مع اقترابه من إنجاز تركيبة حكومته؛ بدأ نتانياهو ما يشبه الحملة لتسويق أبرز رموزها العنصرية. مصادره تحرص على بث التطمينات وتهدئة الخواطر، بخصوص إعطاء حقيبة وزارة الخارجية للمتطرف افيغدور ليبرمان. قام مكتبه بإصدار بيان، يزعم فيه أن مثل هذا التعيين؛ «يجب أن لا يكون عامل توتر».
وقد انصبّ السعي، في هذا الاتجاه، عن مصر؛ التي تردّد أنها نقلت إلى تل أبيب «عدم رضاها»، على اختيار ليبرمان. رد فعلها طبيعي. فالوزير، الذي صار تسلّمه لهذا المنصب شبه مؤكد، سبق وأن تطاول على مصر ورئيسها. كما هدّد مرة بضرب وتدمير السدّ العالي. الخطر ليس في عنصرية ليبرمان الفاقعة فحسب؛ بل أيضاً في مجيئه كعنوان لسياسة تنوي حكومة نتانياهو اعتمادها.
رئيس الحكومة المكلف، جاء بمن يمكن أن يتعايش معه. صحيح أنه محكوم بالتوازنات الداخلية وبالتالي بالعدد. لكن لو كانت طروحات ليبرمان غير مقبولة لديه؛ لكان عزف عن اختيار صاحبها. الواقع أن تاريخ نتانياهو، المعروف جيداً؛ يضعه في نفس الخندق. الفارق أن وزيره كان أكثر فجاجة منه، في التعبير. هو من ذات القماشة، التي عمل على تمويهها بالمكر والخداع. حتى مبدأ الدولتين، رفضه. ويوم تولى رئاسة الحكومة، عمل على تقويضه، بكافة الوسائل.
اليوم لا يقبل به، ولو كفكرة. لكن بكل حال، الحكومات السابقة، التي طالما تمسّحت بالسلام وتحدثت بلغته وبما يكفي لكتابة مجلدات؛ لم تكن في الحصيلة بأفضل. جولات لا تحصى من المفاوضات واللقاءات والمؤتمرات؛ ذهبت أدراج الرياح. خلالها رفعت إسرائيل من وتيرة عدوانيتها، حروباً واستيطاناً وحصاراً وتقطيعاً لأوصال الأراضي المحتلة وتنكيلاً بأهلها. الآن يأتي طاقم إسرائيلي، كاشف علناً عن أنيابه. ربّ ضارة نافعة. خاصة وأن مسيرة الحوار الفلسطيني، هي حالياً في إجازة قصيرة، فرضها التعثر. من المتوقع استئناف الجلسات، بعد يومين. كما من المفترض أن تكون العودة إلى الطاولة، الجولة الأخيرة.
القمة العربية، باتت على مسافة أيام قليلة. من المرتقب أن يسودها استكمال أجواء المصالحة العربية. المأمول، مع حلول هذا الموعد، أن تكون الوحدة الفلسطينية قد تحققت، من خلال إنهاء الانقسام وتشكيل حكومة وفاق وطني. وحتى لو لم تكن هناك قمة قريبة، فإن مثل هذه الحصيلة باتت حاجة وطنية ماسة.
فالساحة الفلسطينية، نزفت بما فيه الكفاية، طوال فترة الانقسام. وها هي إسرائيل تضع صقور عنصرييها في موقع القرار. طمأنة نتانياهو وفريقه فظّة وفجّة، كتطمينات أية حكومة إسرائيلية أخرى؛ محاولة لتسويق ما لا سوق له. التطمين الوحيد يكمن في إنجاز الوفاق الفلسطيني.