تكتسح دبابات و جرافات المجرمين الصهاينة جدران القلب الفلسطيني تسويها بالأرض تدمرها, لكن قلب رفح الباسلة يظل ينبض بحب البلاد, يقاتل من أجل حريتها و سيادتها, يخرج من جراحه غصن الحياة الكريمة و يتشبث بالجموح و يتمسك بالصبر و التحدي على طريق تحقيق كامل أهداف شعبه في إنتزاع أركان الإستقلال و العودة و إنشاء الدولة الفلسطينية موفوره الشروط و الصفات السيادية, عاصمتها القدس الشريف.
تغير طائرات الطغمة الشارونية السادية على ضفة الفلب الفلسطيني في رفح و في كافة مدن و قرى ومخيمات الأرض المحتلة, فلا تفقد أنهار الإنتماء و الصلابة في هذا القلب الثائر تاج خصوبتها و أوردة تدفقها الكياني المطوقة بكل أسباب الشموخ و العزة العربية الفلسطينية.
يعتدي الصمت العربي و الدولي على بيوت الناس في رفح و مخيماتها, كأنك تراه يرسم علامات الهدم على المنازل قبل أن يشرع مرتكبو مجازر دير ياسين و غزة و جنين و قانا و صبرا و شاتيلا ..إلى نسفها بالحاقد المتطور من أدوات الفتك و التعذيب و التدمير...
كم ذكرى ستحيي الإرادات الفلسطينية و مواجعها و أحزانها التي لا تتوقف في نفس اليوم الذي تحيي فيه ذكرى مجزرة أو ذكرى نكبة و إغتيال شهيد و إجتياح غاشم صهيوني جديد؟ كم لحداً لنجوم وكواكب و قوافل راحلة خالدة ستتسع ذاكرة الفلسطيني و كم من قبضان سجون في الضلوع المتمردة يحطمها الغضب الفلسطيني العربي المبارك؟
هل تحتاج غابة النكبات الفلسطينية و العربي و الإسلامية إلى المزيد من أشجار الزفرات و الحرقات و الآلام و الدموع حتى تتحرك الأمم المتحدة و دولها لحماية الشعب الفلسطيني و منع تدمير منازله و حقوله و مصانعه و مؤسساته و كل بنيته التحتية و وقف مسلسل تصفية شعب الرباط و البطولات و إغتيال آماله و تطلعاته التحررية التي ناضل و كافح و إصطبر و صابر من أجل تجسيدها عبر تقديم شلالات سخية من دماء الشهداء الأبرار طوال مسيرة من العطاء و البذل الأسطوريين تمتد إلى عشرات السنين في ثورات و هبّات و إنتفاضات و نضالات في مختلف أشكالها؟ ألا توجد محكمة عربية رسمية تصدر قرارات واضحة, تملك قوة التنفيذ و شجاعة التحرك العملي, فتلجأ إلى نقض قرار محكمة الظلم و الإفتراء و البطش"القراقوشية" الصهيونية العليا, فتمنع تدمير مساحة تسعة كيلو متر مربع من أحلام و أرزاق و جهود و املاك و منازل و مزروعات الفلسطينيين الأباة في رفح؟ هل توجد هناك قوة في العالم-حتى لو نصف عادلة- ترغم إسرائيل الإرهابية التوسعية العنصرية على تنفيذ فوري لكل مقررات الشرعية الدولية و الإنسحاب من كل الأرض العربية التي إحتلت بفعل عدوان عام 1967؟
لقد لقيت عملية إغتيال الرئيس الدوري لمجلس حكم التوابع, عز الدين سليم, المعين في العراق بقوة وجبروت الغزاة الأمريكان, إدانة عربية دولية واسعة. .في وقت عضَّت فيه على ألسنة العجز و الإستخذاء أسنان الفرار و النفاق في مختلف الجهات الإقليمية و الدولية..فيما يتصل بالمجازر اليومية المرتكبة ضد شعبنا الفلسطيني في رفح و غزة و الضفة و قتل المدنيين الفلسطينيين وتجريف بيوتهم و بيوت عوائلهم .. و قضايا تعذيب السجناء و السجينات من أبناء و بنات الرافدين و الإنتهاكات اليومية التي يتعرض لها الشعب العراقي الأبي, كما أن "التضامن العربي" كان سيئاً إلى أبعد حد فيما يتعلق بالوقوف إلىجانب سوريا في مواجهتها للتهديدات و التهم الباطلة و العقوبات الإقتصادية الجائرة..
إن الصهاينة في نسفهم و تجريفهم لبيوت وممتلكات شعبنا في رفح, إنما يحاولون, دون نجاح, أن يتخلصوا من جبال الخزي و الخوف و الإرباك التي إستقرت فوق صدر ثكنتهم الإجرامية الصهيونية الشارونية, بعد العمليات الرائعة النوعية التي سطرتها, بطولة و جرأة, كتائب النسور و الفخر و العنفوان الفلسطينية. في حي الزيتون و في رفح و غزة.. إن خدعة الإنسحاب من غزة, التي يستثمرها شارون في قتل أكبر عدد ممكن من أطفال و شيوخ و نساء و شباب شعبنا, تكبر كل يوم فصولا مأساوية, دامية وحشية دون أن يرف جفن لعين الحق و العدل و الإنسانية, فلا ترى الأمم المتحدة, التي تملك الولايات المتحدة نصيب الأسد من رصيد قراراتها و صلاحياتها, تتحرك للحديث عن حقوق الإنسان و الإتفاقات الدولية و القرارات الملزمة و معاهدة جنيف الرابعة..إلاّ لغزو دولة عربية كالعراق, أو إسلامية كأفغانستان, أو لفرض عقوبات إقتصادية ضد دول عربية و إسلامية..
فهل يريد المجرم الإنسحاب من غزة بعد أن تفرغ-لا سمح الله- بفعل التصفية و الجرائم و التدمير و التشريد, من سكانها و أهلها البواسل؟ - الحقائق -