تل ابيب - وكالات: بدأت اسرائيل امس، فرض اجراءات عسكرية صارمة على الضفة الغربية توطئة لما تعهدت بأن يكون ردا عسكريا عنيفا على التفجير الانتحاري الذي أسفر عن مقتل خمسة اسرائيليين.
واعطى رئيس الوزراء الاسرائيلي ارئيل شارون الضوء الاخضر لتوجيه ضربات لزعماء حركة الجهاد الاسلامي التي تقف خلف هجوم نتانيا في وسط اسرائيل وسط حملة لاعادة انتخابه في مواجهة خصومه اليمينيين الذين يتهمونه بالتساهل مع الفلسطينيين. وقال وزير الخارجية سيلفان شالوم "سنبذل قصارى جهدنا لضرب المهاجمين".
وكان شالوم يتحدث بعد موافقة مجلس الوزراء الاسرائيلي المصغر على خطط للرد على الهجوم الانتحاري الذي وقع في مركز تجاري مزدحم والذي هدد بإثارة موجة جديدة من العنف يمكن ان تؤدي الى وأد امال السلام التي انتعشت بانسحاب اسرائيل من قطاع غزة. وشدد الجيش الاسرائيلي القيود على حركة الفلسطينيين في الضفة الغربية ونفذ غارات أدت الى اعتقال 41 شخصا يشتبه في صلتهم بالهجوم الذي شن عند مجمع تجاري مزدحم في نتانيا. واعتَقل والد منفذ الهجوم واشقاءه الثلاثة.
من جهة ثانية، أعلنت مصادر إعلامية إسرائيلية، امس، أن الجيش الإسرائيلي سيطلق قذائف مدفعية باتجاه مناطق مأهولة بالسكان في غزة، رداً على إطلاق صواريخ "القسام". وقالت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، إن قرار إغلاق قطاع غزة والرد العنيف، اتخذ يوم أول من أمس، في أعقاب العملية التي وقعت في نتانيا، وفي أعقاب تصعيد إطلاق صواريخ القسام من قطاع غزة في الآونة الأخيرة.
وأكدت الصحيفة، أن الجيش الإسرائيلي ينوي قصف المناطق التي تخرج منها صواريخ "القسام" بالمدفعية بعد مطالبة سكانها بواسطة مكبرات صوت بإخلائها. وأضافت الصحيفة، أنه تم إعطاء تعليمات للجيش الإسرائيلي، إضافة إلى التعليمات التي وجهت له من قبل باستئناف سياسة الاغتيالات، إغلاق قطاع غزة والضفة الغربية بشكل كامل، ومنع أفراد الشرطة الفلسطينية من حمل الأسلحة في منطقة طولكرم، التي تتبع لها بلدة علار.
ونوهت الصحيفة، إلى أن القرارات التي صادق عليها ارئيل شارون، رئيس الوزراء الإسرائيلي، تشمل منع دخول الفلسطينيين إلى إسرائيل، وإلغاء جميع التصاريح من نوع "VIP"، ومنع دخول العمال الفلسطينيين بدون تحديد المدة الزمنية، وعدم إتاحة المجال لمرور القوافل الفلسطينية بين الضفة الغربية وقطاع غزة، إضافة إلى إعطاء الضوء الأخضر للبدء بعملية عسكرية واسعة ضد حركة "الجهاد الإسلامي" في الضفة الغربية.
وكان شاؤول موفاز، وزير الدفاع الإسرائيلي، قد أعلن، أن الجيش يستعد للقيام بحملات عسكرية في شمال الضفة الغربية وقطاع غزة، تشمل فرض إغلاق شامل وعمليات اغتيال ناشطين فلسطينيين من الجهاد الإسلامي، وتوسيع عمليات الاعتقال.
ونقلت مصادر إعلامية عن موفاز في ختام الاجتماع الأمني قوله: إن الجيش يستعد لتنفيذ حملة عسكرية في الساعات القريبة المقبلة، مشيرة إلى أن الحملة العسكرية، قد تستمر لأسابيع أو أشهر. من جهة أخرى، توجه موفاز إلى المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية مناحيم مزوز، طالباً السماح بتجديد انتهاج الجيش لسياسة هدم بيوت عائلات منفذي العمليات.
وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي، قد هدم منذ اندلاع الانتفاضة في تشرين الأول 2000 آلاف البيوت في الأراضي الفلسطينية. ولفت مراقبون سياسيون إسرائيليون إلى أن ردود الفعل على عملية "نتانيا" لن تخلو من اعتبارات سياسية في إطار المعركة الانتخابية الجارية في إسرائيل وخصوصاً بين موفاز وشارون. وقال عكيفا إلدار المعلق السياسي في صحيفة "هآرتس": إن فرض إغلاق على قطاع غزة من خلال المعابر، يتعارض مع اتفاق المعابر، الذي تم توقيعه مؤخراً، بين إسرائيل ومصر والسلطة الفلسطينية، وتعهدات إسرائيل للإدارة الأميركية بالامتناع عن إغلاق المعابر رداً على عمليات.
وأضاف إلدار "إنه من ناحية أخرى فإنه إذا رفض شارون الاستجابة لاقتراح موفاز فإنه سيقع في فخ نصبه موفاز له بعد أن تحول من حليف إلى خصم سياسي لشارون". وقال: إن معضلة شارون المركزية في هذا السياق، انه في حال استجاب لاقتراحات موفاز، فإن توتراً سيسود العلاقات بين شارون وحليفه الأكبر الرئيس الأميركي جورج بوش وهذا أمر لن يقلق بتاتاً موفاز الذي يتنافس على خلافة شارون على رأس حزب "الليكود".
وأضاف إلدار أن "العملية التي وقعت متزامنة مع إطلاق صواريخ "القسام" على البلدات في شمال النقب والانشغال المبالغ فيه في الخطر الإيراني والتوتر في الشمال على الحدود الإسرائيلية اللبنانية، من شأنها أن تركز الأنظار مجدداً في إسرائيل على القضايا الأمنية".