بعد أن عاش الشعب الفلسطيني زمنا هاما مع مؤتمر "فتح" بكل ما له وما عليه، قبل الانعقاد وخلاله وقد يستمر بعضها بعده على ضوء كلام من هنا او هناك، وجب العودة من القيادة الجديدة لـ"فتح" وبرئاسة الرئيس ابو مازن والتعاون الكلي مع فصائل منظمة التحرير والحكومة، لصياغة شكل التحرك السياسي القادم للقضية الوطنية، خاصة المشروع "التهويدي الاسرائيلي" وما يحاك من مشاريع سياسية خاصة يتم اللتحضير لها بشكل جديد وصيغة جديدة وربما بأشكال "تمثيلية جديدة" ربما تنال من شرعية التمثيل الوطني الفلسطيني عبر خلق صيغ "تشاركية – ثنائية" تحت مظلة يتم استنساخها من "صيغة مدريد المشؤومة".
التحرك السياسي الضروري يجب أن يكون بسرعة كي لا يسرق الوقت المتبقي في "مناكفات " يبدو أنها تلوح في الأفق وخاصة من أوساط داخل "فتح" كل لأسبابه الخاصة، قد تصل الى محاولة اعلان حالة تنظيمية ما، تجد من يشجعها بهذه الصيغة أو تلك لارباك "فتح" ونهوضها أولا، والتحدي السياسي الفلسطيني ثانيا، فالبعض وخاصة الاسرائيلي و"حماس" وبعض الاقليمي والدولي لن يترك الوضع الداخلي الفلسطيني يتجه للاستقرار كي لا يتمكن من رسم بيانه السياسي المستند على رفض التفاوض في ظل التهويد والاستيطان، ما يعني تعديل قواعد العمل التفاوضي استباقا للموقف الأمريكي المنتظر المتقارب مع الجوهر الأمريكي القديم مع تعديل اقرب للموقف الاسرائيلي خاصة في قضية اللاجئين والقدس، لذا فالقادم قد يشهد خلق "مناطق صداع" خاصة لحركة "فتح" بصيغ مبتكرة، وهذا ما يجب الحذر منه والعمل المسبق لاستيعابه، وقبل فوات الآوان.
ووسط هذا الزحام الداخلي وبعض الخارجي الذي فرض سطوته في الحضور على المشهد الفلسطيني، انجبت مدينة عكا تلك القلعة التي تقف صخرة في مواجهة العنصرية والتطرف اليهودي، انجبت هذه المدينة مبادرتها الكفاحية الاولى لمواجهة الفعل الصهيوني – التهويدي عندما قام أهل عكا بصنع نصب تذكاري على ميناء عكا والذي بات اسمه "عيسى العوام" ردا على الاسم اليهودي المفروض.
مبادرة بسيطة جدا بمنح اسم أحد قادة الفعل التحرري العربي لتحرير القدس مع القائد صلاح الدين الايوبي، مبادرة تمتلئ روحا كفاحية تجسد الشكل الوطني للتصدي الشعبي الجماهيري الذي ينهك المغتصب دون أن يلحق بصورة الفلسطيني اي مساس في عالم ارتبك تجاه صورة شعب يستحق البقاء والحياة دون احتلال او اغتصاب.
مبادرة أهل عكا بتعريب اسم الميناء بقائد عربي هو رد به سحر فريد نظرا لشخصية الاسم انتماءا وروحا وفعلا ودينا، تجسيد صورة الفلسطيني الحر الانساني في مواجهة الغول التهويدي، فعل عكاوي يجب أن يصبح فعلا وطنيا في كل شارع وطريق ومكان اسم باسم وفعل بفعل دون أن نفقد قدرة السيطرة على هذا التحرك الشعبي والحذر من بعض "متصيدي الحركة الشعبية" بافعال "خادعة" ترمي لبتر الحقيقي لصالح التزييف.
مبادرة أهل عكا عليها أن تصبع مبادرة وطنية عامة كأحد أشكال مواجهة المشروع الصهيوني – التهويدي، أن تكون حركة شعبية في فلسطين التاريخية كرد وطني عام على هذا المشروع الخطير الرامي الى "تهويد المسألة الفلسطينية" فالوقت ينزف دون صياغة وطنية للرد الحقيقي في ظل "حروب الداخل الخاصة".
ومع السير بهذا الفعل الشعبي الكفاحي يجب على وسائل الاعلام الفلسطينية بكل أشكالها وكذلك العربية أن تعيد خريطة المسميات وأن تبدأ بالتفاعل مع المسمى العربي الفلسطيني وأن تؤكد الاستخدام للجديد منها ولتكن البداية بـ "عيسى العوام".
ملاحظة: هل يدرك البعض أن خسارة موقع أقل كلفة من خسارة مشروع وطني.. فقليل من رحابة الصدر قد تريح وطنا وشعبا.
* وزير وعضو مجلس تشريعي سابق من قطاع غزة. - hasfour@amad.ps