أسافر وحيداً في صحراء العرب ، أبحث عن نسمة هواء تجفف عرقي ، أسترد منها بعض أنفاسي ... وقطرة ماءٍ تطفئ عطشي ... وكسرة خبزٍ من بر تسكت جوفي .. آه .. آه يا صحراء العرب !!
مجهد أنا ومتعب في آن معاً ، أفتش عن خيلٍ كانت رابضة هنا ، بينها فرس (( مكر مفر مقبل مدبر معاً )) وسيوف وتروس ورماح ... وقصص عشق عذري ... تدفعني للسير حثيثاً نحو الصحراء ، ليستعيد وجهي ملامحه وسمرته العربية التي أعشق ... أستنجد شجاعة عنترة ، وكرم حاتم ، وإقدام خالد ، ودهاء معاوية ، وتسامح الحسن ، ونخوة المعتصم ... آه ... آه يا صحراء العرب .
كذبت علينا كتب التاريخ ... وزورت قصص العشق العذري المروية والمدونة ...
لا خيول ولا سيوف ولا شجاعة ولا إقدام ولا كرم ولا عشق بقي في صحراء العرب ... جدباء أنت ... جدباء يا صحراء العرب ... سراب أنت ... سراب في صحراء العرب ... لا تنتظروا ... لا تنتظروا ... أقف عارياً في وسط الصحراء فلم يعد فيها عرب وأصرخ بأعلى صوتي ، لا من يسمع ، لا من يرى ولا أسمع لصوتي صدى !!
أصرخ : زادي أنا ... وأنا زادي ... سيفي أنا ... وأنا سيفي ...
سأنزع لحمي عن عظمي ... وأبحث فيه عن خبزي ... وأشرب كأساً من دمي يطفئ عطشي ... ويعيد نشأتي وتكويني ... وأصنع من عظمي سيفي وقلمي ، وأعيد كتابة تاريخي وأواجه قدري بأظافري ... ولن أنتظر ولن أنتظر !!
وأرسم صورتي بدمي على رمل الصحراء ... وأنقش فوق الصخرة المشرفة وصيتي ... وأقول هيهات هيهات ... قـد صدئت كل سيوف العرب ... وتكسرت كل الرماح ... وخطفت عبلة ... ولم تهتز حمية عنترة ... ولم تتحرك نخوة المعتصم ...
-2-
وأمضي في طريقي دون أن أتوسل للرياح والعواصف أن تهدأ كي تبقي لي رسمي فوق الرمل شاهداً ... أني كنت يوماً ما ... في صحراء العرب ... قد أصبح الكل يعشق السفر من أرض العرب ... بحثاً عن كسرة خبزٍ ... أو ذرة من بقايا حمية أبي جهل ... أو بقايا نخوة المعتصم
ولم تعد عبلة تعشق فينا عنترة ... فقد عظم الله أجر العرب .