استأذن الفيلسوف الكبير روجيه غارودي في استعارة عنوان كتابه أمريكا طليعة الانحطاط المترجم إلي عدة لغات ومنها العربية ليكون عنوان مقالي هذا الأسبوع إنه أبلغ عنوان، يتناسب مع الممارسات الأمريكية في العراق. تلك الجرائم التي ارتكبت من قبل جيوش الحرية والتحرير التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية في العراق بهدف تعميمها علي العالم العربي، نعم إنها الحرية المطلقة للجنود والضباط والمرتزقة ليفعلوا بالشعب العراقي ما يفعلون، ويفعلوا بالأسري العراقيين رجالاً ونساءً ما يحطم كبرياءهم ويهين كرامتهم وينزل بهم تحت عدسات التصوير إلي أدني درجات الإذلال والإهانة. كنا نريد الاستماع إلي آراء السيد الحكيم وزمرته وأحمد الشلبي وعصابته والسيد بحر الظلمات وحاشيته في شأن ما جري للأسري العراقيين علي يدي محرريهم ـ كما يقال ـ هل هذه كانت غايتكم عندما استعنتم بجحافل الشر علي تحطيم بلاد الرافدين وإذلال شعبه والتشهير به علي شاشات التلفزة العالمية. أقولها بأعلي الصوت نعم إنها غايتكم من أجل أن تستمتعوا بالقصور التي كنتم ترفضون بناءها في العهد الماضي وتستبدون بخيرات العراق.

لقد صمتت عصابة السبعة في مجلس الحكم عن تلك الجرائم بعض الوقت إلا النطق بكلمات متناثرة تقال هنا وهناك بلا مضمون في الوقت نفسه أثارت ثلة من العصابة وأولهم جلال الطالباني مخلب الصهيونية في العراق الذي انبري يبرر تلك الجريمة الشنعاء، كما فعلت عصابة السبعة في مجلس الحكم.

(2)

في الجانب الآخر انفلتت عصابة الخمسة الإرهابية في واشنطن من قمقمها لتواجه كاميرات التلفزة العربية والأمريكية لتبرير الجرائم التي ارتكبتها القوات الأمريكية ضد الأسري العراقيين وخاصة في سجن أبوغريب، وهنا اعتذر للقارئ العربي عن عدم إعادة نشر ما قيل في كثير من الصحف علي لسان عصابة الخمسة في واشنطن علي إثر نشر صور الجرائم البشعة ضد الإنسان في العراق، يقول نائب وزير الخارجية أرميتاج إن هذا النوع من الانتهاكات لحقوق الإنسان يحصل في كل الجيوش وزير الدفاع رامسفيلد قال أن أي أمريكي يشعر بالأسف للانتهاكات التي ارتكبها الجنود الأمريكيون (النهار6/5) وقال الجنرال جيفري ميلر الذي نقل من غونتاموا إلي العراق ليكون مسؤولا عن معتقلات العراق يقول انه غير آسف في شأن استخدام الجنود الأمريكيين بالعراق أساليب قاسية وضعت لانتزاع معلومات من المعتقلين هذا ما صرح به لصحيفة واشنطن الأمريكية يوم 6/5/2004، أما ما قاله للصحافة العربية فإنه قول مختلف يقول أود أن أعتذر شخصياً لشعب العراق عن هذه الأعمال من جانب عدد صغير من القادة والجنود الذين انتهكوا سياستنا واقدموا علي اقتراف أعمال إجرامية .

هكذا تفعل إدارة الكذابين في واشنطن يخاطبوننا بلغة ترضينا إلي حد ما ويقولون أمام شعبهم شيئا آخر يقول زعيم عصابة الخمسة في واشنطن ان وزير الدفاع رامسفيلد والقادة العسكريين في العراق يعملون عملاً جيد (6/5/2004) ومن حق أي إنسان في العراق أو العالم العربي أو الإسلامي أن يتساءل هل اقتحام بيوت المدنيين في العراق وإهانة الأب والزوج والأخ أمام أطفالهم وقتل بعضهم واعتقال البعض وإهانة المرأة أمام أولادها وزوجها وتعريتها واعتقالها بعد سرقة مقتنيات البيوت عمل جيد، هذه الأفعال هي جزء من الثقافة الأمريكية. يقول الرئيس بوش ان الأعمال اللأخلاقية التي قام بها جنوده ضد المعتقلين العراقيين لا تعبر عن الولايات المتحدة الأمريكية التي يعرفها، والكاتب يؤكد أن هذه الأفعال هي من ضمن الثقافة العدوانية لجيش وإدارة الولايات المتحدة الأمريكية في كل العصور ولا نريد أن نغوص في تاريخ الولايات المتحدة وما فعلوه في الهنود الحمر قديماً ولا نريد أن نسرد أحداث قام بها الجيش الأمريكي والمخابرات بعلم الإدارة الأمريكية في كل زمان في أمريكا اللاتينية والكاريبي إنما نورد نموذجاً واحداً نشره كروسبي مويس مراسل واشنطن إيفننغ ستار في 18/4/1970 يسأل الصحفي السناتور بوب كيري زميل جون كيري ـ المرشح للرئاسة الأمريكية هذه الدورة ـ عن سياسة أمريكا في فيتنام. قال له إن سياستنا في فيتنام لا تختلف عن حرب إبادة وأن المسؤولية تقع علي كافة مستويات قياداتنا، وسأله الصحافي هل قمت أنت شخصياً بارتكاب جرائم يعاقب عليها القانون أجابه كيري ـ لقد كان هناك كل ما يخطر علي بالك هذه الفظاعات والجرائم، وأحب أن أعترف بأنني نعم، نعم، ارتكبت مثل هذه الفظاعات والجرائم مثل الآلاف من الجنود... لقد شاركت في مهمات قتل، وتدمير، وإحراق قري. وهذا كله انتهاك لقوانين الحرب واتفاقيات جنيف، وكل ذلك تم بناء علي أوامر مكتوبة وفقاً لسياسة حكومة الولايات المتحدة من قمة الهرم حتي القاعدة، وإنني أعتقد أن الرجال الذين رسموا هذه السياسة، الرجال الذين صمموا منطقة النار الحرة، الرجال الذين أعطونا الأوامر، الرجال الذين وقعوا علي أوامر القصف الجوي، أعتقد أن هؤلاء الرجال... مجرمو حرب).

نعم لقد بدأت الحقائق تظهر وهناك اعترافات بأن الذين فعلوا بأسري العراق ما فعلوا إنما كان بموجب تعليمات وتوجيهات عليا وكذب من قال غير ذلك.

(3)

يتحدث عصابة الخمسة في واشنطن عن دفع تعويضات للذين أهينوا في العراق والذين عذبوا. نريد أن نذكر بأن المال لا يعوض الشرف والكبرياء عند العرب وحتي لو دفعت تعويضات وقبل بها الطرف المهان فإن ذلك لن ينسيه ما حل به، فالوطن كله أهين والرجال كلهم ذلوا من قبل جيوش الاحتلال وكذلك النساء.

الشعب العراقي لن ينسي وأنه لابد أن يثأر لكرامته التي أهينت ولشرفه الذي حطم ولقيمه التي دنست بفعل جيش الغزاة الغاصبين.

آخر القول حكمة عربية تقول: الثأر لا ينسي وإن طال مداه. - القدس العربي -