كشف السفير الأميركي في اسرائيل، دان كيرتسر، النقاب عن عدم وجود تفاهمات بين اسرائيل والادارة الامريكية بشأن بقاء الكتل الاستيطانية الكبرى في الضفة الغربية، وذلك خلال تصريحات افضى بها امام متدربين في وزارة الخارجية الاسرائيلية قبل عدة أيام، مضيفا ان حكومة اريئيل شارون لن تبقى حتى نهاية الولاية.

وقالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" التي أوردت النبأ أن كيرتسر، السفير المخضرم لامريكا في اسرائيل، نسي على ما يبدو النصيحة التي اسداها ذات مرة تيدي كوليك لمن سعى الى افشاء سر له: اذا كنت تريد ان تبقى الامور طي الكتمان، قال كوليك، فاحرص على ان تكشفها لاثنين فقط، شريطة أن يكون أحدهما ميت. وفي اللقاء المغلق مع متدربي وزارة الخارجية، تحدث كيرتسر بصراحة غير عادية، دون مرشحات المسموح والممنوع.

الاقوال التي اطلقها امام جيل المستقبل من الدبلوماسيين الاسرائيليين مذهلة - بعضها كفيل باحراج حكومة اسرائيل. وهاكم مقاطع مختارة من اقوال السفير في الحديث المغلق.

دحض كيرتسر على مسمع من المتدربين الحجة الاساس لاريئيل شارون ورجاله والتي بموجبها يوجد "تفاهم" مع ادارة بوش في أنه في التسوية الشاملة المستقبلية مع الفلسطينيين ستبقى كتل الاستيطان الكبرى في يهودا والسامرة تحت سيادة اسرائيلية. وادعى السفير بان الحديث يدور عن سوء فهم لمعنى الامور التي قيلت لمكتب شارون في المحادثات مع الادارة الامريكية. "لنأخذ مثلا مسار الجدار في منطقة غوش اريئيل ومعاليه ادوميم" قال كيرتسر. "هذا مثال على سوء الفهم الذي ينبع من سوء الفهم اللغوي".

"تعلمت من وسائل الاعلام الاسرائيلية أن أصحاب القرار عندكم يعتقدون بانه تحققت تفاهمـات ( understandings) مع واشنطن في هذه المسائل. وأنا اقول لكم إنه لم تتحقق أبدا تفاهمات كهذه وقد فحصت الامر مع واشنطن كي القى الاسناد الى هذا الموقف.

"احيانا عندما ينهي أمريكي حديثه بكلمتي "أنا أفهم"، (I understand) يفسر الامر لدى السامع الاسرائيلي غير الضليع باللغة الانجليزية كتأكيد على وجود تفاهمات تحققت في الحديث".

في موضوع خطة فك الارتباط قال كيرتسر: "نحن نفترض انها ستنجح. وسيكون للفلسطينيين بضعة اشهر لتطبيق تعهداتهم. وفي ايلول - تشرين الاول سيطرح المطلب - بجدية - للانتقال لتطبيق خريطة الطريق. والسؤال سيكون في اي نقطة من خريطة الطريق نبدأ. هذا الموضوع سيبحث في زيارتي شارون وابو مازن في أمريكا.

"ولكن المشكلة هي ان الحكومة الحالية لن تصمد حتى نهاية الولاية. فاذا ما سقطت الحكومة بالفعل سيكون لهذا آثار واضحة على استمرار المسيرة، وذلك لانه من شبه المؤكد ستستأنف العمليات الارهابية انطلاقا من النية للتأثير على نتائج الانتخابات في اسرائيل".

وتطرق السفير أيضا الى علاقات اسرائيل - الولايات المتحدة وقال بان هذه "تجبي من امريكا ثمنا باهظا بسبب الحاجة للدفاع عن اسرائيل في المنظمات الدولية. ولكن هذا ثمن الولايات المتحدة مستعدة لدفعه".

وتحدث السفير ايضا عن "الاخطاء الاسرائيلية في الساحة الدبلوماسية في امريكا"، ملمحا بنمط حديث شارون في احاديثه مع قادة الادارة. وقال السفير ان "للاسرائيليين ميل للتكرار المرة تلو الاخرى لذات المواضيع. فمثلا، في بداية كل لقاء سياسي يكرر الناطق الاسرائيلي اللازمة "القدس العاصمة الخالدة والموحدة لاسرائيل"".

وفي مسألة التسلح النووي لايران ألمح كيرتسر بان امريكا لن تنتظر زمنا غير محدود الى أن يتوصل الاوروبيون الى ترتيب مع الايرانيين، وأنه يجب التوقع لامكانية أن تطلق أمريكا صواريخ باليستية بهدف تدمير المواقع النووية في ايران.

"على الايرانيين ان يفهموا الرسالة: الصواريخ لم تنطلق على الدرب بعد، ولكن هذا لا يعني أنها لن تنطلق على الدرب في المستقبل اذا لم يتوقف الايرانيون عن الجهود للتسلح النووي. الولايات المتحدة واسرائيل متفقتان حول الخطر النووي الذي تشكله ايران تجاه العالم، ولا سيما الشرق الأوسط.

"الرئيس بوش يحاول أن يشدد الموقف الاوروبي حيال ايران وذلك كي يفهموا بانه لا يمكنهم ان يخدعوا أو يتجاهلوا ما يتوقع الآخرون منهم. امريكا غير مستعدة للانضمام الى "سياسة الجزرة" التي يوصي بها الاوروبيون كي توافق ايران على التعاون".

بل وتحدث كيرتسر لاول مرة عن فترة خدمته كسفير أمريكي في مصر وظواهر اللا سامية التي اصطدم بها عن كثب: "في مصر شهدت مظاهر لا سامية كلاسيكية بسبب كوني يهوديا أحترم أكل الحلال. والصحف في مصر تناولت هذا الموضوع باسلوب مستوى سوء الفهم فيه لدى المصريين عميق جدا.

"طرحت مسألة اللا سامية في محادثاتي مع الرئيس مبارك، وهكذا فعل أيضا السفراء الذين خلفوني، ولكن دون نجاح كبير. الصحافة المصرية لا سامية جدا". ومع ذلك قدر كيرتسر بان اتفاق السلام بين اسرائيل ومصر مستقل وانه "سيصمد".

وتطرق كيرتسر ايضا الى موقف الولايات المتحدة من بيع السلاح الاسرائيلي للصين قال: "اذا ما نشبت حرب في المنطقة، لا تريد أمريكا ان يكون في يد الصين وسائل قتالية، سلاح وتكنولوجيا من انتاج اسرائيلي. سيكون أصعب علينا بكثير منع الاوروبيين من بيع سلاح للصين اذا كانت حليفتنا اسرائيل تفعل ذلك".

واضاف السفير يقول: "مندوبو الجيش الاسرائيلي تلقوا الدعوة الى واشنطن للحصول على ارشادات كي يفهموا على ماذا يستند القلق الامريكي. نحن نخشى من أن يكون هناك احتمال في تغيير موازين القوى بيننا وبين الصينيين، ولا نريد أن يكون لاسرائيل دور في ذلك.