الشيء الجيد في اجتماع اللجنة القيادية الأولى في حركة (فتح) أي اللجنة المركزية أنها اجتمعت!! هكذا. نعم، وبعد مرور سبعة شهور مريرة على وفاة القائد الرمز ياسر عرفات استطاعت أن تجتمع رغم أن الاجتماع بعيد المدى هذا هو ببعد كان من الممكن أن يضيق كثيرا ليمكنهم من عقد ما لا يقل عن عشرة ا اجتماعات مفيدة كانت ستغنينا عن كثير من الاختلافات والتراشقات الإعلامية ، والتحليلات يمينا ويسارا... فهل هم شاخوا بحيث أصبح اليوم عندهم بسنة أم أن المرحلة شاخت؟!
إن عملية تباعد عقد الاجتماعات والمؤتمرات في منظمات الثورة الفلسطينية أصبحت سمة عامة، بحيث أن المؤتمر تلو المؤتمر والاجتماع تلو الاجتماع يتأجل دوما وفق سبب وحيد (وجيه)؟! وهو الوضع السياسي الراهن الذي لا يسمح.. بحيث أننا لا نسمع بمؤتمرات لحركة (حماس)، أو يتأخر مؤتمر الجبهة الديمقراطية، أو تمر 15 عاما كان من الممكن أن تعقد فيها (فتح) 4 مؤتمرات على الأقل رغم الوضع السياسي أو الظروف ا لتي مثلت المبرر اللامنطقي.
لا ينبغي محاكمة مرحلة انقضت...ربما، ولكن لننظر للأخوة أعضاء اللجنة المركزية ... إنهم جميعا فوق الستين عاما ومنهم من تجاوز السبعين مما يذكرنا بقيادة الحزب الشيوعي الصيني أو السوفييتي الذين داهمتهم الأحداث ليس لكبر سنهم وإنما لشيخوخة فكرهم ومفاهيمهم وأدائهم... ما لا نأمله في أعضاء اللجنة المركزية لحركة (فتح) أن وعوا المرحلة وفهموا القادم.
أن يكونوا فوق الستين فيها ايجابية أن يعيدوا النظر و التفكير مليا في أنفسهم والمحيط، وفيما سيتقرر لمرحلة قادمة، بمعنى آخر لو أن الله انزل على كل منهم وحيا وهمس في أذنه أن رشح بدلا منك منذ الآن (شابا تجاوزا) من الجيل الثاني (وشابا تجاوزا أيضا) من الجيل الثالث (وشابا فعليا الآن من الجيل الرابع)، واجعلوا منهم شغلكم الشاغل لتسليمهم الأمانة عبر التدريب ونقل التجربة حتى انعقاد المؤتمر ليفصل فيمن يقود المرحلة القادمة .. لكانت هذه كافية لنقول أن الاجتماع عمته السكينة و كان يطحن قمحا لا هواء، ولكن تجري الرياح.
إن الشيخوخة في التنظيم أداء متراجع، وحرص على المقاعد أو المظاهر أو الامتيازات، وإدارة سيئة، وعدم قدرة على التعاطي مع المتغيرات أو الاستهانة بها، وعدم رغبة في التجدد وحرص على المغانم في الدنيا والآخرة ما لا يستقيم في أي تنظيم ولا يقبل ولا يحل بمثل بعض القرارات التوازنية) التي صدرت عن اللجنة المركزية.
إننا نكن احتراما بالغا لحركة كانت وما زالت عملاقة كحركة (فتح) لأنها صاحبة المشروع الوطني كانت وما زالت ولأنها المؤهلة للسير في حقل الأشواك وبطريق متعرج لتحقيق الحلم الوطني فهي حركة التجدد والمتغير والتعددية والإبداع... وهذا ما لم نراه في إطار اللجنة المركزية أو المجلس الثوري الذي أصبحت مدته في حكم الفانية، ولا بأس أن نضيف عليهم مدة الأباطرة من أعضاء المجلس التشريعي أيضا.
إن ايجابيات انعقاد اجتماع اللجنة المركزية إضافة لأنها اجتمعت أولا وان أعضائها لو طالهم الوحي لفكروا مليا في البدائل ثانيا، هي أنها بأعضائها -برغم الكثير من السلبيات – عبرت عن احترامها للقانون والنظام وللإطار ما يجب أن يكرس في حركة (فتح) لان فلسطين اكبر من الوسيلة، والفكرة اكبر من الأشخاص، والإطار الذي يضم الفكرة والوسيلة والشخوص هو مربط الالتزام وعليه تصبح حركية الحركة مقبولة بل ومطلوبة صراعا واختلافا ضمن هذا الإطار.
ليحزم الأخوة أعضاء اللجنة المركزية والمجلس الثوري حقائبهم، فنحن نسعى لذوي الشرايين النابضة منهم معنا نحن كوادر فتح لتحقيق التجدد وحلم التغيير ومستقبل الوطن الذي أداته هذه الحركة الفذة.
* عضو المجلس الوطني الفلسطيني ، نائب المفوض السياسي العام، عضو مكتب التعبئة والتنظيم في حركة (فتح) babubakr@gawab.com - (الحقائق 9 تموز 2005) -