ابدا لم تغير اسرائيل موقفها، اغتيال الشيخ احمد ياسين ليس تحولا، نحن العرب والمسلمين فقط الذين نراه كذلك. ان اسرائيل كانت وستبقي تقايض قتيلا منها بالمئات من الفلسطينيين، هذا هو حالها، ام نحن فنكتفي بالشجب حين يكون الخطب جللا.
لا يمكن ان نلقي باللائمة علي فئة منا دون الاخري لاننا مهما نظمنا المسيرات ورفعنا الشعارات المعادية لاسرائيل وامريكا نعود لنعيش حياة طبيعية وكأن فلسطين تحررت والصلاة في المسجد الاقصي صارت متاحة للجميع.
نشجب ونندد وحين تبرد فورة حماسنا نترك الفلسطينيين يواجهون مصيرهم، وكأن التعرض للتنكيل من طرف الاسرائيليين قدر محتوم.
اسرائيل تغتال علنا والعرب والمسلمون يتلصصون الزيارات اليها، ويقدمون التبريرات في حال افتضاح امرهم.
ماذا بقي من الفلسطينيين؟ فالرئيس عرفات يحاصر والبرغوثي يختطف ليحاكم والشيخ احمد ياسين يسجن وحين يطلق سراحه ينجو من محاولة اغتيال ليذهب ضحية اخري.
اسرائيل ثابتة علي مواقفها، انها تشن علي الفلسطينيين بماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم حربا شعواء، تريد طمس الهوية وتغتال الرجال الفاعلين والاطفال رجال المستقبل ومن يفلت من بينهم سيعيش ابد الدهر يتيما.
ولان اسرائيل تعرف بدرجة سذاجتنا فانها تدارينا من حين لاخر، ترمي لنا عظما كالكلاب لزرع الشقاق، لانها واثقة من كون الشرخ الذي احدثته يصعب تصحيحه، وما ان تفكر في العودة حتي تقضي ليلها في المناطق المسترجعة التي بات دخولها عصيا حتي علي العديد من الفلسطينيين الشرفاء لان آلة القتل ستكون في انتظارهم لكونهم لم يشربوا الكأس التي شربناها.
القتل لغة اسرائيل، اما نحن فاستأنسنا به الي درجة ان اغتيال فلسطيني او اثنين او العشرات لم يعد يحرك فينا ساكنا، ندعي الي ضبط الناس فنكتمها، يموت الاشقاء لتحيي اسرائيل ونصمت، تستباح الحرمات ونصمت، ولو لم يكن من اغتالته الايادي الآثمة بالامس هو الشيخ احمد ياسين الرجل الرمز الذي وان صار مقعدا ظل اقوي من الاصحاء لما تكلمنا، وربما كانت اسرائيل اكثر تقديرا لقوة الشيخ فدبرت لقتله حين تأكدت ان حيلها لن تنطلي عليه.
هكذا هم الرجال يشحذون الهمم وهم احياء ويوقظون الضمائر حين يرحلون.
ما أكثر الذين سقطوا شهداء ونسيناهم، ما حركه فينا اغتيال الشيخ يبدو كأنه آخر رسالة منه لنظل يقظين، فاسرائيل ان نسيناها لن تنسانا، وليتحمل شارون تبعات فعلته. - الحياة اللندنية-