مفتاح
2024 . السبت 20 ، نيسان
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

حاييم رامون هو الحمامة التي تُرسل اهود اولمرت للفلسطينيين مع غصن زيتون في الفم. لدى رامون خطة سنورد لكم تفاصيلها لاحقا. هو مقتنع بأنه يتحرك بتخويل وتفويض. في ديوان رئيس الوزراء يدّعون بأنه يتحرك بضوء اخضر ولكنه ليس مفوضا. كل ما يقترحه يُعبر عن وجهة نظره هو. اذا مرت هذه الخطة بطريقة ما هنا وعند الفلسطينيين فستتحول خطة رامون الى خطة اولمرت بأثر رجعي. اذا لم يمر ذلك فستكون خطة رامون وحده. يطلقون على ذلك باللغة الدبلوماسية إبعاد الدليل.

رامون لا يكتفي بالاقتراح: بل هو يقترح الكثير.

هو أجرى مباحثات عدة حول تفاصيل خطته مع رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض، الذي رد بحماسة، اذا لم يكن على التفاصيل فعلى عناق رامون، ومع مسؤولين آخرين في الضفة. رامون اقترح الخطة على عمر سليمان، وزير المخابرات المصرية في لقاء جرى في القاهرة في شهر آب.

رامون يقترح بلورة وثيقة مبادىء من صفحتين ستحدد للمرة الاولى في تاريخ الصراع قاعدة متفقا عليها وملزمة لجوهر التسوية الشاملة. بالاضافة الى ذلك هو يتفاوض مع الفلسطينيين حول ما سيحدث على الارض، وما ستفعله اسرائيل وما سيفعلونه هم بعد مراسيم التوقيع في واشنطن.

وثيقة المبادىء ستدخل في أعماق اربع قضايا من قضايا لب الصراع: حدود الدولة الفلسطينية، الأمن، القدس واللاجئين. رامون على قناعة بأن خطته توفر ردا ايضا على احتياجات اولمرت السياسية وكذلك احتياجات أبو مازن السياسية، وكل وجمهوره.

الحدود: رامون يقول للفلسطينيين أن اسرائيل قد قررت حدودها في الضفة من اللحظة التي أقامت فيها الجدار الفاصل، الجدار سيكون هو الحدود مع تغييرات معينة. هذا يعني أن 3 – 8 في المائة من اراضي الضفة سيُلحق باسرائيل بما في ذلك الأحياء والمستوطنات اليهودية التي أُقيمت في شرقي القدس وفي الضفة.

هذا يعني حسب رامون أن اريئيل ومعاليه أدوميم ستُلحقان بدولة اسرائيل، أما كرني شومرون وبناتها، بيت ايل، عوفره، المدينة الاصولية تل تسيون وكل مستوطنات ظهر الجبل ستُخلى وتُسلم للفلسطينيين.

الفلسطينيون سيعوضون عن الاراضي التي سيفقدونها في الضفة بمساحة مماثلة داخل الخط الاخضر. رامون يتحدث مع الفلسطينيين عن ممر بري بين غزة والخليل. عرض الممر سيتحدد وفقا لحجم المساحة التي ستحصل عليها اسرائيل مقابل الكتل الاستيطانية. الاسرائيليون سيمرون من تحت هذا الممر أو من فوقه. في السابق اقترحت تسيبي لفني اعطاء الفلسطينيين نفقا يربط بين غزة والخليل، بينما اقترح شمعون بيرس ربط المنطقتين بسكة حديد. الرأي العام في اسرائيل سيجد صعوبة أكبر في قبول ممر من النوع الذي يقترحه رامون.

الوثيقة التي ستوقع في تشرين الثاني لن تتطرق للتفاصيل. هي ستنص فقط على أن الحدود ستُرسم على أساس خطوط حزيران 1967 وتبادل الاراضي. "سيكون بامكانكم أن تقولوا انكم حصلتم على 100 في المائة من الارض"، يقول رامون للفلسطينيين. "ونحن سنستطيع القول لجمهورنا بأننا قد قمنا بضم الكتل الاستيطانية للدولة كما وعد الرئيس بوش في رسالته لشارون الصادرة في الرابع عشر من نيسان 2004".

الأمن: في اتفاق المبادىء سيلتزم الجانبان بالتنفيذ الفوري بعد التوقيع للمرحلة أ من خريطة الطريق. الفلسطينيون ملزمون بنزع سلاح كل التنظيمات وفرض سلطة واحدة في المناطق، بينما يتوجب على اسرائيل إخراج قوات الجيش الاسرائيلي من المدن الفلسطينية واستكمال الترتيبات الأمنية التي بلورها الجنرال الامريكي دايتون واخلاء كل البؤر الاستيطانية.

للوهلة الاولى المهمة أكثر تعقيدا اليوم مما كانت عليه في الماضي. حكومة فياض غير موجودة في غزة. هي تكافح ضد حماس بصورة جلّية في الضفة. قضية الأمن مهمة لها بدرجة لا تقل عن أهميتها لاسرائيل، وهي تقترح على اسرائيل تعاونا واسعا في هذا المجال. هي تطالب اسرائيل بتفكيك حواجز والسماح بحرية الحركة، ولكنها مستعدة لقبول عمليات عسكرية اسرائيلية في كل مناطق الضفة وفقا للحاجة. فياض يعرف أن حكومته تعيش على أسنّة حراب الجنود الاسرائيليين. اذا انسحب الجيش الاسرائيلي فستحتل حماس مكانه.

القدس: رامون يتبنى في مباحثاته المبدأ الذي وضعه كلينتون في كانون الثاني 2001: شرقي القدس يُقسم بين الدولتين. الاماكن التي يقطنها اليهود تبقى تحت السيادة الاسرائيلية، والاماكن التي يقطنها العرب تنتقل للسيادة الفلسطينية. في الحوض المقدس، أي البلدة القديمة ومحيطها، ستكون كل ديانة مسؤولة عن اماكنها المقدسة. لا تُرفع أعلام وطنية، لا اسرائيلية ولا فلسطينية.

رامون يقول في مباحثاته مع الفلسطينيين أن اسرائيل ستقوم فور التوقيع على اتفاق المبادىء بتسليم السلطة الفلسطينية ثلاثة أحياء في أطراف شرقي القدس: الولجة، القرية الواقعة جنوبي القدس والمحاذية لمستوطنة جبل غيلو؛ السواحرة، وهو حي يقع جنوب شرقي المدينة على أطراف صحراء يهودا؛ وشعفاط، بجانب مطار عطروت. "اسرائيل ستكون قد قامت بلفتة مُعبرة عن حسن النوايا من خلال تسليم هذه الأحياء، وما هذه إلا البداية"، يقول رامون للفلسطينيين. رامون يقول للاسرائيليين من الناحية الاخرى أن تسليم الأحياء يمكنه أن يُفرحهم فقط: سيكون هناك عدد أقل من الزبائن المستفيدين من خدمات مؤسسة التأمين الوطني، وقدر أقل من وجع الرأس الديمغرافي.

اللاجئون: هذه المسألة الأكثر تعقيدا، كما يقول رامون لمحادثيه في الجانب الآخر. وثيقة المبادىء يجب أن تنص على أن حق العودة سيطبق في اطار الدولة الفلسطينية. اسرائيل لن تُدخل اللاجئين الى حدودها إلا في اطار حصة ستتحدد كبادرة انسانية. رامون يتحدث عن ألف عائلة، ولكن العدد يمكن أن يتغير خلال المفاوضات.

بالاضافة الى ذلك سيتشكل صندوق دولي لتمويل اعادة تأهيل اللاجئين. اسرائيل ستكون شريكة في ذلك.

بسطة مع أجندة

بعد إدانته احتار رامون كثيرا، إن لم يكن وقته قد حان للخروج من الحياة السياسية. هو علل قراره بالعودة الى الحكومة أساسا بشعوره بالالتزام نحو اهود اولمرت الذي سانده طول فترة المحاكمة. اليوم هو يشعر أن هدف وجوده في السياسة يتجسد في استئناف المفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين بعد سبع سنوات من الجمود. نافذة الفرص ضيقة حسب تقدير رامون. اذا لم تتوصل اسرائيل الى اتفاق مع أبو مازن خلال اشهر فسيعود للتحالف مع حماس.

في ديوان رئيس الوزراء يتابعون بارتياب تحركات رامون. هذا صراع حول القوة وكذلك صراع حول الجوهر. المجال السياسي كان في عهدة رئيس طاقم اولمرت، يورام توربوفيتش، والمستشار السياسي شالوم ترجمان حتى عودة رامون الى الحكومة. هما كانا الدائرة الداخلية لدى اولمرت ومبعوثيه الى المسؤولين في السلطة الفلسطينية والادارة الامريكية. رامون فتح بسطة خاصة به مع أجندة خاصة ايضا وعلاقات يمتلكها وحده وكذلك تحركات سياسية مستقلة. رامون يدعي بأنه يُمثل امتداد المفاوضات مع الفلسطينيين منذ عهد رابين. توربوفيتش هو قادم جديد في هذا المجال حسب وجهة نظره، أما ترجمان فهو الموظف الحذِر الذي يفرمل كل خطوة إبداعية. في ديوان اولمرت يقولون عن رامون بأنه يفرط في الابتعاد الى حد انعدام المسؤولية، وأنه سطحي ولا يتعمق في تفاصيل الاتصالات الدقيقة.

عندما سافر ممثل رئيس الوزراء الى المفاوضات حول الأسرى، عوفر ديكل، الى القاهرة لمقابلة عمر سليمان، انضم رامون اليه. اولمرت خوّل رامون بمرافقة اتصالات ديكل بصورة متواصلة. توربوفيتش وترجمان علما بأمر سفر رامون الى القاهرة فقط بعد أن هبط فيها. رد فعلهما كان غاضبا.

اولمرت ملزم بحسم الأمر، حسب رأي رامون. من الذي يريده أن يُدير المفاوضات من اجله، هل يريد أن يكون المسؤولون في ديوانه هم المخولون بذلك أم وزيرا مع قوة خاصة به وقدرة على الوصول الى الرأي العام.

القرار لا يتعلق بالاشخاص فقط. رامون يتوقع من اولمرت بأن يشرع في حملة لتليين شركائه في الائتلاف، وعلى رأسهم ايفيت ليبرمان وكتلته، وايلي يشاي وكتلته ووزراء كديما. حزب العمل لن يخرج من الحكومة طالما كانت هناك مفاوضات مع الفلسطينيين، ولكن لن تكون لديه حكومة من دون "اسرائيل بيتنا" وشاس. اولمرت يتجاوب في الاشهر الأخيرة مع مطالب ليبرمان وايلي يشاي في سلسلة من المسائل القريبة من جمهور الناخبين عندهما.

الانطباعات التي تتركها كل هذه الخطوات الايجابية بما فيها اللفتات المالية الملموسة سرعان ما ستختفي عندما يتوصل ليبرمان الى قرار مفاده أن حكاية الغرام بين رامون والفلسطينيين تضره عند ناخبيه.

رامون يتساءل لماذا لا يقوم اولمرت باعداد الرأي العام. مراسيم التوقيع على اتفاق المبادىء ستجري في شهر تشرين الثاني. واذا أخذنا الأعياد في الحسبان فليس هناك متسع كبير من الوقت.

في عام 1993 دخل رابين في عملية اوسلو على افتراض أنها عملية وهمية. من الممكن الافتراض أن اولمرت يفكر بمثل هذا السيناريو في رأسه. اذا كانت كونداليزا رايس تريد الى هذا الحد اقامة بيت للفلسطينيين – كلمة "بيت" هي كلمة تُكثر رايس من استخدامها في تعليقاتها وكلماتها – فلماذا التخاصم معها. واذا كان رامون يريد الدخول في النشاط السياسي فلماذا يزعجه.

في هذا الاسبوع، عندما زارنا هنا المستشار النمساوي ألفريد غوزنباور، تذكر اولمرت نُكتة قديمة ردا على سؤال حول تقدم المفاوضات مع أبو مازن: ابن أحد المحامين المخضرمين الذي انضم لمكتب والده قرر أن يتولى معالجة ملف قديم وسارع الى تسوية القضية. "ماذا فعلت؟" وبخ الأب ابنه وأضاف "نحن نعتاش من هذا الصراع منذ عشرات السنين".

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required