كيف يجيز المجتمع لنفسه اضفاء صفة الشرف على جرائم قتل النساء؟ أما يكفينا ما يتعرض له شعبنا من ضياع وتشريد وسلب وقمع؟ الا نجد من نعاقبه على ما نحن فيه الا فتياتنا اليافعات التواقات الى مستقبل آمن حر كريم والى حياة أسرية هادئة؟

في كل محفل وطني او اجتماعي او ديني نستمع الى كلمات القادة والوجهاء ورجال الدين يؤكدون فيها اننا أبناء الوطن الواحد والمصير الواحد: مسلمون ومسيحيون. وفي النضال والعمل العام نعمل في خندق واحد ونؤكد على التزامنا جميعا بحقوق شعبنا الفلسطيني و بحماية المقدسات الأسلامية والمسيحية في هذه الديار المقدسة. والمدارس والجامعات مفتوحة للطلبة المسلمين والمسيحيين على السواء. ولكن اذا حصل وتطورت علاقة بين شاب وشابة من مذهبين مختلفين تنتهي بمأساة عائلية تكون دائما الشابة هي الضحية. اذ في معظم الأحيان تنبذها العائلة وتقاطعها وتحرمها من العودة الى البيت ويكون مصيرها القتل في بعض الأحيان.

لا شك أن الزواج مسؤولية كبيرة ويواجه الزواج المختلط تحديات إضافية على المستويات المختلفة يجب إدراكها قبل القدوم على مثل تلك الخطوة ، اذ كلما قلت الاختلافات المجتمعية والطبقية والعقائدية بين أي شخصين كلما قلت المشاكل التي يصطدم بها الطرفان في التأقلم على الحياة الزوجية. كما أن في مجتمعاتنا العربية تحضن العائلة الصهر أو الكنة كأبنائها، لذلك يصعب كثيرا على الاندماج مع العائلة الجديدة ان لم يحصل الزوجان على رضى الوالدين وبركة العائلة. ولكن في نفس الوقت يجب أن ندرك أن العلاقات الانسانية ليست مختبرا للمعادلات الكيماوية. ففي المختبر بامكانك أن تضع عنصرا مع عنصر آخر بنسب معينة وتعرف مسبقا على ماذا ستحصل. واما في الحياة الاجتماعية فالعلاقات لا تخضع لمعادلات معرفة النتائج. فكم من حالة تظهر انها مثالية حيث يكون الشاب والشابة من طائفة معينة ومن طبقة معينة وحتى الوالدين بنفس المهنة وتكون نتيجة الزواج كارثة تدوم بالعافية بضع سنوات تتحمل فيها الفتاة الاهانة والضرب ، بينما هنالك حالات يختلف فيها الشاب عن الشابة في المذهب أ والبيئة وتثمر زواجا ناجحا.

فعليه في حالات الزواج المختلط بالذات، من الضرورة بمكان أن يكون الشاب والشابة بالغين وقادرين على تقرير مصيرهما وتحمل مسؤولية قرارهما. ويبقى دور إرشاد الوالدين لابنائهم مهما جدا حتى لو فشلا في اقناع ابنتهم أو ابنهم. ولذلك لا يجوز أن يتخليا عنهما فالبنت التي ولدتموها وربيتموها أيها الأباء وايتها الأمهات ، تبقى ابنتكم حتى لوأخطأت في تقرير مصيرها، ولا تستحق أن تقتل أو تنبذ. بل بالعكس هي بحاجة خاصة لرعايتكم حتى اذا لم تسر امورها كما تمنت ، تجد في احضانكم الملاذ الذي تتوق اليه والراحة النفسية التي ستكون بأشد الحاجة اليها.

أي معايير متخلفة تلك التي تفرض عليك أيها الأب وأيتها الأم التخلي عن ابنتكما أو قتلها؟ لا بد أن نتذكر بأن الديانات جميعها تنهي على القتل. فلا تأخذوا من الدين ذريعة لما تسمونه بقتل الشرف. فالقتل جريمة، الدين منها براء.

(مفتاح-17/5/2005-).