غزة - (القدس) - بدأ أوائل المستوطنين بمغادرة قطاع غزة بعد أن افتتحت السلطات الاسرائيلية أمس، المجمع السكني الجديد في «نيتسان» قرب عسقلان والذي من المقرر أن يستوعب مئات العائلات التي ستخلي من القطاع عند تنفيذ خطة الفصل في منتصف الشهر الجاري.

ويأتي ذلك في وقت أوفد فيه اريئيل شارون رئيس الوزراء الاسرائيلي، مستشاره دوف فايسغلاس الى واشنطن، للطلب من الادارة الاميركية تقديم «رزمة» مساعدات للدولة العبرية مقابل تنفيذ «خطة الفصل».

فقد أعلن وزير الاسكان اسحق هيرتسوغ للاذاعة العسكرية أمس، ان "نيتسان ستستقبل نحو 300 عائلة بينها 160 اعتبارا من هذا الاسبوع".

واوضح ان السلطات وجدت حلولا "لاعادة اسكان كل من عائلات المستوطنين وعددها 1550"، مضيفا "اننا سنلجا الى الشقق المفروشة والفنادق في حال لم تكن المنازل جاهزة بعد بحيث يكون لكل عائلة مأوى".

لكن هرتسوغ لفت الى ان وزارته "تنطلق من فرضية ان نصف مستوطني قطاع غزة فقط سيقبلون بمغادرة منازلهم طوعا قبل 51 اب"، اي قبل يومين من التنفيذ الفعلي لعملية الانسحاب.

يأتي ذلك في وقت أعلن فيه مسؤول عسكري اسرائيلي كبير، عن أن وجود أي مستوطن أو مدني اسرائيلي في قطاع غزة ابتداء من الخامس عشر من آب سيعتبر غير شرعي.

ففي وقت لاحق من الليلة الماضية، اعلن قائد المنطقة الجنوبية من اسرائيل الجنرال دان هيريل المكلف اجلاء المستوطنين من قطاع غزة ان اي وجود للمستوطنين او لمدنيين اسرائيليين في قطاع غزة ابتداء من الخامس عشر من آب سيعتبر "غير شرعي". وقال الجنرال هاريل في تصريح الى التلفزيون الاسرائيلي الرسمي "ابتداء من الساعة صفر من الخامس عشر من آب سيعتبر وجود اسرائيليين في مستوطنات قطاع غزة غير شرعي وسنمنع الدخول الى القطاع".

وتابع قائلا "ان فرقا من الجيش ستلتقي السكان الذين يكونون لا يزالون في منازلهم لتحذيرهم بانهم يملكون 48 ساعة للرحيل طبقا لقرار الحكومة" ببدء الانسحاب في السابع عشر من آب. وقال ان على الجيش ان "يضرب بشكل وقائي" لمنع حصول هجمات فلسطينية خلال الانسحاب، الا اذا تمكنت السلطة الفلسطينية من وقف هذه الهجمات.

وفي مقابل ذلك، دعا الحاخام اسرائيل روزن الذي يعتبر من اشهر حاخامات الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية أمس المستوطنين الى الموافقة على مغادرة القطاع .

وقال الحاخام في تصريح الى التلفزيون الرسمي "علينا ان نعترف باننا خسرنا المعركة" ضد الانسحاب من قطاع غزة. ويترأس هذا الحاخام مؤسسة دراسات دينية في الون شفوت في مجمع غوش ايتسيون الاستيطاني قرب بيت لحم.

واضاف الحاخام روزن "علينا ان نبين قوتنا عبر تحويل هذا الطرد ليهود من منازلهم الى يوم حداد وطني". وتابع قائلا "لا يهمني ان ينعتني بعض الاشخاص من معسكري بالخيانة. المهم ان يجد الاشخاص الذين سيطردون حلا بديلا". وكان نائب وزير الدفاع الاسرائيلي زئيف بويم قد أعلن أمس، للاذاعة العامة ان اسرائيل ستنفذ عملية عسكرية واسعة في قطاع غزة في حال تعرضت عملية الانسحاب لاطلاق نار. واضاف "في حالة اطلاق النار، سنوقف الانسحاب ونوجه ضربة كبيرة في عملية على مستوى الفرقة"، وتتالف الفرقة من اربعة الوية وتضم من ستة الى ثمانية الاف عسكري.

وقال بويم ان مثل هذه العملية ستؤخر انسحاب القوات الاسرائيلية واجلاء المستوطنين من غزة من عشرة ايام الى اسبوعين.

وقال نائب وزير الدفاع ان العملية العسكرية اذا نفذت فستشمل بصورة رئيسية منطقة خان يونس جنوب القطاع والقريبة من تجمع مستوطنات غوش قطيف الذي يضم نصف مستوطنات غزة وعددها 21 مستوطنة.

وقال زئيف بويم "اعتقد ان المشكلة الرئيسية تكمن في منطقة خان يونس والعملية ستنفذها فرقة وهذا يعني ان جدول الانسحاب سيتغير".

واضاف "في اسوأ الحالات ستكون عملية بحجم عملية +السور الواقي+ وتستمر ما بين عشرة ايام واسبوعين، الوقت اللازم لتوجيه ضربة قاسية للارهاب للقضاء عليه" على حد تعبيره. ونفذ الجيش الاسرائيلي في نهاية اذار 2002 عملية برية واسعة اطلق عليها اسم "السور الواقي" في الضفة الغربية وعاود فيها احتلال المدن الفلسطينية الكبرى.

وتترافق هذه المستجدات مع توجه دوف فايسغلاس مستشار رئيس الوزراء الاسرائيلي اريئيل شارون الى واشنطن أمس، لإجراء مباحثات مع وزيرة الأمن الأميركية كوندوليزا رايس بشأن المساعدات التي طلبتها الدولة العبرية من واشنطن لتنفيذ خطة الفصل.

وعلى الصعيد الدبلوماسي توجه دوف فايسغلاس مساء امس الى الولايات المتحدة ومن المقرر ان يعقد اليوم لقاء مع كونداليزا رايس، لبحث ما تسميه اسرائيل رزمة «مساعدة الفصل» التي ستقدمها واشنطن كهبة للدولة العبرية ، وطلب الادارة الاميركية موافقة اسرائيل على تزويد قوات الامن الفلسطينية بالذخيرة. ويعرض على بساط البحث اقتراح مصري ينص على تزويد السلطة الفلسطينية بذخيرة خفيفة، ويبدي ارئيل شارون وشاؤول موفاز وزير الدفاع تحفظات على تسليم الفلسطينيين ذخيرة، اذ يتخوف شارون من مشاكل سياسية داخلية، قد تثار تحت ذريعة تكرار الخطأ الذي ارتكبته اسرائيل في اتفاقات اوسلو. وقال ديك جونز السفير الاميركي المرتقب امام لجنة استجواب في الكونغرس، اقرت خلاله تعيينه سفيراً في اسرائىل، بأنه «يتفهم المعضلة الاسرائيلية» الكامنة بتعزيز قوات الامن الفلسطينية. وابلغت اسرائيل الولايات المتحدة بأنها توافق على نقل «معدات غير فتاكة» للفلسطينيين مثل شاحنات اجهزة اتصال، لكن طلب الذخيرة «ما زال قيد الدراسة».

وسيحاول فايسغلاس خلال زيارته معرفة مدى حزم الطلب الاميركي، وستؤثر التقارير التي سيقدمها فور عودته الى اسرائيل على طابع القرار النهائي.

وتتوقع اسرائىل من الولايات المتحدة الاعلان وقبل تنفيذ مخطط الفصل عن نيتها تقديم مساعدات لها بمبلغ 1،2 مليار دولار. ويخصص ثلث هذا المبلغ لنقل القوات العسكرية الاسرائيلية الى خارج قطاع غزة، ويخصص الثلثان الاخران الى تطوير الجليل والنقب.

وقالت المصادر الاسرائيلية انه من المتوقع ان يطالب فايسغلاس بمقابل سياسي اخر، اضافة للمساعدات المالية، وذلك لادراكه بان عشية الفصل هو الوقت المناسب لذلك، وتعلق الادارة الاميركية امالا عريضة على تنفيذ مخطط الفصل وذلك في ضوء تورطها في العراق والصعوبات التي تواجهها بفرض الديمقراطية في العالم العربي.

وكانت وزيرة خارجية الولايات المتحدة زارت اسرائيل قبل اكثر من اسبوع وطالبت شارون وموفاز بتزويد اجهزة الامن الفلسطينية بذخيرة، وكان نصر يوسف وزير الداخلية الفلسطيني قد اكد عدم قدرته على العمل بدون سلاح وذخيرة كافية للقوات الفلسطينية، اذ سيؤدي نقصها الى وضع عقبات امام الحفاظ على الهدوء في قطاع غزة خلال اخلاء المستوطنين.

وقالت مصادر سياسية اسرائيلية بأن الجنرال دان حلوتس رئيس هيئة اركان الجيش، لا يعارض تسليم الذخيرة للفلسطينيين. وكان يوفال ديسكين رئيس المخابرات الاسرائيلية العامة (الشاباك) قال في مشاورات داخلية انه لا تتوفر لدى الشرطة الفلسطينية ذخيرة كافية.

وترى الادارة الاميركية اهمية كبيرة بالتنسيق الناجح للفصل، الامر الذي سيمكن من عرض الانسحاب الاسرائيلي من قطاع غزة وشمال الضفة الغربية وكإنجاز للرئيس محمود عباس . وتنوي رايس العودة للمنطقة بتاريخ 15 اب وذلك بهدف متابعة الفصل عن كثب وابراز التدخل الامريكي.

ويبدو ان هذه الزيارة لا تثير تلهفاً لدى رئيس الحكومة الاسرائيلية، ومن المقرر قيام اليوت ابرامز نائب مستشار الامن القومي الاميركي بزيارة خاصة لاسرائيل تقضي خلالها اجازة لمدة عشرة ايام.

وقالت مصادر سياسية اسرائيلية بأن القرار النهائي حول زيارة رايس سيتخذ في فترة قريبة من موعد الفصل. مخاوف من المستوطنين للإخلاء هذا و تخشى الحكومة الاسرائيلية ان يتمسك نصف المستوطنين اليهود المقرر اجلاؤهم من قطاع غزة بالبقاء ويرفضون اعادة توطينهم في اماكن اخرى مما سيرغم القوات على اخراجهم قسرا. ومن المقرر اجلاء نحو تسعة الاف مستوطن من قطاع غزة واربع مستوطنات في الضفة الغربية هذا الشهر في اطار خطة رئيس الوزراء الاسرائيلي لفك الارتباط مع الفلسطينيين. ورغم ادانة القوميين المتطرفين في اسرائيل لخطة الانسحاب بوصفها خيانة لليهود ومكافأة للانتفاضة الفلسطينية سجلت الحكومة تزايدا في عدد الطلبات التي قدمها مستوطنون لاعادة توطينهم في اماكن اخرى.

وحتى الاسبوع الماضي اظهرت بيانات رسمية ان نحو 750 اسرة من المقرر اجلاؤها من قطاع غزة والضفة الغربية والبالغ عددها 1800 اسرة قدمت طلبات للحصول على المساعدات المالية التي خصصتها الحكومة لاعادة التوطين وذلك مع تزايد مساعي السلطات لاقناع المزيد بتقديم طلبات.

ونصب مئات القوميين المتطرفين خياما في مستوطنات غزة بهدف تعزيز المقاومة للانسحاب. ودعا مجلس المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية وقطاع غزة /ييشع/ الى احتجاجات لا تنطوي على عنف لكن مسؤولين اسرائيليين يقولون ان بعض المحتجين قد يلجأون الى العنف.

وسيتسلم المستوطنون المقرر اجلاؤهم انذارات باخلاء مساكنهم خلال 48 ساعة في 15 اب وعدم الالتزام قد يكلفهم فقد جزء من التعويضات.

وينص القانون على ان المستوطنين الذين سيبقون في منازلهم الى ان تضطر قوات الامن الى اجلائهم في 71 اب سيفقدون الحق في الحصول على منح تتراوح بين 41 الفا و72 الف شيكل لتغطية نفقات الانتقال.

كما انهم يخاطرون ايضا بفقد منحة اخرى تبلغ 4800 شيكل عن كل عام اقاموا فيه في احدى مستوطنات غزة او الضفة الغربية بعد سن 21 عاما. وقد يصل هذا المبلغ بالنسبة لرجل وزوجته اقاما 20 عاما في احدى تلك المستوطنات الى نحو 200 الف شيكل. وقال مسؤول في سلطة فك الارتباط ان اتصالات سرية اجريت مع مستوطنين لم يقدموا طلبات للحصول على المنح التي خصصتها الحكومة. وأضاف «الاتصالات السرية ستبقى سرية. اجري عديد من الاتصالات الهاتفية والاجتماعات لكن عدد الطلبات الذي اسفر عنه ذلك قضية اخرى.