يدور الحديث حالياً حول سياسة جديدة ستتبعها الحكومة الاسرائيلية تجاه الصحافيين الفلسطينيين تُمنح بموجبها للصحافيين تصاريح خاصة للتنقل بين مدن الضفة الغربية وقراها خلال اجراءت الحصار الاسرائيلية. وقد ذكرت صحيفة "يديعوت احرنوت" على صفحتها الالكترونية انه "وحسب التعليمات الجديدة التي ما زالت قيد البلورة، سيمنح للصحافيين الفلسطينيين الذين يقطنون مناطق فلسطينية يفرض عليها طوق أمني، تصاريح خاصة للتنقل في هذه المناطق. وسيتمكن الصحافيون الفلسطينيون بواسطة التصاريح الخاصة من التنقل عبر الحواجز الأمنية بموجب التقيدات التي سيفرضها الجيش بدوافع أمنية مثل منع الدخول إلى منطقة عسكرية مغلقة".
ان مثل هذه الاجراءت ما هي الا تكريس لسياسة التضييق على الصحافيين بشكل عام والفلسطينيين منهم بشكل خاص. لقد تطلب في السابق ان يحصل الصحافيون الفلسطينيون على تصاريح خاصة تمكنهم من الدخول الى اسرائيل شريطة ان يكون الصحافي قد حصل على بطاقة الصحافة الاسرائيلية التي يصدرها مكتب الصحافة الحكومي الاسرائيلي، وهو امر اعتبرناه منافياً لجميع المواثيق الدولية التي تضمن للصحافيين حرية التنقل والحصول على المعلومات، ولكن في نفس الوقت تفهمنا الاسباب "الامنية" التي بررت فيها اسرائيل هذا الاجراء كونها تطبقه على جميع قطاعات الشعب الفلسطيني ومن ضمنهم الاطباء والمحامين والتجار وموظفي الهيئات الدولية. وعلى الرغم من اقتناعنا بانه اجراء عنصري الا اننا قبلنا به.
اما الآن فنحن امام وضع جديد يحد من حرية التنقل بشكل كبير حيث سيطلب منا الحصول على تصاريح خاصة للتنقل بين المدن الفلسطينية وسنصبح رهينة قرار يصدره مكتب التنسيق والارتباط المدني الاسرائيلي.
تتنافى الاجراءت الإسرائيلية المتمثلة بمنع الصحافيين من التنقل بحرية للحصول على المعلومات مع المادة التاسعة عشرة من "الميثاق العالمي للحقوق المدنية والسياسية" والتي تنص على ان "لكل شخص الحق في حرية التعبير، ويتضمن هذا الحق البحث عن المعلومات وجميع أنواع الأفكار وتسلمها ونقلها، عبر أية حدود، شفهياً أو كتابة أو طباعة، سواء على شكل فن أو أية وسائل أخرى يختارها".
وتذكر صحيفة يديعوت احرنوت في نفس الخبر انه "من المقرر أن تستخدم التصاريح المذكورة كبديل للبطاقات الصحفية التي أصدرها مكتب الصحافة الحكومي الإسرائيلي سابقا. وسيتم الحصول على التصاريح من قبل منسق عمليات الجيش الإسرائيلي في المناطق الفلسطينية وسيكون دور مكتب الصحافة الحكومي استشاريًا فقط". وهو ما يتنافى مع المادة 2 من "مسودة اتفاقية الأمم المتحدة" التي تنص على ان "الصحافي شخص حاز على صفته الصحفية إما بتشريع قومي أو بالممارسة. وكي يتمتع بحماية خاصة، على الصحفي امتلاك بطاقة صادرة عن السلطات القومية"
وبما ان اسرئيل هي التي تسيطر على جميع المناطق الفلسطينية فانها تعتبر "السلطة القومية" وهي التي تتحكم في جميع الطرقات والمعابر والحدود وبالتالي فان القانون الدولي يلزمها باصدار البطاقات الصحافية.
لقد برر مكتب الصحافة الحكومي الاسرائيلي اجراءات سحب البطاقات الصحافية من الصحافيين الفلسطينيين على انه "نابع من استغلال هذه البطاقات في بعض الأحيان لغايات سيئة بينها الدخول إلى إسرائيل. التنظيمات الإرهابية تبحث عن كل ثغرة ممكنة وبطاقة الصحفي يمكن أن تستغل لتحقيق أغراضها ".
ان هذا الاتهام خطير جداً و لا يمكن تعميمه على جميع الصحافيين او معاقبتهم على ما تقوم به، او قد تقوم به، جماعات فلسطينية لا علاقة لها بالصحافيين. وهو منافٍ للقاعدة التي تقول ان "المتهم برئ حتى تثبت ادانته "بل على العكس تماماً "المتهم مدان حتى تثبت براءته".
اتفق شخصيا مع داني سيمان، مدير مكتب الصحافة الحكومي الاسرائيلي بانه "ليس من صلاحيات المكتب منح تصاريح بالتنقل". وعليه فاننا لا نطالب المكتب باصدار التصاريح لنا بل نطالبه باصدار بطاقات صحافية مثلنا مثل جميع الصحافيين المتواجدين في اسرائيل وفي الضفة الغربية وقطاع غزة.