وزير الدفاع اهود براك يولي أهمية كبيرة لتسريع بلورة الحلول التكنولوجية للتصدي للهجمات الصاروخية على السواحل الاسرائيلية. براك يعتقد أن على اسرائيل أن تستكمل تسلحها بمنظومة مضادة للصواريخ قبل الانسحاب من الضفة الغربية. عملية التسلح هذه تتطلب فترة تمتد بين 3 – 5 سنوات.

براك توجه أمس الى قاعدة التدريب في تساليم، الموقع المشحون في سيرته الذاتية. ما نشر أمس حول شهادته أمام لجنة فينوغراد أتاح الاطلاع جزئيا على آرائه ومواقفه من ادارة الحرب في لبنان (هو ألمح بأنه لم يكن ليسارع الى شن عملية كبيرة، وانه كان ليُبكر في استدعاء الاحتياط بدلا من ذلك)، إلا أن الاستخلاصات التي تبلورت لديه في الشهر الأخير كانت مثيرة للاهتمام. فمنذ أن عاد براك الى وزارة الدفاع أخذت اقواله ومواقفه بصدد الحرب تتردد في الخطابات العلنية وفي اوساط جهاز الدفاع ومنابره.

رغم أن براك لا يقول ذلك علانية – هو يُحذر من توجيه أصابع الاتهام الى أحد ما بعينه – إلا أنه فوجيء بصورة سلبية في الاسابيع الأخيرة مما اكتشفه حول جاهزية الجيش. في لقاء أمس مع جنود من لواء مدرعات – احتياط قال له أحد عناصر المدفعية في الدبابة بأن هذه اول مرة يطلق فيها القذائف منذ خمس سنوات. وزير الدفاع قال بأن "هذا الشخص لن ينتظر خمس سنوات اخرى حتى التدريب القادم"، فهو يركز على أهمية التدريبات بالنار.

قبل اسبوع التقى براك مع قادة الألوية وفوجيء عندما حدّثه بعض قادة الألوية عن معضلات كانوا قد واجهوها في لبنان مثل التناقض بين قيمة المهمة وبين الخطورة المحدقة بحياة الجنود. براك متفق في هذه النقطة مع موقف بعض الجنرالات القدامى مثل اللواء (احتياط) يورام يئير حيث أشار تقرير الرقابة الذي أعده الى عدم التمسك بالمهمة الذي أبدته بعض وحدات الجيش في لبنان.

وزير الدفاع قال لقادة الألوية بأنه لا يتوجب أن يُشغلوا أنفسهم بمثل هذه المعضلات خلال الحرب ذلك لأن قائد اللواء لا يمتلك تصورا كاملا عما يحدث، وعليه في نفس الوقت أن يُبدي الثقة التامة بالجهاز وبمن أرسلهم – وأن يتصرفوا وفقا لذلك. وأضاف بأن على كل قائد أن يتصرف وكأنه "قوة تسفيكا" في هضبة الجولان – إبان حرب الغفران – حيث تصرفت وكأن كل المعركة ستُحسم من خلالها.

براك التقى مؤخرا مع ضباط قادوا تحقيقات الحرب ومن بينهم الجنرالات احتياط يورام يئير وموشيه عبري – سوكنيك ودورون الموغ. الفجوة الأساسية التي يلاحظ براك وجودها في أداء الجيش في لبنان ترتبط بما قاله لقادة الألوية ويتعلق بالفرق بين الحرب وبين صناعة الأمن الجاري. لم يحافظ الجيش على استمرارية قيادية تتذكر كيف تبدو الامور الحقيقية. الجيش لم يُجرب حربا حقيقية خلال 24 عاما، وقد غابت بعض هذه الحقائق عن الذاكرة. الفرق بين الأمن الجاري والحرب الحقيقية شاسع جدا. في بعض الاحيان يتم ايقاف عملية اعتقال لأحد المطلوبين في المناطق لان بعض عناصر القوة المهاجمة قد أصيبوا، الأمر الذي يدفعها للتركيز على انقاذهم، أما في الحرب فذلك محظور جوهريا وضمنيا. وعلى صف الجنود حتى أن يواصل هجومه حتى وإن سقط الجرحى في صفوفه.

وبالنسبة للاستخلاصات والعبر الأكثر عملية، يؤكد براك الحاجة الى تحسين تحصين الجبهة الداخلية ضد الصواريخ. هو يتحدث عن منظومة متعددة المستويات تعرف كيف توفر الحماية من صواريخ شهاب 3 الايرانية ومن القسام الفلسطيني الرخيص والأكثر بدائية نسبيا. هذه المنظومة عبارة عن مزيج بين الحيتس المحسن و"القبة الفولاذية" التي يتم تطويرها في رفائيل، وربما ايضا وسيلة دفاعية تعتمد على أشعة الليزر. في المجال الهجومي يعتقد وزير الدفاع بأن هناك حاجة الى تحسين قدرة الجيش على المناورة. هو قد طرح في الحكومة فكرة اقامة فرقتين احتياط جديدتين. ليس المقصود فرقتين كاملتين وانما قيادات محددة المهمات تنضم اليها ألوية دبابات من الوحدات التي أُغلقت في السنوات الأخيرة. هذا الأمر لن يتطلب انتاجا مكثفا لدبابات "المركفاه" الجديدة، وانما إخراج نماذج موضوعة من غير استعمال منذ سنوات في المخازن.

في المقابل هناك حاجة الى تحصين الدبابات من الصواريخ المتطورة المضادة للدروع التي تمتلكها سوريا وحزب الله. براك قال خلال زيارة لرفائيل بأن على الجيش أن يُسرِّع تزوده بمنظومة مضادة للصواريخ المضادة للدروع تحت اسم "رداء الرياح". اذا كانت دبابة ثمنها 3 ملايين دولار بحاجة الى تحصين قيمته 150 ألف دولار، فهذا ثمن معقول في نظره. وزير الدفاع لاحظ وجود نفقات عاجلة اخرى خصوصا في مجال الاحتياط، كما ظهرت من خلال الفجوات المقلقة إبان الحرب ومنها تسليح سلاح الجو بأسلحة متطورة. بعض هذه الخطوات سيتطلب ميزانيات كبيرة، وبراك يُعول في ذلك على اضافات الدعم العسكري التي وعدت بها الولايات المتحدة. هو لا يرى أهمية كبيرة في خوض اسرائيل لكفاح ضد إمداد السعوديين بالسلاح في اطار تلك الصفقة الموعودة، فالامريكيون ما زالوا ملتزمين بتفوق اسرائيل النوعي، وهذا هو الأمر المهم في نظره.

عندما طرح براك أفكاره في مداولات الحكومة في الاسبوع الماضي، قال له حاييم رامون بأنه يسعى الى بناء جيش ملائم "للاوضاع المتطرفة". براك من ناحيته نفى وقال أن اقتراحاته تُركز على الاستعداد للمجالات المعقولة من الامكانيات والاحتمالات الناشئة. - هآرتس 8/8/2007 -