحقا لتصبح ثلاثة أميال فقط.

هذه الممارسات والاجراءات الإسرائيلية جعلت من هذا القطاع على شفا الانهيار، مما دفع العديد من المؤسسات المحلية والدولية للإسراع بدعم هذا القطاع خوفاً من انهياره التام. ربما من النافل قوله أن العديد من التمويل المقدم لهذا القطاع سواء على المستوى المحلي من خلال المؤسسات الأهلية الفلسطينية، أو على المستوى الاقليمي والدولي يأتي في إطار انعاش قطاع الصيد ومساعدته في التغلب على العقبات والتحديات التي تهدده وتستنزف قدراته يومياً، وغالبا ما تقع هذه المساعدات في الإطار الإغاثي، والتي تهدف بشكل أو بأخر لمنع وقوع الصيادين وأسرهم في دائرة الفقر المدقع، أما المشاريع التنموية والتي تهدف لتطوير قطاع الصيد تبقى في أغلب الاحيان رهينة السياسات الاسرائيلية دوما، والتي تمنع أي تغيير جذري وحقيقي في واقع قطاع الصيد الفلسطيني، مثل إعادة تأهيل ميناء غزة الدولي.

هدف الورقة:

تهدف إلى تحليل الإجراءات والسياسات والدور الذي تقوم به المؤسسات الرسمية، وغير الرسمية، والدولية، تجاه قطاع الصيد والثروة السمكية في قطاع غزة، في ضوء الانتهاكات الاسرائيلية المتكررة، وتقديم مقترحات سياساتية تهدف إلى النهوض بهذا القطاع فلسطينيا، ووقف الانتهاكات الاسرائيلية والتصدي لها.

المشكلة السياساتية

تطرح هذه الورقة المشكلة السياساتية التالية:

  • ما هي السياسات التي ينبغي اتخادها من أجل توفر الحماية للصيادين في قطاع غزة؟

واقع وسياق قطاع الصيد الفلسطيني:

وتعتبر شريحة الصيادين واحدة من أكثر الشرائح تضرراً في الحالة الفلسطينية بفعل ممارسات قوات الاحتلال الإسرائيلي على مدار العام، مما جعل من ظروف الصيد غاية في الصعوبة، حيث تقيد إسرائيل دخول المواد اللازمة لإعادة تأهيل القوارب المتضررة من إطلاق النار أو الحوادث في البحر، ويضطر الصيادون إلى تعطيل القوارب المتضررة. أثرت القيود المختلفة بشكل عميق على عمل الصيادين وإمكانيات الربح في هذ القطاع. حيث انخفض عدد العاملين في مجال صيد الأسماك من حوالي 10,000 في عام 2000 إلى حوالي 3,600 في بداية عام 2020م حيث يشير تقرير مسح القوى العاملة الذي يصدره مركز الاحصاء الفلسطيني، أن نسبة البطالة بلغت في مجتمع الصيادين 37.4%، وأن ما نسبته 47.1% من شريحة الصيادين غير امنيين غذائيا، فيما المعرضين لانعدام الأمن الغذائي وصلت 11.7% . وأظهرت دراسة لتحديد احتياجات الصيادين أن الغذاء يتصدر قائمة احتياجات الصيادين في حين يأتي التعليم في المركز الأخير. حيث أظهرت الدراسة، أن 91.94% من الأسر ضمن مجتمع الصيادين تعيش تحت خط الفقر وأن 556.7% من أسر الصيادين تعيش في فقر مدقع في قطاع غزة.

بناءً على اتفاقية أوسلو التي تم توقيعها بين قوات الاحتلال الاسرائيلي والسلطة الوطنية تم تحديد مساحة الصيد حتى 20 ميل بحري، حيث قسمت اتفاقية أوسلو وملاحقها البحر أمام شاطئ غزة إلى ثلاثة مناطق نشاط بحري وأطلق عليها أحرف كرموز وهي مناطق M,L,K ,ويمكن وصف هذه المناطق وفقاً لما ورد في الاتفاقيات على النحو الآتي:

المنطقة (k) و المنطقة (M) : حيث أن المنطقة K تمتد إلى عشرين ميلا بحريا في البحر من الشاطئ في الجزء الشمالي من بحر غزة و إلى 5.1 ميل بحري اتساعاً في اتجاه الجنوب، في حين أن المنطقة M تمتد إلى عشرين ميلا بحريا في البحر من الشاطئ في الجزء الجنوبي من بحر غزة و إلى ميل بحري واحد " 1 " اتساعاً من المياه المصرية. وطبقاً للشروط في هذه الفقرة تكون منطقتا M وK منطقتين مغلقتين، وتكون الملاحة فيهما مقصورة على نشاط البحرية الإسرائيلية.

المنطقة (L) : لمنطقة L محددة من الجنوب بالمنطقة M ومن الشمال بالمنطقة K وتمتد عشرين ميلا بحرياً في البحر من الشاطئ، وتعتبر المنطقة L ستكون مفتوحة للصيد و النشاطات الترفيهية و الاقتصادية حسب البنود التالية: أولا : قوارب الصيد لن تخرج من المنطقة L إلى البحر المفتوح ويمكن أن تصل محركاتها إلى حدود قوة 25 حصان إذا كانت فوق سطح القارب وتصل إلى سرعة أقصاها 15 عقدة للمحركات الداخلية، ولن تحمل القوارب أسلحة أو ذخائر أو تصطاد باستعمال المتفجرات. ثانيا: قوارب الترفيه يصرح لها بالإبحار إلى مسافة ثلاثة أميال بحرية من الشاطئ ما لم تحصل في حالات خاصة على موافقة مركز التنسيق والتعاون البحري ، وقد تصل محركات القوارب البحرية إلى قوة 10 حصان ولن تدخل أو تعمل أي من الدراجات البحرية ذات المحركات أو النفاثات المائية في المنطقة L .

إلا أن قوات الاحتلال الاسرائيلي لم تلتزم ببنود الاتفاقية خصوصا ًمع اندلاع انتفاضة الأقصى في العام 2000م حيث قامت قوات الاحتلال بتقليص مساحة الصيد الى 12 ميل بحري، كإجراء عقاب جماعي حتى العام 2006، إلا أنها عادت وقلصت هذه المساحة عقب فرض الحصار الإسرائيلي بعد سيطرة حركة حماس على قطاع غزة، لتقلص المساحة ما بين 3-6 ميل بحري فقط، خلال العام 2019 ، قلّصت إسرائيل المساحة التي تسمح لقوارب الصيادين من غزة بالوصول إليها تسع مرّات، وفي أربع منها مُنع الإبحار كليًا، كما تلقّى صيّادو غزّة 19 بلاغًا خلال العام عن تغيير مناطق الصيد المتاحة والمسافات التي تسمح إسرائيل بالوصول إليها. وبحسب مؤسسات حقوقية ، فقد سُجّلت في النصف الأول من العام 2020م 171 حوادث إطلاق نار من قبل سلاح البحريّة على قوارب الصيّادين. أصيب جرّاء إطلاق النار 6 صيّادين، وأعتُقل 3 منهم، من بينهم قاصر. كذلك، تسبّبت البحريّة بأضرارٍ جسيمة بسبعة قوارب، وأُعطبت تمامًا معدّات صيد كثيرة واحتُجز قارب واحد.

وفي ظل هذا الواقع، تتعدد وتتنوع أشكال الانتهاكات الإسرائيلية ، ولا تتواني قوات الاحتلال عن استخدام كافة اشكال القوة والقمع لهذا القطاع الحيوي من خلال ما يلي:

  • عدم التزام قوت الاحتلال الاسرائيلي بالاتفاقيات المعقودة مع الفلسطينيين اذ تفرض بالقوة حدود غير ثابتة.
  • الاستهداف الصيادين من خلال إطلاق النار أو اعتقال الصيادين أو مصادرة وإغراق المراكب بشكل متعمد.
  • عدم السماح بدخول قطع الغيار المطلوبة لتحسين وتأهيل مراكب الصيد، وما يحتاجه الصياد الفلسطيني من أدوات وآلات، وذلك بسبب الحصار الإسرائيلي وقائمة الممنوعات الإسرائيلية والتي تشمل أكثر من 72 صنف منوع إدخالها لغزة، وهو ما انعكس سلبا على حيوية القطاع، وأدى لتوقف العديد من الصيادين عن ممارسة مهنة الصيد.
  • منع الاحتلال من تسويق ونقل وتصدير الاسماك الى الخارج وخصوصا إلى الضفة الغربية.

التشريعات الفلسطينية المتعلقة بقطاع الصيد والثورة السمكية:

لا زال قانون الزراعة للعام 2003 هو القانون المطبق في قطاع غزة، والذي ينص في المادة 73 على أن تعد الوزارة نظاما خاصا بالثروة السمكية يصدره مجلس الوزراء على أن يتضمن الأمور التالية: 1- تنظيم مهنة الصيد والتراخيص والرسوم اللازمة لذلك. 2- تنظيم استيراد وتصدير وتسويق الأسماك والكائنات البحرية الأخرى والاتجار بها. 3- تحديد مواصفات وشروط ترخيص مشاريع تربية الأسماك واستزراعها. 4- تحديد مواصفات شباك الصيد والأعلاف والعقاقير واللقاحات والهرمونات اللازمة لمكافحة أمراض الأسماك. 5- تحديد مواسم وأوقات الصيد البحري. كما تنص المادة (74) على أن لا يجوز طرح أية نفايات صلبة أو سائلة أو مياه عادمة في مياه الصيد الفلسطينية أو أخذ الرمال أو اقتلاع الصخور من السواحل أو تغيير طبيعة قاع البحر. والمادة (75) التي تنص على أن لا يجوز استخدام الجرافات الشاطئية أو نصب شباك الصيد على مسافة أقل من مائة متر من الشاطئ إلا بإذن من الوزير. وعلى الرغم من إصدار الرئيس الفلسطيني قرار بقانون رقم (14) لسنة 2018م بشأن تعديل قانون الزراعة رقم (2) لسنة 2003م إلا أن هذا القرار ليس مطبقا في قطاع غزة، بسبب الانقسام.

ويوكل إلى الادارة العامة للثروة السمكية، مهام تطبيق هذا القانون، وهي الجهة المختصة والمسؤولة والمخولة عن تامين الاستفادة القصوى من الموارد السمكية من خلال الجرعات التطويرية لهدا القطاع والعمل على تطوير أنظمة الاستزراع السمكي وادخال انواع جديدة من الاسماك للتربية والاستزراع ومتابعة ترخيص الصيادين وحركة المراكب والاشراف على استدامة انشطة الصيد وحسن استخدام الثروة السمكية من خلال تحديد طرق الصيد واوقاته والادوات المستخدمة في الصيد، والمساهمة في عملية الامن الغذائي الوطني. وتعتبر وزارة الزراعة في قطاع غزة من أقل الوزرات من حيث نسبتها من الموازنة على صعيد السلطة الفلسطينية، وعلى صعيد النظام القائم في قطاع غزة أيضا.

ويلاحظ، أن الواقع المزري لقطاع الصيد والثورة السمكية الفلسطيني، قد ألقى بظلاله على حسن تطبيق التشريعات والقوانين، فحتى هذه اللحظة لا يوجد نظام للتأمين على مراكب الصيد، كما لا يتم تطبيق التعليمات المعلقة بحجم ونوع شباك الصيد، اذ يستخدم البعض شباك وطرق صيد غير قانونية، بالإضافة إلى انتشار ظاهرة الصيد دون ترخيص واستخدام اساليب غير قانونية. كما أدى عدم وجود ميناء بحسب المعايير الدولية المتبعة في إنشاء موانئ الصيد، إلى الانتشار العشوائي لمراكب الصيد على طول الشاطئ، وجود اعداد كبيرة من المراكب ضمن المساحة الضيفة المسموح بها بالصيد، كل ذلك يأتي في ظل قيام بلديات الساحل بألقاء المياه العادمة داخل البحر مما ادى الى تلوث مياه البحر.

في ضوء ما تقدم، تطرح هذه الورقة الخيارات السياساتية التالية للجهات الفلسطينية والدولية ذات العلاقة، في محاولة منها لوضع بدائل وطرح اقتراحات للمساعدة في خلق سياسات داعمة للصيادين الفلسطينيين ، وتفترض هذه الورقة أن الأطروحات التي ستقدمها يمكن العمل بها بالتزامن، حتى تنتج أثرها بشكل فعّال خلال فترة زمنية معقولة

البديل الأول: تدويل قضية الصيادين وطرحها أمام الجهات الدولية.

في ضوء أن القانون الدولي، والاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال لاسيمّا اتفاقية أوسلو، تسمح بمساحات صيد أوسع للصيادين في قطاع غزة، فإن هذا البديل يتمتع بالمشروعية القانونية والدولية، لذا فإنه من المهم أن تبدأ السلطة الوطنية الفلسطينية في الضغط عبر الأمم المتحدة، وأجهزتها الأممية على حكومة الاحتلال لوضع حد للانتهاكات الواقعة على الصيادين، والالتزام بتطبيق القانون الدولي الإنساني. و الطلب من المقررين الخاصين للاتفاقيات الموقعة من قبل الاحتلال الاسرائيلي على الضغط على دولة الاحتلال باحترام والالتزام بمواد الاتفاقيات التي وقعت عليها، ومحاسبتها على خرقها المستمر لهذه الاتفاقيات، خاصة العهدين الدوليين، والعمل على إثارة الانتهاكات الواقعة على الصيادين لدى المقررين الخاصين وأجسام وآليات الأمم المتحدة الأخرى، بما في ذلك لدى الأمين العام ومجلس حقوق الإنسان ومجلس الأمن.

البديل الثاني: تمكين الصيادين الفلسطينيين عبر اتخاذ سياسات وإجراءات توفر لهم الحماية.

انشأت السلطة الوطنية الفلسطينية، بموجب أحكام القرار بقانون رقم (12) لسنة 2013م، صندوق مستقل متخصص بالتعويضات عن الكوارث الطبيعية والتأمينات الزراعية بكافة أشكالها، ويسمى صندوق درء المخاطر والتأمينات الزراعية الفلسطيني، ولا يزال هذا القانون قاصرا في تعامله مع قطاع الصيد من جهة، ومع قطاع غزة بسبب ظروف الانقسام السياسي من جهة أخرى. إن تمكين الصيادين الفلسطينيين يبدأ من خلال ضم قطاع الصيد للخدمات التي يقدمها الصندوق، خاصة فيما يتعلق بالتأمينات، والتعويض عن أضرار تقلّبات الجوية والعواصف.

البديل الثالث: إعادة تأهيل وبناء ميناء غزة الدولي.

في الوقت الحالي يعتمد قطاع غزة على ميناء أسدود الاسرائيلي في النقل البحري، على الرغم من أن السطلة الوطنية الفلسطينية قد قطعت شوطا طويلا في إنشاء ميناء غزة البحري، حيث أنشأت السلطة سلطة الموانئ عام 2000م بعد جولات من المفاوضات مع الجانب الاسرائيلي بناء على اتفاقية أوسلو 1993م ، واتفاق شرم الشيخ 1999م الذين تم الاتفاق خلالهما على وجود ميناء فلسطيني، مع وجود تعهد فرنسي وهولندي بتأسيس الميناء بقيمة 96 مليون دولار أمريكي، إلا أن الميناء لم يتم تنفيذ سوى عدة أجزاء من مخطط بناءه الذي لم يكتمل حتى اللحظة، وبالتالي فإن عدم استكمال هذا الميناء ألقى بظلاله على واقع الصيادين، وبالتالي فإن إستكمال بناء الميناء هو في صميم تمكين قطاع الصيد الفلسطيني، حيث سيمكن ذلك الصيادين من بناء مراكب صيد أكبر في حوض يتسع لهذا النوع من المراكب.

للاطلاع على الورقة بصيغة PDF

تأتي هذه الورقة ضمن أنشطة مشروع "الشباب الفلسطيني كمدافعين عن حقوق الإنسان" ، و أن الاتحاد الأوروبي غير مسؤول عما ورد بها من معلومات.

 
 
الانجليزية...
 
 
ذات صلة
 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required