فيما يراقب الجمهور الفلسطيني عملية إخلاء االمستوطنين الناجزة على الأرض في قطاع غزة، منتقلاً إلى عملية إخلاء المستوطنات، تتبدى ملامح " الطلاق الإسرائيلي " خروج القوات العسكرية الإسرائيلية من قطاع غزة بشكل كامل، على ما يبدو، قبيل منتصف أيلول.
والمؤشر الرئيسي على اكتمال الإنسحاب العسكري الإسرائيلي من قطاع غزة يكمن في خروج هذه القوات المقيتة من على طول حدود قطاع غزة مع حدود جمهورية مصر العربية، خاصة بعد أن نجحت انتفاضة الأقصى في أن تحقق السيادة المصرية على أرضها العزيزة الواقعة ملاصقة لحدود أرضنا المناضلة بالسماح بنشر بعض عناصر من حرس الحدود المصري بسلاح وذخيرة محددة ومعدودة من قبل الإسرائيليين (كما نشرت الصحافة الإسرائيلية).
ولعل قضية معبر رفح المحيرة تندفع إلى سطح الموضوعات المطروحة بين الأطراف الفلسطينية والإسرائيلية والمصرية والأمريكية والرباعية الدولية أيضاً.
فيتساءل الجميع عن مستقبل هذا المعبر وأية معابر أخرى ترددت أسماؤها في وسائل الإعلام مؤخراً ؟؟؟
الحديث طال عملية نقل عبور الأفراد ( فلسطينيين وغيرهم ) إلى معبر كرم السلام (كيريم شالوم ) أو العوجة، أو الكيلو عشرة كما كان يطلق عليه قبل عشرات السنين، في ظل الوجود المصري في قطاع غزة .
وانتقل للحديث عن تزحزح إسرائيلي عن المواقف السابقة، يسمح بأن يستخدم الأفراد معبر، فيما تمر البضائع عبر معبر آخر لتبقي السلطة الإسرائيلية سيطرتها على الحركة التجارية الفلسطينية .
ولكن فيما يبدو، فإن الرغبة الفلسطينية في الحصول على سيادة كاملة على الأرض والمعابر تصطدم بمصلحة فلسطينية كبلت باتفاق باريس الشهير الذي أبرم بين منظمة التحرير الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية. والذي يتيح للفلسطينيين أن يحصلوا على قدر من أموال الجمارك التي تجبيها سلطة الجمارك الإسرائيلية على الحدود، بل ويتيح تنقل البضائع الفلسطينية أو المستوردة عبر تاجر فلسطيني بين جناحي الوطن في الضفة الفلسطينية وقطاع غزة . إذاً هو مأزق ! تنازل عن بعض سيادة لأجل بعض مكاسب تجارية مالية !!.
بكل الأحوال هذا الحال يأتي من خلال الإتفاق الذي يبدو أنه أصبح وشيكاً بين الأطراف كلها التي ذكرتها في سطور علوية من هذا المقال يصبح الحال بموجبه على النحو التالي :
يعبر الأفراد (فلسطينيون وغيرهم) المغادرين والقادمين إلى الأراضي الفلسطينية، ممثلة بقطاع غزة فقط، عبر معبر رفح وبعد إجراء تحسينات على وضعيته وإعادة تأهيله بمبان وأجهزة تقنية عالية الجودة ونهاية وجود إسرائيلي جسدي على أرض المعبر وينحصر في وجود لكاميرات تصوير لمراقبة الداخلين والخارجين من وإلى القطاع إضافة إلى وجود أطراف أوروبية .
وتعبر البضائع من وإلى قطاع غزة عبر معبر (كرم السلام) الإسرائيلي وتحصل سلطة الجمارك الإسرائيلية على الضرائب المحددة بين الأطراف وتمنح النسبة المناسبة (طبقاً لاتفاق باريس) للسلطة الوطنية الفلسطينية .
وكحل وسط تعلن السلطات المصرية عن إغلاق معبر رفح لمدة ستة إلى تسعة أشهر، لتطبيق عملية إعادة التأهيل للمباني والميكنة والأجهزة التقنية عالية الجودة، التي تسمح بتطبيق الخطة أو السيناريو المتفق عليه بين الأطراف، والذي يتيح للأمن الإسرائيلي أن يراقب دخول وخروج الأفراد باستخدام الكاميرات، بل وأعتقد باستخدام تبادل قوائم الأسماء بين أجهزة الأمن لدول مختلفة سيمثلها مندوبيها (بزي مدني أو غيره) الذين سنراهم في المعبر.
وإلى أن ينتهي إعداد المعبر الجديد، والذي كنا نراه من أكثر من عام ونحن نتنقل بين قطاع غزة والعالم عبر الحدود المصرية الفلسطينية ولم يكن أحد يفهم لماذا هذا الاستعداد المثير، يبقى سؤال عن مصير الفلسطينيين طوال هذه الأشهر القادمة، هل يبقى الفلسطينيون حبيسوا قطاع غزة إلى أن تنتهي " شهور العدة " الناتجة عن طلاق السلطة الإسرائيلية لقطاع غزة ؟ أم أن الأمر الواقع قادم، متلخصاً في استخدام الفلسطينيين لمعبر " كرم السلام " (كيريم شالوم) لتنقلهم بين قطاع غزة والعالم كما يشاع أن اتفاقية " كامب ديفيد المصرية الإسرائيلية نصت على ذلك ؟؟؟ فنعود إلى ما كنا رفضناه قبل عقود من الزمن !!!
الحقائق (10/9/2005).