بعد أن عمل نتنياهو على تسجيل الحرم الإبراهيمي ومسجد بلال بن رباح وأسوار القدس ارثا يهوديا فتحت شهية المتطرفين والمستوطنين حيث أعلنوا أنهم يطالبون بإدخال 150 موقعا في غالبيتها مساجد ومقابر بالضفة الغربية بلائحة التراث اليهودي كما شهدت مناطق مثل الصديق يوسف ومقام كفل حارس والشيخ جراح مداهمات لها حيث قام المستوطنون بتأدية شعائر دينية فيها تحت حراسة الجيش بأعداد كبيرة ويترافق ذلك مع الكشف عن مخطط تضعه بلدية القدس الإسرائيلية، اذ اخذ نير بركات رئيس بلدية القدس المحتله موافقة الكنيست على إجراء تغيرات بنيوية في أحياء القدس القديمه التي تعتبر عنوان التاريخ العربي والاسلامي بها في باب العامود والواد وحارة السعدية وخان الزيت وغيرها وربط هذه المناطق بطريق رئيسي يمتد من باب العمود حتى ساحة البراق كما يلتقي بالطريق الذي شق من مغارة سليمان في السور والذي يعمل أيضا على ربط بؤر استيطانية في حارة السعدية.

كما أن منظمة "امناء جبل الهيكل" دعت نتنياهو إلى أن يضم المسجد الأقصى إلى الأرث اليهودي وفق ما ذكرته مؤسسة الاقصى في الوقت الذي تعارض ما أقدم عليه نتنياهو شخصيات إسرائيلية كبرى كون أنه حرك الشارع الفلسطيني ويهدد باندلاع انتفاضة جديدة إضافة إلى رفض المجتمع الدولي لهذه الخطوات ورفض هؤلاء المسؤولين الإسرائيليين لها يأتي من باب قيام نتنياهو بضم الحرم الإبراهيمي الشريف ومسجد بلال دفعة واحدة وليس تدريجيا كما ذكر ذلك شمعون بيرس.

والسؤال الذي يطرح نفسه من وراء ما أقدم عليه نتنياهو هو لماذا يحصل هذا في الوقت الحلي والجواب هو أن الإسرائيليين منذ الاحتلال وحتى الآن لم يكتشفوا أية آثارات يهودية لهم وللهيكل المزعوم في منطقة الحرم القدسي علما بأنهم قد وصلوا في حفرياتهم إلى طبقة الصخور التي يقام عليها بنيان المسجد الأقصى ولو أنهم اكتشفوا أي أثر يهودي لأشهدوا العالم عليه ولذلك فإنهم بدأوا بالتفكير في الاستيلاء على المقدسات والمقابر الاسلامية العربية وتسجيلها في لائحة الأرث اليهودي أولا لكي يلغوا التاريخ العربي والاسلامي ويجردوا الفلسطينيين من تاريخهم الطويل في المنطقة، وثانيا أن يفرضوا نظرية عكسية لهذا بأن أصولهم ضاربة في عمق هذه الأرض وتاريخها والدليل عى ذلك وجود هذه الاماكن التي ترتبط بهم.

وأيضا فإنهم إخترعوا مؤخرا مسألة الحدائق التواراتية والتي حسب خطة بلدية القدس المحتلة سيقام 11 منها في أحياء البلدة القديمة حيث ستحوي هناك تماثيل ورموز وشعارات يهودية وأن من أهم الحدائق التي يخططون لإقامتها تلك التي تقع في حي البستان بسلوان إذ أطلقوا عليها حديقة الملك داوود علما بأنهم مصممون على إزالة 88 بيتا من حي البستان لإقامة هذه الحديقة مع الإشارة هنا أن جمعية "العاد" الاستيطانية التي تشرف على اقامة هذه الحديقه تصرف مبالغ كبيرة جدا في منطقة سلوان كما ترصد مبالغ ضخمة أخرى للبستان، وأن الغالبية العظمى لمصدر هذه المبالغ الجاليات اليهودية في الولايات المتحدة والعالم اضافه الى دعم رسمي حكومي.

ويهدف الإسرائيليون أيضا من وراء الحفريات وإقامة الحدائق العمل على تهجير سكان المدينة إذ أنه من المعروف أن هناك عائلات فعلا قد رحلت من محيط المسجد الأقصى والبلدة القديمة بعد أن ظهرت التشققات في بيوتها وأصبحت أيلة للسقوط. كما يتوقع أن تقوم سلطات البلدية بإجلاء عدد كبير من العائلات الاخرى تحت ذريعة الخوف على حياة السكان بعد أن غدت هذه البيوت خطرة على وجودهم وبذلك يستطيعون تقليل نسبة المقدسيين في البلدة القديمة بعد أن عملوا على إبعاد ما يقرب من 100 ألف خارج جدار العزل.

ولا بد هنا من الإشارة إلى أن نتنياهو قال بعد تسجيل الحرم الإبراهيمي ومجسد بلال أنه سوف يعمل على إعادة ترميمها والمعني هنا إدخال نظام البناء اليهودي على هذه الأماكن بالرغم من أن الخبراء وكبار المهندسين يرون أن نظام البناء الإسرائيلي هو خليط ما بين إسلامي وأوربي حديث كما يظهر ذلك في البناء الذي يشاهد الآن في حارة الشرف ويطلق عليها الإسرائيليون بحارة اليهود ومعهد الخراب الذي سيعلن عن افتتاحه منتصف الشهر.

ولا بد من الإشارة هنا أن هناك أماكن كان المسلمون قد منحوها في العصر العثماني وما قبله لليهود بصفة مستأجرة من باب التساح الديني وقبل ان تظهر الاطماع الصهيونيه الى العلن كلها مقابر مثل مقبرة اليهود بالقدس والتي كانت حدودها الطريق الفاصل ما بين سلوان ورأس العمود قبل عام 48 إلا أن الإسرائيليين بعد الاحتلال أخذوا بتوسعتها على حساب الأملاك الخاصة والعامة في رأس العامود علما بان السلطات الإسرائيلية قد أنذرت قبل أسابيع اصحاب بيوت منطقة الشياح بالهدم لقربها من المقبرة علما بأن مساحة التوسع هذا تعادل المساحة الأساسية المستأجرة من الأوقاف الاسلامية مدة 99 عاما.

* كاتب صحفي متخصص في شؤون القدس. -