يجتمع وزراؤنا العرب في هذه الأيام بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية في أعمال الدورة 126 لمجلس الجامعة ، لمناقشة وتفعيل عملية السلام التي ماتت قبل ولادتها ، فمنذ أن أعلنت هذه العملية ونحن كفلسطينيين وعرب نتجرع مرارتها وويلاتها بما فرضته علينا هذه العملية الوهمية من انتهاك كبير لحقوقنا الشرعية ... فالعدو الإسرائيلي الذي يُدمر ويُخرب ويَقتل الأطفال والنساء والشباب والشيوخ هل يمكن أن نصنع معه سلام ...؟؟ وهل انتهت القضايا العربية الهامة والمصيرية ...؟؟ هل انتهت مشاكلنا كأمة عربية .. ؟؟ لكي نُناقش هذا الوهم الكبير ... فقضيانا المصيرية كثيرة والتحديات التي تواجه امتنا كبيرة .. فكثيرٌ من الأمور والقضايا الهامة تحتاج إلى خطط لتفعليها ومناقشتها وهي أولى من مناقشة خطة لحماية العدو وتأمين حدوده وتثبيته في الأرض السليبة من خلال وهم السلام ...

* أولى القضايا الهامة التي يجب أن نناقشها ونُعيد إحيائها هي " عملية إحياء الحكام العرب والضمير العربي الميت " ... وعن أي سلام تتحدثون أيها العرب ... أنسيتم مأساتنا الكبرى .. وحكايتنا التي سُطرت بالدماء .. وبلادنا التي خربها الأعداء ... وبعد ماذا بقي لكم ... ألم تُيقظكم صرخات وآهات أطفال فلسطين وأنات الثكلى والجرحى ... وما هذا الهراء الكبير ... تُجتمعون على دماء وأشلاء أطفال قانا .. ماذا بقي لكم أيها العرب .. ولعلي هنا استذكر قول الشاعر عندما قال : يحدثونك يا بني عن السلام ... إياك أن تصغي إلي هذا الكلام ... كالطفل يخدع بالمنى حتى ينام ...لا سِلم أو يجلو عنِ الوجه الرغام ...صدقتهم يوماً فآوتني الخيام ...فسلامهم مكر وأمنهم سَراب ...نشروا الدمارَ على بلادِك والخراب .

يجب على وزراؤنا العرب أن يُدركوا تماما أن خَيار السلام لا يمكن أن يتحقق مع هذه العدو ، وذلك لأن المعادلة تختلف تماما والواقع يشير إلى أن ما يسمى بعملية السلام مجرد وهم كبير فرضه الغرب على أمة العرب ، ولن يحل الصراع القائم بل جلب الدمار والخراب إلى المنطقة ..

ومن الأفضل العمل على بلورة رؤية عربية شاملة لإستصال الورم الخبيث من جسد الأمة الاحتلال " الإسرائيلي " ... وإيجاد الطرق والوسائل التي تُحقق الأمن والسلام لشعوب المنطقة ... فلا يمكن أن يَتحقق السلام في ظل وجود جسم غريب وسط الأمة العربية ينهش من لحمها ويدمرها ويقوض أركانها ... فلازالت الأمة تعيش ويلات السلام المزعوم الذي جر العار والهزيمة لهذه الأمة وهي تصافح من قتل الأطفال والشيوخ والنساء ودمر وعاث في الأرض خرابا ... لا خيار أمامنا كعرب سوى مجابهة عدونا بأشد الوسائل فتكا به ... فها هو العدو انسحب من جنوب لبنان يجر أذيال الهزيمة وكبدته الحرب خسائر طائلة ولم يُحقق أي هدف من أهدافه .. فعلى الرغم من القوة العسكرية التي يَتغنى بها جيش العدو .. إلا أنه في حربه على لبنان أثبت الحرب فشله الذريع وأظهرت ضعفه وفشله ..

يُفترض على وزراؤنا العرب أن يَتجمعوا لمناقشة التجربة اللبنانية والدروس المستفادة منها والعمل على تشجيع ودعم المقاومة التي أثبتت للعالم ضعف جيش العدو ولقنت العدو درسا لم ينساه ابد الدهر .

وها هو جيش العدو يُقدم كل يوم في غزة نماذج فشل عندما يدخل في مواجهة مع رجال المقاومة الفلسطينية ، ويتكبد خسائر فادحة ... مثل هذه التجارب يجب أن تدرس بعناية وتعمم على الشعوب والبلدان حتى تقوي فيهم العزيمة والمنعة لهزيمة هذا العدو ..

ما نحن بأمس الحاجة له في هذه الأيام هو خطة عربية لإحياء حكامنا العرب من سباتهم العميق ... واستنهاض العزيمة والقوة في شباب هذه الأمة ... حتى نستطيع مواجهة التحديات الكبرى والمؤامرات التي تهدد مجتمعنا وتقوض أركانه ....