]
حسب احدث التقديرات/ المعطيات العسكرية/ الأمنية الإسرائيلية الإحتلالية فـ "إن انتفاضة الحجارة الفلسطينية قد تعود - مرة أخرى -".
وأشارت تلك التقديرات إلى تصاعد العمليات الفلسطينية المسيرات والمظاهرات ورشق الحجارة وإلقاء الزجاجات الحارقة. وأضافت "ان هذه الظاهرة ستتصاعد في الشهور القادمة حيث ان من مصلحة حماس إنعاش الاحتجاجات الشعبية الفلسطينية - عن صحيفة هآرتس العبرية 2006/3/1".. فهل نحن حقا عشية انتفاضة فلسطينية ثالثة في الأراضي المحتلة..؟!
ليس من شك أن ديناميكية الأحداث على الأرض الفلسطينية وفي قلب المشهد الفلسطيني هي الأقوى والأشد وطأة وتأثيراً.. فهي أقوى من مليون اتفاق أو تفاهم على الورق.. فعلى الأرض الفلسطينية تعمل هناك أولاً الخطة العسكرية التي أطلقوا عليها "كل شيء يتدفق"- وتتعلق هذه الخطة بتخصيص طرق وشوارع خاصة بالفلسطينيين بعيدة عن طرق وشوارع المستوطنين.. وهناك أيضا ما أطلقوا عليه "صياغة جديدة للمفهوم الأمن القومي الإسرائيلي في أعقاب فوز حماس في الانتخابات"، ويبدو ان هذا المفهوم الجديد يستند بالأساس إلى "الجحيم الذي توعد به آفي ديختر الفلسطينيين" - وكأن هناك جحيما اشد وطأة من جحيم الاحتلال؟ وكذلك المستندة إلى تهديدات الجنرال يعلون بـ "تكثيف الهجمات على الفلسطينيين" والى تهديدات الجنرال موفاز أيضاً.. حتى ان صحيفة معاريف العبرية كشفت النقاب في عددها يوم 28/2/2006 عن ان قيادة الجيش الإسرائيلي قررت بناء معسكرات تدريب في النقب تشبه المدن الفلسطينية بكامل أوصافها وذلك لتدريب القوات على عمليات اقتحام المناطق والمنازل الفلسطينية. وكأنهم بحاجة إلى تطوير المزيد والمزيد من وسائل وأدوات الإجتياحات والاقتحامات للمدن والقرى والمخيمات والمنازل الفلسطينية..؟! وكأنهم لا يقومون بذلك على مدار الساعة وبالبث الحي..؟! فهل نحن إذن في ضوء كل ذلك على أعتاب انفجار كبير مجدداً.. وان الانتفاضة الفلسطينية الثالثة قادمة لا محالة..؟! كان المحلل العسكري في صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية ألكس فيشمن قد كتب يقول : "ان الانتفاضة الفلسطينية الثالثة قادمة بعد فك الارتباط"، وذلك لأن "شارون سيواصل سياسة البلدوزرات والاستيطان في الضفة الغربية..".
وفي قصة "التهدئة" المقترحة أيضاً فان الحكومة الإسرائيلية لم تكن معنية بالأصل لا بالتهدئة الفلسطينية - الفلسطينية، ولا بالتهدئة الفلسطينية - الإسرائيلية المتبادلة، وإنما ارادتها "تهدئة" فلسطينية من جانب واحد بدون أي التزام إسرائيلي مقابل، ودون ان تؤثر أو تعطل هذه "التهدئة" ضجيج عمل البلدوزرات وبناء الجدران وكمائن فرق الموت الإسرائيلية، في الوقت الذي يطالبون فيه السلطة الفلسطينية بمحاربة وتفكيك "البنية التحتية للإرهاب الفلسطيني". لذلك.. وعندما تكون "التهدئة" عملياً وقسراً تحت رحمة البلدوزرات وفرق الموت الإسرائيلية، فأي تهدئة إذن تكون..؟! وما سقفها ومداها الزمني..؟! وما الذي ستنجزه في الحقيقة على الأرض..؟! وهل بوسعها في نهاية المطاف قطف ثمار سياسية من البلدوزر..؟! ثم ما الذي تنتظره فلسطين في القريب من الأيام..؟! ميدانياً أيضاً لم ولن يتوقف جيش الاحتلال عن اجتياحاته وانتهاكاته وجرائمه.. وميدانياً كذلك، تواصل البلدوزرات العملاقة إلى جانب جيش الاحتلال ليس فقط عملية التدمير الشامل للبنى التحتية الفلسطينية، وإنما تواصل عملية البناء الاستعماري الاستيطاني التهويدي المسعورة على أنقاض وحساب الوجود الفلسطيني.. كما تواصل بناء الجدران العازلة التي ليس فقط تقطع أوصال الجسم الفلسطيني جغرافيا وسكانيا واقتصاديا وبنيويا بصورة جذرية وإنما أيضاً تهود أكثر من نصف مساحة الضفة الغربية إضافة إلى المدينة المقدسة بكاملها، بل وفي إطار مشروع القدس الكبرى.. كما انها تحاصر وتحصر وتعتقل الشعب الفلسطيني في الوقت ذاته في إطار معسكرات اعتقال جماعية. اما سياسيا.. وهو الأفق الوحيد الذي اشتغل عليه الفلسطينيون والعرب، فلا أفق استقلاليا فلسطينيا حقيقيا باديا ملموسا حتى اليوم، لا من وراء "فك الارتباط" ولا من وراء "خريطة الطريق"، ولا من وراء "مبادرة السلام العربية"، ولا من وراء كل المبادرات والخرائط والوثائق الأخرى القائمة واللاحقة على حد سواء.
وسياسيا أيضا وثق عن شارون وفايسغلاس وغيرهما مرارا ان "فك الارتباط" يهدف إلى: أولا: القضاء على كافة المبادرات والخرائط السياسية الأخرى الأميركية أو الأوروبية أو العربية. ثانيا: القضاء على حلم الاستقلال وبناء الدولة الفلسطينية. ثالثا: تجريد الشعب الفلسطيني من مبررات انتفاضته ومقاومته للاحتلال.
رابعا: انتزاع الشعب الفلسطيني من عمقه العربي القومي، ومحاصرته على المستوى الدولي. يضاف إلى كل ذلك ان الحكومة الإسرائيلية تسعى في هذه الأيام أيضا كما تابعنا تصريحات وزيرة الخارجية الإسرائيلية "تسفي لفني" إلى إنهاء دور الرئيس الفلسطيني محمود عباس كشريك في "عملية السلام"، كي يبقى المسرح السياسي إلى جانب الميدان خاليا تماما أمام "إسرائيل" لتلعب فيه كما تشاء.
إذن.. ان ديناميكية الأحداث ووتيرة عمل البلدوزرات وبناء الاستيطان والجدران ووتيرة عمل "فرق الموت والاغتيالات" على ارض الضفة قد تسرع الانفجار الانتفاضي الفلسطيني الثالث.. وفلسطين عمليا في حالة مخاض انفجاري كبير متجدد اذا لم يطرأ تغيير جذري حقيقي ملموس على خرائط الاحتلال.. وعلى حمى الاستيطان أولاً، وإذا لم تسارع القيادة الفلسطينية والدول العربية والدول الصديقة في العالم إلى كبح دولة وبلدوزرات الاحتلال ثانيا.
فالمطلوب الوطني الفلسطيني وبالإجماع السياسي من الحائط إلى الحائط هو: اجتثاث الاستيطان ورحيل الاحتلال رحيلاً شاملاً.. تمهيداً لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على كامل الأراضي المحتلة عام 1967.
الحقائق (03/07/2006).