حين نتوجع نقول: أخي، وحين تصيبنا ضائقة ننادي: أخي. وحين صرخت: فيصل؛ استجاب الأهل والأصدقاء والمحبون، ممن عرفوك ومن لم يعرفوك. استجابوا لسيرتك العطرة، وأحسوا بوجودك الطاغي، في غيابك، وتواصلوا مع الأسرة بحميمية مميزة مذهلة. يا هذه الحياة في قلوب المحبين وأفئدتهم، يا هذا التواصل الإنساني الرائع، أيتها القلوب المحبة، أيها الأصدقاء الأصدقاء؛ أغلق عليكم رموشي، وأهديكم زيت قلبي.
*****
"عزيزتي فيحاء،
لطالما فرحت بسماع اخبارك وتسلم رسائلك؛ لكن الرسالة حملت هذه المرة طعماً مغايراً.
تألمت جداً لسماع الخبر الحزين والفاجع الأليم. يا ليت الكلمات تعيد لنا من أحببنا ومن نحب؛ لكنا سّطرنا منها معلقات ومعلقات، مددناها بيننا جسوراً لا حواجز أو جدران صماء؛ لكنها عبثاً عاجزة عن فعل ذلك.
ليس بإمكان الكلمات أن تعيد لنا أحباءنا؛ لكنها قادرة أن تخلد ذكراهم، ولربما في ذلك بعض السلوى لنا جميعاً. ومن أكثر منك دراية بأهمية حفظ الذاكرة وتخليدها، لتبقى حية فينا وبيننا. فهو أقل ما بإمكاننا فعله، خاصة عندما لا تكون الذاكرة فردية، وإن كانت خاصة جداً. فهي ذاكرة يشاطرنا بها أحباء ومعارف.
عندما يصبح الأخ هو الصديق، وهو الوطن بحضوره كما بغيابه، فهو يكون حاضراً حتى عندما يقرر الغياب. هو حاضر في كل من أحبوه وعرفوه. فيا ليتني عرفته قبل الحين.
رغم أنه لم يكن بيننا لقاء، أنا أشعر بأني أعرفه، من خلال محبتك له، ومن خلال ذاكرته الحية فيك، وفي كل من أحب، وفي كل من عرف، وفي كل ما فعلت يداه.
هو حاضر بين من أحبوه، كما فلسطين في قلوبنا، حتى في أصعب اللحظات، عندما يخيل لنا أن الغياب حاضر بيننا، يكون للحضور قوة لتغييب الغياب.
فقدت الخنساء أخاها؛ لكنه بقي حياً دهوراً بعد دهور. من خلال شعرها الرائع عنه عرفناه، ولولا ما كتبت لما كنا عرفناه اليوم. غابت الخنساء وغاب صخر؛ لكنهما حاضران بيننا وفي ذاكرتنا. وللذاكره حضور كالوطن. وللأحبة حضور كالوطن. خاصة عندما يتجسد الوطن فيمن نحب.
بفقدانك فيصل سمحت لنا الفرصه أن نعرفه، فكان لقاء ساعة الغياب، وكان حضور قوي مدوي يعجز اللسان عن رسمه، فيهب القلم ليفعل ذلك. عرفناه من خلالك وليتنا عرفناه قبلها. لقد قلتها بنفسك انه الغائب الحاضر.
لم يكن فيصل أخاك وحدك يا فيحاء، فهو كان أخاً لجميع الفلسطينيين، من خلال كل ما فعل. فكان في حياته كما في مماته، مثالاً للأخ الفلسطيني. ورب أخ لم تلده أمك. إنه الأخ الفلسطيني أينما كنا نحن وأينما كان. رغم المسافات والازمنة، هو كائن وباق للأبد فيك وفينا. ولربما في ذلك بعض العزاء رغم الألم العظيم.
أملي كله ألا تعرفي حزناً بعد اليوم، وأن يكون لنا لقاء قريب. محبتي الكبيرة".
جنان عبده/ حيفا.
*****
"الأعزاء،
لقد وصلكم جميعاً النبأ الأليم، للوفاة السريعة والمفاجئة، لفيصل عبد الهادي. لقد جمعنا العمل في مؤسسة التعاون، وخاصة في السنوات الماضية، منذ شارك فيصل في النشاطات، واللجان، مضيفاً الكثير من الحيوية، والديناميكية، والقيم، لكل الأعمال التي قادها، أو شارك فيها. لقد فقدت مؤسسة التعاون، والجالية الفلسطينية في دبي، والقضية الفلسطينية، رجلاً صادقاً مخلصاً، ومتفانياً، وصاحب رؤية. رحمه الله رحمة واسعة، وألهم زوجته وأولاده ووالديه وأحباءه الصبر، وأعطاهم القدرة والإيمان لتحمل الصدمة، ومواصلة العمل على ما عمل له وما آمن به".
فيصل العلمي/ مؤسسة التعاون
"عرفته من خلال عملنا في مؤسسة التعاون. كان يعمل بلا كلل، ليدفع إلى الأمام، وليطور العمل لأجل فلسطين. شكَّل لكل من عمل معه؛ مثالاً يحتذى للنزاهة، وللالتزام، والنبل، والمصداقية، والدفء، والتواضع. سوف نفتقده، وسوف يكون صعباً على مؤسسة التعاون، أن تعوِّض وجوده. وسوف تبقى ذكراه من خلال أعماله الكثيرة الجيدة".
عادل عفيفي/ مؤسسة التعاون
*****
حبيبنا فيصل: لتسترح روحك الطاهرة يا أعز الناس، وعهداً لك أن يتصل حبل عطائك، وأن نواصل مشوارك، ونتبنى رسالتك. سوف تيقى حياً في وجداننا، وذاكرتنا، وذاكرة أصدقائك ومحبيك، وذاكرة شعبك الفلسطيني الجماعية.
faihaab@p-ol.com