استاذنكم اصحاب الجلالة والسمو والفخامة قادة امتنا العربية حفظكم الله ورعاكم في ان اكتب اليكم رسالتي الثانية ،كانت الاولي في آذار (مارس) عام 2001م عندما جمع شملكم في عمان. اكتب اليكم فلعل ما اكتب يصلكم قبل دخولكم قاعة اجتماعات قمتكم في هذا اليوم المشرق علي الخرطوم، تحرسكم عناية الله وعشرات الآلاف من الجند ـ مدججين بالسلاح الظاهر منهم والمتنكر ـ من خيرة ابناء الشعب السوداني الشقيق الصابر علي ما اصابه من خلاف واختلاف بين قياداته ومفكريه من جهة، وبينكم وبين قياداته السياسية من جهة اخري، حول قضايا تتعلق بالسودان وحريته في اختيار نظام حكمه والمحافظة علي امنه ووحدة اراضية واستقلاله وسيادته.
اكتب اليكم يا سادتي رغم علمي ان زمن القراءة عندكم محدود وصبركم علي التأمل فيما يكتب اليكم قليل وحولكم رجال لهم قدرة علي اختصار او اختزال او اخفاء ما قد يكتب اليكم، ولكني رغم ذلك احاول ان اسمعكم رايا واحدا من مواطنيكم الذين نذروا انفسهم لخدمتكم وخدمة الوطن والدفاع عنكم عند عاديات الزمان عليكم، والخوف عليكم من اطماع الآخرين في ثروات امتكم والخوف عليكم ايضا من الابتزاز والتهديد المبطن والتآمر عليكم تحت عناوين شتي منها محاربة الارهاب والاصرار علي الاصلاح بالطريقة التي تريدها امريكا والمطالبة بتطبيق قواعد حقوق الانسان وحرية الاديان في اوطانكم.
اصحاب الجلالة والسمو والفخامة قادة امتنا العربية، استاذنكم في مصارحتكم بمطالب الشعب العربي من المحيط الي الخليج واعترف باني لست مكلفا من قبل شعبنا العربي بالكتابة اليكم او مخاطبتكم بالنيابة عنه لكن يقيني وايماني بان ما ساطرحه عليكم اليوم يمثل راي الغالبية العظمي في هذه الامة.
1ـ اطالبكم بدعم السلطة الوطنية الفلسطينية بقيادة حماس قولا وعملا والعمل علي تذليل الصعاب في وجه هذه السلطة وكسر الحصار عنها والاندفاع نحو سداد عجوزها المالية الموروثة من السلطة السابقة، تلك العجوز التي نتجت عن فساد كان ينخر في جسد السلطة السابقة بقيادة حزب فتح. ان هذه السلطة الوطنية جاءت بكل الطرق الشرعية وبموجب تصويت اغلبية الشعب الفلسطيني. اطالبكم باتخاذ مواقف صادقة حاسمة في تنفيذ قراراتكم بشأن مساعدة الشعب الفلسطيني وتفعيل مبادراتكم التي كان اخرها ما تم اعتماده في قمة بيروت وثني عليها في قمة الجزائر، هذا الامر يعني ابلاغ الوكيل والمحرض الاول ـ الولايات المتحدة الامريكية ـ لاسرائيل بالكف عن سفك دماء الشعب الفلسطيني ومصادرة اراضيه وتدمير ممتلكاته، اطالبكم واناشدكم باسم الله عز وجل ثم باسم كل القيم الاسلامية والعربية ان لا تمارسوا ضغوطكم الفعالة علي حكومة حماس المنتخبة لكي تعترف باسرائيل وكل ما فرخته اتفاقية اسلو الملعونة، ونطالبكم باسم الامة العربية كلها ان تستخدموا نفوذكم وقوتكم وقدراتكم واتصالاتكم بالعالم الآخر في الافراج عن المختطفين من سجن اريحا وعلي رأسهم الامين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين السيد احمد سعدات ورفاقه الستة واذا لم تتمكنوا من ذلك فلا نفع ولا بركة في اجتماعكم وانما خسائر وارهاق للدولة المضيفة ولانفسكم . 2ـ اطالبكم باسم الله ثم باسم شرفاء الامة العربية ان تمدوا يد العون بكل معني الكلمة الي المقاومة الوطنية العراقية الباسلة من اجل تحرير ارض العراق من الغزاة المعتدين وحماية علمائه وقياداته الوطنية واساتذته ومفكريه من الغدر بهم. ان مواقفكم من عدم نصرة الشعب العراقي ومقاومته الوطنية جعل اطراف اخري تكون اكثر فاعلية واكثر نفيرا واقوي نفوذا في الشان العراقي، لقد اعطت الولايات المتحدة الامريكية ـ بصفتها الدولة المحتلة للعراق ـ شرعية للتدخلات الايرانية في الشان العراقي وطالبت ايران رسميا بالتفاوض معها في ذلك الشان وانتم من حول العراق تتفرجون واصبحت قواتكم حارسة لقوي الاحتلال من وراء الحدود عن دون قصد. ان قراركم بارسال بعثات دبلوماسية الي بغداد في هذه الظروف العصيبة يصب في صالح الغزاة والمعتدين والقوي الانفصالية في العراق ويعرضها لمخاطر لا حدود لها. ان تواجدكم المطلوب يكمن في دعم شرفاء العراق المحافظين علي وحدته واستقلاله وسيادته.
اصحاب الفخامة والجلالة والسمو، السودان يتعرض لمحنة كبري تستهدف تفكيكه وتجزئته والنيل من سيادته، السودان يحتاج الي موقف عربي يتمثل في تقديم دعم مالي فيما لا يزيد عن مليار دولار لتنمية مناطق السودان وخاصة منطقة دار فور . لأن الحاجة هي اس البلاء، وارسال وحدات عسكرية تحت مظلة جامعة الدول العربية لتكن عونا لقوات الاتحاد الافريقي واتخاذ موقف واضح وجاد وصادق ضد تدويل مسألة دار فور السودانية، ان قراركم بحق السودان في الموافقة مسبقا علي ارسال قوات دولية الي ولاية دار فور فيه شيء من السلبية والميوعة، ان صياغة قراركم يجب ان تكون ان الزعماء العرب يرفضون ارسال اي قوات دولية الي السودان وسنقف مع السودان في مواجهة اي اجراء يخل بسيادته . ان عدم اتخاذكم خطوات عملية لمساعدة السودان والخروج به من محنته الي فضاء السلام والاستقرار والتنمية يفقدكم الهيبة ويشجع اطراف دولية ان تفتك باوطاننا دولة بعد اخري بذرائع شتي، اذكركم بمواقفكم من الشأن العراقي منذ سنة 1991م حتي الآن وما آل اليه الوطن العربي وهذا الضياع وهذا الدم الذي يراق علي تراب بلاد الرافدين شجع اطرافا اخري للتدخل وزعزعة انظمة عربية اخري اولها بعد العراق سورية الحبيبة ولبنان والحبل علي الجرار.
يا للهول!! كارثة كبري تلك التي ذكرها وزير خارجية دولة عربية كبيرة في الاجتماع الوزاري في الخرطوم حين قال: ان القمة العربية لن تتخذ قرارات تضع العرب في مواجهة مع المنظمة الدولية وذلك بمناسبة القول قد تعمد امريكا لاستخدام الفصل السابع من الميثاق بارسال قوات دولية الي السودان دون موافقة حكومته. اناشدكم باسم الله ان تخلصوا نواياكم وتسخروا مؤتمركم هذا من اجل خدمة امتنا العربية الاسلامية والمحافظة علي كبرياء الامة لا من اجل ارضاء دول الاستكبار العالمية.
آخر القول تعالوا نردد جميعنا قول الحق: ألم يعلموا ان الله يعلم سرهم ونجواهم وان الله علام الغيوب صدق الله العظيم (آية 78سورة التوبة). - القدس العربي 28/3/2006 -