غياب رئيس السلطة الفلسطينية السابق ياسر عرفات الرمز التاريخي للشعب الفلسطيني يدخل عامه الثاني ولم يحدث اي تحولات او تغييرات ملموسة على صعيد التسوية بل ما زالت المفاوضات في غرفة الانعاش تعيش على اوكسجين صناعي وهي يتجسد في تحركات اميركية لا تقدم شيئا على الارض لأنها تبقى حبيسة التصريحات والوعود واللعب بالكلمات‚
والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة بعد مرور عام على رحيل عرفات الذي كان قادرا على صناعة السلام لو وجد شريكا اسرائيليا صادقا لا يحمل في يده الاخرى رشاشا وفي عقله مرضا اسمه الأمن مائة بالمائة‚ ووقف لاطلاق النار مائة بالمائة‚ وما الى ذلك من المؤيات التامة المستحيلة في عالم الأمن والسياسة وهو الامر الذي ادى الى رحيل الرجل الذي سحر الشعب الفلسطيني والتف حوله حتى معارضيه‚ هل يريد الكيان الاسرائيلي السلام فعلا؟! ام ان حلا ما يدور في هذا الفلك ليس سوى كسب للوقت حتى تكتمل الدوائر الاستيطانية وعلى رأسها الجدار العنصري الفاصل‚ ويتضاعف هزال وضعف العرب‚
وهذا التساؤل سيبقى مستوطنا لكل الايام التي تلت غياب عرفات عن الدنيا وساحتها السياسية وطاولات المفاوضات لتحقيق حلمه وحلم الشعب الفلسطيني وهو قيام الدولة الفلسطينية خصوصا أن الادارتين الاميركية والاسرائيلية قاطعتا القائد الفلسطيني بعد ان قدم من تنازلات لا يمكن لأحد غيره القدرة على تمريرها لقد كان الثمن باهظا والعائد كان ضئيلا وبدلا من مكافأته بتحقيق «الحلم الفلسطيني» سجنه الاحتلال الاسرائيلي في المقاطعة بدعم وتأييد قويين من الادارة الاميركية التي اعتبرت انه لا يوجد شريك فلسطيني في عملية السلام‚
ولكن وبعد هذا العام على رحيل عرفات اين هو الشريك الاسرائيلي ما زالت اليد الفلسطينية منذ ان مدها عرفات لا تجد يدا نظيفة صادقة تصافحها للانطلاق نحو مفاوضات نزيهة لتسوية عادلة وشاملة تطوي صفحة غرقت بالدماء والدمار والمذابح‚
وحتى هذه اللحظة لا وجود لأي مفاوضات لانه لا يوجد شريك اسرائيلي فالسلام الحقيقي يحتاج الى شريك حقيقي‚ شريك صادق وقوي الارادة خصوصا ان الشريك الفلسطيني الذي كان الاسرائيليون ومعهم الاميركيون يدعون عدم وجوده هو الآن موجود‚ وقد وكان خيارهم بالاساس قبل الرحيل الغامض لعرفات مما يؤكد ويثبت ان المشكلة لم تكن بعرفات او بعدم وجود شريك فلسطيني وانما المشكلة الاساسية والعقبة التي تقف أمام التسوية التي يقبل بها الشعب الفلسطيني هو شارون وعقليته العدوانية والادارة الاميركية التي تناصره وتدعم سياسته الإرهابية على الدوام. - (الوطن القطرية 14 تشرين ثاني 2005) -