انتهت المرحلة الأولى من الانتخابات في غزة للمجالس البلدية بفوز ساحق لكتلة التغيير والإصلاح التابعة لحركة حماس، حيث حصلت الحركة على غالبية مقاعد الدوائر الانتخابية. إذ فاز أتباع الحركة في 7 بلديات من أصل 9 ضمن المرحلة الأولى من الانتخابات.
جرت الانتخابات في أجواء ديمقراطية وبإقبال كبير من الناخبين حيث بلغت نسبة الاقتراع فيها 90%، هذا بحسب ما أوردته وكالات الأنباء نقلا عن اللجنة الانتخابية المحلية. وقد فازت حماس في بلديات بيت حانون ، دير البلح ، الزوايدة، خزاعة ، بني سهيلا، الشوكة و النصر.. بينما فازت حركة فتح فقط في بلديتين هما المغازي و الزهراء، هذا وفازت عائلة المصدر ببلدية المصدر.
يعتبر هذا الأمر إنجازاً كبيرا وضخما لحركة حماس التي امتنعت عن خوض الانتخابات الرئاسية للسلطة الفلسطينية، ولو أن حماس دخلت لعبة الانتخابات لرئاسة السلطة لكنا بالتأكيد شهدنا انتخابات ساخنة جداً وغير ذات وجهة واحدة.
على كل حال فان مشاركة حماس في انتخابات المجالس البلدية خطوة صحيحة في الطريق الصحيح نحو الانخراط في الحياة الديمقراطية، ولأن حماس تمتلك نظرة سياسية ثاقبة وبعيدة المدى وبما أنها استفادت من تجربة الفصائل الفلسطينية الأخرى في مراحل العمل السابقة، والتي كانت بحجة الرفض أو بسببه تترك الساحة لحركة فتح، التي بدورها تحكمت ولازالت تتحكم حتى اليوم بالساحة الفلسطينية وبمقدراتها. حماس تجاوزت تلك العقدة ودخلت اللعبة من بابها الأوسع ففازت في غزة ولا ندري ماذا بعد غزة..
الآن يتوجب على حركة حماس البحث عن حلول وصيّغ وأساليب للتوفيق بين عملها المقاوم ضد الاحتلال وشغلها المسالم في خدمة شعب فلسطين المحاصر في قطاع غزة من قبل جيش الاحتلال الصهيوني. فتوجهات السلطة الفلسطينية بقيادة رئيسها محمود عباس ابو مازن توجهات معروفة وواضحة، ذات خيارات سلمية مهادنة لأقصى الحدود، وقد عبر عنها نفس أبو مازن في أكثر من مناسبة كما انه يحرص على التعيبر عنها في كل حديث او خطاب او تصريح صحفي.ومما يزيد حرج أبو مازن هو تصريحات شارون الذي يعلن رضاه عن عمل السلطة في ظل قيادة أبو مازن لكنه يرفض دفع فاتورة توجهات الطرف الفلسطيني ويؤكد على مواصلة نهج الاغتيالات والتصفيات والملاحقات.
بين اعتدال ابو مازن ومهادنة محمود عباس وشراسة وعدم تراجع شارون عن توجهاته، يتوجب على حماس أن تجد مكانها الذي تستحقه ويليق بتضحياتها في ظرف فلسطيني صعب وحساس وخطير. وما الانتخابات الغزية سوى رسالة واضحة ومختصرة عن رأي الشارع الفلسطيني في القطاع بالوضع الفلسطيني وعن خياراته الأساسية. فالمقاومة وحدها لا تحرر الأرض المحتلة ولا تبني الدولة، لذا على أصحاب نهج المقاومة العمل الجدي لاستثمار مقاومتهم وتضحياتهم الجسام، وما فعلته حركة حماس يعتبر عملا كبيرا واستثمارا ضخماً للتضحيات الجسيمة والضخمة التي قدمتها هذه الحركة خلال الخمس سنوات الأخيرة بالتحديد. فقد فقدت حركة حماس معظم قيادييها ومؤسسها ونسبة كبيرة جدا من كوادرها السياسيين والعسكريين. إذن ترك كل تلك التضحيات بدون استثمار كان سيعتبر ضرباً من الجنون وتصرفاً أحمقاً. لكن الوعي السياسي والمسئولية العالية التي يتمتع بها قادة حماس جعلتهم يختارون الطريق الصحيح الذي مكنهم من إيصال رسالتهم إلى الشعب الفلسطيني أولاً وعبره وبشكل ديمقراطي حر إلى الاحتلال وأعوانه وللمرددين لمقولاته ولكل العام، فكانت الرسالة ان الشعب الفلسطيني في غزة اختار من رأى فيه الخير وابتعد عن الفاسدين والزاحفين نحو سلام مع الاحتلال مهما كان ثمنه.