إن العمل التثقيفي بين الجماهير عمل هام ، وعمل شاق في آن واحد لأنه يأخذ بالاعتبار مجموع العوامل المؤثرة في الناس من الأفكار والمعتقدات والاتجاهات والعوامل النفسية الفردية والجمعية في مقابل العوامل السياسية والإجتماعيه والإقتصاديه والحياتية ... لذلك فان من يتصدون للعمل مع الناس و فئات المجتمع المختلفة وخاصة من المؤسسات الحكومية وغير الحكومية يجب أن يكونوا نمطا صبورا مثابرا منفتحا من الناس.
الأكل والنظافة ورعاية الأبقار
إن العمل لخدمة الجماهير يشتمل على أبواب عدة يجب أن تفتح لتصبح خدمة الجماهير تعنى بالصغير والكبير من شؤونهم ، الملحّ والمؤجل ، الواقع ضمن ( أجندة ) هذه المؤسسات أو المحقق ( لأجندة ) الناس المختلفة ، إن تعدد المنظمات غير الحكومية والنقابية والجماهيرية يجب أن يفترض خدمة الشرائح بشؤونهم الحياتية اليومية في مأكلهم ومشربهم ، في نفوسهم وآمالهم ، في أحلامهم وراحتهم ،في شوارعهم ، في النظافة ، في البيئة السليمة ، في أعمالهم: في الزراعة ، في الحصاد ، في تربية النحل ، في رعاية الأبقار ،و في تيسير القروض ، في جمعيات الإسكان ، في العلاج ، في دعم المعاقين ، في توفير الأدوية ، في حل الإشكالات العائلية ، في تصفية النفوس ، في التقريب بين الطوائف ... الخ من الأهداف .. لا أن يتوقف عمل هذه المنظمات عند نافذة .
الثلاثية السهلة
إنهم يطّلون على الناس من نافذة مفتوحة ، سهله نسبيا ، سلسة ، تتفق مع (أجندات ) الممولين ، أو أفكار المنفذين غير المؤهلين الذين يقومون بما هو ليس عملهم الرئيسي فيلجئون لمعادلة ثلاثية ( ورشة .. ندوة .. دورة )؟؟! وما أهمية ورشه عن النظافة والمطلوب حملة قوميه في هذا الموضوع !! وما أهمية عمل شعبي ضد الجدار عبر ندوة ؟! وما أهمية ندوة عن القروض الميسرة والبنوك لا تستجيب ؟! وما أهمية دورة عن احترام الجمهور لإشارات المرور والإشارات معطلة ؟! وهكذا ... إن هناك ضرورة في خدمة الناس مباشرة ، على الأرض ، معهم في كل مكان ... لا أن نملأ الوادي ورش وندوات ودورات ... بل لنملأ الوادي سنابل .
في نفس السياق فإن اللاجئين لعمل الثلاثية السابقة في كثير من الأحيان غير متخصصين ، وغير مهدفين عملهم التأثير في الناس وتحفيزهم وتثقيفهم وتغييرهم ... لأن كل من له فم أصبح أمامه ثلاثة احتمالات إما أن يغني في الحمام أو في السوبر ستار أو يصبح مقدما في ورشة هي ليست من اختصاصه .
التدريب بناء للأفكار الإيجابية
إن التدريب التنظيمي والتثقيف الوطني مهمتان أساسيتان ترتبطان بقدرات على التعبئة و بقدرات على رسم الخطوط بين الأفكار المقبولة والمرفوضة ، المرغوبة والفانية، بحيث تصاغ بما هو إحباط للأفكار السلبية وتنوير للعقل وإشعال التفكير وزيادة مساحة الأفكار الإيجابية وهذه(حرفة ) لمتخصصين في المجال من المفكرين والكتاب والمنشطين والمدربين وليس لكل من هب ودب وشرب من الماء وعب في الشرق والغرب .
العمل الجماهيري دؤوب
إن العمل الجماهيري عمل دؤوب ، صبور ، متواصل..... سيعاني من يقوم به من عنت المتابعة اللاحقة لأنه بلا حدود ، ومستمر غير منقطع وإلا ما فائدة آلاف الجمعيات والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية ؟! ولأنه كذلك يجب ألا يقتصر على تنفيذ ( أجندات ) الآخرين ، أو أن يقتصر على الثلاثية المستسهلة ( ورشه - ندوة – دورة ) وكان الله بالسر عليم ، ولأن العمل الجماهيري تعلم من الناس أولا وثقة بهم فإن التدريب بأشكاله المختلفة يعتبر مسمار في ترس هذا العمل ... ولا يمثل العمل كله .
الجرافة وسيارة الباطون
إن التدريب أو عقد الدورات فن قائم بذاته ، قد نفرد له مقالا لاحقا ، وهو في أحد تجلياته يعمل كالجرافة أو سيارة الباطون ... إن التدريب أو الدورات التعبوية كالجرافة تحفر في الأساس لتحاول أن تقيم البناء على قاعدة صلبة، بينما الدورات التثقيفية العامة هي كسيارة الباطون تصب لتبني الطابق الثالث ... لذالك على أهمية جميع وسائل التثقيف والتدريب والبناء في النفس والإنسان والمجتمع يبقى الاندماج في واقع الناس وتحسس مطالبهم البسيطة والعادية والصغيرة هو الأساس..
* عضو المجلس الوطني الفلسطيني ، نائب المفوض السياسي العام، عضو مكتب التعبئة والتنظيم في حركة (فتح)
babubakr@gawab.com - (الحقائق 1 تموز 2004) -