هذه هي المرة السابعة التي بدأت فيها هذه المقالة وأعدت كتابتها مرة أخرى. انها حول الحرب في العراق وهو آخر ما أريد الكتابة عنه. وشأن معظم الأميركيين أريد أن أصدق بأن الحرب ضرورية على الرغم من أن كل مبرر لشنها تحول الى شيء غير صحيح. أريد أن أصدق بأننا محررون لا محتلين. أناس طيبون وليسوا أشرارا. أريد أن أصدق بأن هناك سبيلا للخروج من هذه المحنة بما يجعل العالم مكانا أفضل مما كان عليه.

ولهذا فإنني، شأن معظم الأميركيين، أبقى هادئا. أقرأ العناوين وليس القصص الاخبارية. أرفض فهم الفوارق بين الشيعة والسنة. أستطيع أن أتهجى تكريت والموصل، ولكنني أرفض أن أتذكر أي مدينة متعاطفة مع صدام وأي مدينة غير متعاطفة. أنا المحتج الجديد على الحرب. أحمل غضبا وليس لافتات. أسير عبر ممرات مركز الوالمارت التجاري وليس في شوارع أميركا. أنا هاملت وقد قررت أن أكون أو لا أكون، بل لم أقرر شيئا.

قرأت أن جيشنا المحتل يستخدم الآن أساليب الجيش الاسرائيلي: احراق البيوت وتطويق قرى بكاملها بأسلاك شائكة، محتجزين عوائل المتمردين المشتبه فيهم. وأنا أيضا أشعر بالعار لأنني أبقى هادئا.

واليكم ما قاله أعد عقدائنا في العراق كما نشرته نيويورك تايمز: «بجرعة قوية من الخوف والعنف، والكثير من المال للمشاريع أعتقد أننا نستطيع اقناع هؤلاء الناس بأننا هنا لمساعدتهم». وذلك العقيد هو ممثلنا في العراق. انه الأميركي القبيح، وهكذا نحن.

لقد أحاطت قواتنا مدينة أبو حشمة بكاملها باسلاك شائكة. وحوصر أبناء المدينة التي يسكنها سبعة آلاف شخص مثل الدجاج لأن أحدا في المدينة هاجم قواتنا. وكان أحد الحواجز يحمل اللافتة التالية: «هذا الحاجز هنا لحمايتكم. لا تقتربوا منه أو تعبروه والا تعرضتم الى الرصاص».

وفي عالم الاحتلال هذا الذي يشبه «عالم أليس في بلاد العجائب» أقدر أنه من المحتمل اطلاق الرصاص على شخص من أجل حمايته. أنتم وأنا كتبنا هذه اللافتة. وقد كتبناها بحبر صمتنا. فهل أسلوب اسرائيل تجاه الفلسطينيين هو، حقا، النموذج الذي كان في ذهننا نحن الأميركيين عندما سعينا الى تحرير العراق؟ أنا يهودي وبينما أدعم اسرائيل لا أدعم سياستها الانتقامية. ولا أقول هذا كشخص مثالي، انما أقوله كشخص واقعي. واذا أدت السياسة الى تقليص العنف ودفع الطرفين الى محادثات السلام فقد ادعمها. ولكن جيشنا يختار نموذجا من الواضح أنه أخفق في اسرائيل وفق معايير أي شخص تقريبا. فكل تفجير انتحاري يثير انتقاما اسرائيليا يثير تفجيرا انتحاريا آخر. بل والأنكى من ذلك أنه يؤدي الى ألف ممن يمكن أن يتحولوا الى أشخاص انتحاريين.

وقد سافر العميد في الجيش الأميركي مايكل فين أخيرا الى اسرائيل لـ«تعلم الدروس التي استقتها اسرائيل من عمليات مكافحة الارهاب في المناطق المدينية». واذا كان هدفنا تحرير العراق ومساعدته على اقامة نظام ديمقراطي، فإنني لا أستطيع أن أفكر بمكان أسوأ للتوجه اليه لاستخلاص دروس من اسرائيل حيث يحتاج المواطن العادي الى شجاعة الجندي فقط ليصعد الى حافلة الركاب. واذا كان مبلغ الـ 87 مليار دولار لا يدفع الأميركيين الى الخروج الى الشوارع احتجاجا فانني لست واثقا من أن صور الأسلاك الشائكة ونقاط التفتيش ستفعل ذلك. ولكنها ستؤدي، بالتأكيد، الى نهوض هذا المحتج المعارض للحرب.