المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية شون ماكورماك يقول ان الولايات المتحدة ستواصل سياسة تشجيع دول الشرق الاوسط على الانتقال الى الديمقراطية رغم ان الانتخابات الاخيرة التي جرت في اكثر من مكان لا سيما مصر والاراضي الفلسطينية اظهرت تقدم الحركات التي وصفها بـ «التطرف» والتي تدعو الى قطع العلاقات مع الكيان الاسرائيلي‚‚ وهو يعني هنا الفوز المستحق لحركة «حماس» في الاراضي الفلسطينية‚ والاخوان المسلمين في مصر‚
ويأتي هذا الكلام الذي يظهر وكأن الادارة الاميركية تعترف بالارادة الفلسطينية والقبول بحكم صندوق الاقتراع‚ في نفس الوقت الذي يتصدى «بيت الديمقراطية الاميركي» مجلس النواب‚ رافضا اختيار الشعب الفلسطيني‚ ومطالبا السلطة الفلسطينية باقصاء جزء مهم من الشعب الفلسطيني في الانتخابات التشريعية المقرر اجراؤها في 25 يناير المقبل‚ ما لم تعترف الحركة الفلسطينية المقاومة بـ «حق اسرائيل في الوجود كدولة يهودية»‚ والعمل على تفكيك بنيتها التنظيمية والتسليحية وعدم السماح لها بالمشاركة في أية حكومة قادمة وإلا فان الادارة الاميركية ستعيد النظر في المساعدة المالية للفلسطينيين وفي العلاقات «الطبيعية» مع الولايات المتحدة‚
لكن هل يفهم من الموقفين بين ما قاله ماكورماك الذي على الاغلب يراد منه تحسين الصورة الاميركية لدى الرأي العام العالمي والعربي والايحاء بقبول شروط اللعبة الديمقراطية‚ وقوله ان الولايات المتحدة تثق في حسن اختيار الشعوب «رغم وجود جماعات رجعية تريد التخلي عن المكتسبات والعودة الى سنوات العداء»‚ وبين قرار مجلس النواب الاميركي الذي يؤكد على مدى الانحياز الاميركي للكيان الاسرائيلي في تبني الاجندة الاسرائيلية وعلى التدخل السافر بالشأن الداخلي الفلسطيني وعدم الاكتراث بخيار الشعب وارادته‚
واكتساح «حماس» للانتخابات البلدية في المدن الكبرى بالضفة الغربية‚ وفي معاقل حركة «فتح»‚ سيشير الى تغيير في المزاج الشعبي‚ وهذا امر ليس بالسهولة التي قد يفكر بها المشرع الاميركي‚ لانه محكوم بنظرية الاحادية وانغماسه في المخطط الاسرائيلي الذي يعوق التسوية ويضع العراقيل امام الاستحقاقات في هذا الشأن‚
واذا كانت الادارة الاميركية تثق فعلا بحسن اختيار الشعوب فلماذا تعترض طريق هذا الاختيار‚ ولماذا لا تفكر هي ومجلس نوابها عن اسباب هذا التحول لدى الشعب الفلسطيني‚ وهذا الخيار الذي يقلق الاميركيين والاسرائيليين معا‚‚ أليس الامر مرتبطا بالسلام والحقوق والغطرسة والفوقية التي يتعامل بها الطرفان مع الشأن الفلسطيني‚
ألا يساءل مجلس النواب الاميركي ومعه الادارة الاميركية وحليفهم الكيان الاسرائيلي‚ ان حصاد مفاوضات التسوية الطويلة والتضحيات والتنازلات التي قدمتها السلطة والقيادات الفلسطينية المسالمة لصالح الاعتراف بـ «حق اسرائيل بالوجود»‚‚ لم يثمر سلاما او دولة فلسطينية او انسحابا من الاراضي الفلسطينية‚‚ الامر الذي اقنع الفلسطيني البسيط ألا خيار امامه سوى المقاومة‚‚ وحماس كانت هي الوسيلة حتى يعبر الفلسطينيون عن خط سيرهم ومستقبلهم بعد ان يئسوا من الخيار الآخر‚‚ وهذه هي الرسالة. - (الوطن القطرية 19 كانون اول 2005) -