الخريطة الحزبية السياسية الاسرائيلية اصبحت في الاونة الاخيرةعلى مفترق طرق حقيقي ربما يقود " اسرائيل "الى مرحلة سياسية جديدة وفق حسابات "معسكر اليسار والوسط"الاسرائيلي ، ووفق تقديرات عدد من المحللين الخبراء في الشان الحزبي الاسرائيلي .

كما ان حزب ومعسكر الليكود على نحو حصري بات يواجه اصعب تحديات وجودية في تاريخه بعد ان قرر البلدوزر "شارون " الانسحاب منه وتشكيل حزب " وسطي " جديد ، فحسب مصادر مقربه منه فان "الليكود قد يتحطم ويتفكك بعد قرار شارون مغادرته " ...

ووفق بعض التقديرات السياسية الاسرائيلية فان "انسحاب شارون من الليكود امر خطير جدا ...غير ان الاغراءات التي امام شارون للقيام بذلك كثيرة " ، ولذلك فان "اسرائيل" كلها باتت على فوهة بركان قد يقلب اذا ما تفجر معطيات وموازين ومعادلات الخريطة الحزبية - السياسية الاسرائيلية راسا على عقب من زاوية الحسابات والمعسكرات والمصالح الحزبية والشللية الداخلية على الارجح ، ما يعني في الوقت ذاته عدم انتظار تغيرات استراتيجية في السياسة الخارجية الاسرائيلية المتعلقة بالملفات والقضايا الفلسطينية الكبيرة المعلقة المشلولة في غرفة الانعاش التفاوضية عمليا منذ اغتيال اسحق رابين في الرابع من تشرين اول / 1995 والتي انما جاء شارون خصيصا للاجهاز عليها الى الابد ..

فالمشهد الحزبي والسياسي الاسرائيلي كله كان بانتظارقرار شارون بالانسحاب من الليكود ... ولذلك فان هذا الانسحاب قد يرتقي الى مستوى ضربة قاصمة من الوزن الثقيل توجه لليكود ومعسكر اليمين المتشدد

على كل الاحوال ووفق مختلف السيناريوهات المحتملة فان الخريطة الحزبية السياسية الاسرائيلية اصبحت عمليا على مفترق طرق تتعدد وتتسع فيه مساحة السيناريوهات والتوقعات ، كما اصبحت ايضا " "عملية السلام " في الوقت نفسه في مهب الرياح الحزبية الاسرائيلية ....؟

فبعد ان نجح "عمير بيرتس" الزعيم العمالي الاسرائيلي "الطموح" في تنحية وعزل عجوز حزب العمل والسياسة الاسرائيلية وتوأم شارون في الحكومة " شمعون بيريز" عن الزعامة ،وبعد ان اعلن انسحابه من حكومة شارون والاتفاق معه على تبكير موعد الانتخابات لتجرى في الربيع القادم في نهاية آذار ، ما احدث هزة سياسية انتخابية في " اسرائيل " ...وبعد اهتزار اركان الليكود واليمين كمعسكر موحد كبير في ضوء الراهن والآتي من الخلافات والازمات الانقسامية في المشهد الليكودي ...اصبح الجميع هناك في حالة ارتباك وتخبط وربما حتى فقدان للبوصلة الحزبية السياسية على امتداد الافق المظور حتى الانتخابات المبرمجة في الربيع القادم .

قانونيا تصبح حكومة شارون بعد استقالات وزراء العمل وانسحابهم من التحالف السلطوي مع شارون وبعد توجه الاخير الى الرئيس الاسرائيلي وتبليغه بقراره حل الكنيست حكومة انتقالية سوف لن تتقن وفق المعطيات والتجارب السابقة سوى مواصلة سياسات البلدوزرات والاجتياحات والاغتيالات والشلل السياسي على صعيد العلاقة مع الفلسطينيين .

ونقول : اذا كانت حالة الانقسام الحزبي /السياسي الخطيرة في الساحة السياسية الاسرائيلية قد تفاقمت وتازمت على هذا النحو المرئي على خلفية "فك الارتباط " واعادة الانتشار العسكري الاستراتيجي حول قطاع غزة ،فان من الارجح بالتالي ان نشهد المزيد والمزيد من الانقسامات والازمات الداخلية الاسرائيلية في مرحلة ما بعد الانتخابات البرلمانية –الكنيستية –الاسرائيلية القادمة خاصة بعد ان انسحب شارون من الليكود حيث ستصبح الخريطة الحزبية الاسرائيلية عمليا بثلاثة رؤوس حزبية كبيرة هي : حزب شارون الجديد ، وحزب الليكود اذا ما انضمت اليه كما هو متوقع بعض القوى السياسية اليمينية بغية تعزيزه وحمايته من الانهيار، وكذلك حزب العمل الجديد المنتعش بقيادة بيرتس .

وبالتالي... ان ما سيميز المشهد السياسي الانتخابي الاسرائيلي خلال الشهور القليلة القادمة حتى موعد الانتخابات هو المزيد من الاستقطابات السياسية التي ستتداخل فيها الحسابات المعسكراتية السياسية والايديولوجية وكذلك الشخصية والشللية وان كانت بعض القوى والزعامات ستغطي حملتها الانتخابية بالبرامج والشعارات السياسية الكبيرة .

ويمكن القول ان المشهد السياسي الاسرائيلي سوف يكون منشغلا من اقصاه الى اقصاه بالصراعات والاستقطابات الحزبية الداخلية بينما ستكون الحكومة الراهنة انتقالية ... ولكن بلا صلاحيات او مبادرات او اجراءات او قرارات سياسية تاركة "عملية السلام " والملفات كلها في مهب الرياح الانتخابية ...؟ - (مفتاح 23 تشرين الثاني 2005) -