بيت لحم : بعد أسبوع كامل حافل بالنقاشات والمداولات حول العديد من القضايا الكنسية والتربوية والصحية والمدنية أنهى مؤتمر الاتحاد اللوثري العالمي أعماله الثلاثاء الماضي في دار الندوة الدولية في مدينة بيت لحم باصدار بيان هام حدد فيه مواقفه وقراراته وتوصياته حول العديد من قضايا الاتحاد الداخلية والقضايا السياسية المختلفة في العالم.

وجاء في البيان الختامي حول الوضع في المنطقة أن الاتحاد عقد مؤتمره للمرة الأولى في الديار المقدسة تلبية لدعوة الكنيسة اللوثرية في الديار المقدسة والأردن. وقد أتاح ذلك فتح عيون العديد من المشاركين الى رؤية المعاناة الفلسطينية اليومية التي غالباً لا نراها عبر وسائل الاعلام المختلفة. وجئنا الى هنا كي نفهم ضرورة التعهد والالتزام لبناء وتحقيق السلام في المنطقة. كما دعا الى ذلك المطران منيب يونان حينما قال ان عملية الشفاء تبدأ باظهار الحقيقة وكسر حالة الصمت التي تخفي معاناة الذين تنتهك حقوقهم، وفقط من خلال انبعاث ضوء الحقيقة الذي يكشف الأكاذيب والأضاليل المستخدمة لتبرير المعاناة المفروضة على الأبرياء يمكن لبذور المصالحة أن تنمو وتتحول الى جذور.

ودعا البيان الى انهاء الاحتلال الاسرائيلي واعتبر الانفصال عن قطاع غزة خطوة ايجابية على طريق تنفيذ خطة خارطة الطريق وانهاء الاحتلال والتوصل الى حل واقامة الدولتين المستقلتين والقدس عاصمة مشتركة لهما.

وانتقد البيان اقامة الجدار العازل الذي يلحق الأضرار الكبيرة بحياة المواطن الفلسطيني ويزيد من معاناته، اذ يمنع العديد من المواطنين من تأدية شعائرهم الدينية ويمنع طلاباً من الوصول الى مدارسهم، ويمنع مزارعين من الوصول الى حقولهم، ويمنع أطباء وممرضين من الوصول الى المستشفيات لاداء واجباتهم الانسانية.

ولمس المشاركون في المؤتمر غياب حرية الحركة والاقامة ومنع جمع الشمل للعائلات الفلسطينية في حين تتم عملية توسيع المستوطنات ومصادرة مساحات عديدة من الأراضي الفلسطينية.

ورأى المشاركون في المؤتمر أن الضغوطات الممارسة على الفلسطينيين أدت الى انحسار عدد المسيحيين في الديار المقدسة، ووجودهم يجب أن يلقى الدعم اللازم لأن الوجود المسيحي هو شرط حيوي وضروري لتطوير المؤسسات التربوية المرتبطة بالكنائس وتوفير الدعم المالي لها..وهذا الدعم يعزز آمال المواطنين في حدوث تغير ايجابي ويساهم في الاعداد لأرض خصبة لبناء وتحقيق اتفاق وتفاهم بين الشعبين الفلسطيني والاسرائيلي حول المصالحة.

وأضاف البيان أن العدالة وتطبيق القانون أمران يجب احترامهما وأن يسودا في هذه الديار. بناء المصالحة والتأسيس للعدالة يحتاجان الى اعتراف متبادل من جانب كل منهما.

ودعا البيان الكنائس المشاركة في الاتحاد الى تشجيع الحج المقدس الى الديار المقدسة لاتاحة الفرصة للسياح المسيحيين كي يخبروا بحقيقة الظروف في المناطق الفلسطينية، والعمل على تعزيز الايمان.

وأقر المؤتمر دعوة المطران يونان الى اقامة صلاة سنوية مشتركة في القدس من أجل السلام والمصالحة بمشاركة مسيحيين ومسلمين ويهود، فلسطينيين واسرائيليين.

وأكد المؤتمر دعمه للحوار ما بين الأديان وبخاصة في الديار المقدسة. وجاء في نهاية البيان اننا ككنائس نتعهد على مواصلة العمل من أجل تحقيق السلام والعدالة والمصالحة في الديار المقدسة.

وقد عقد رئيس الاتحاد المطران مارك هانسون والسكرتير العام د. اسماعيل نوكو ونائب رئيس الاتحاد المطران يونان مؤتمراً صحفياً تم خلاله التطرق الى موضوعين مهمين وهما لقاء قادة الاتحاد بالمسؤولين الفلسطينيين والاسرائيليين، وتقييم عام للمؤتمر. وقال المطران هانسون ان اللقاء مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس كان ايجابياً جداً اذ تم مناقشة نشاطات وخدمات الاتحاد في المنطقة وأهمية عقد المؤتمر في بيت الحم والقضايا السياسية والانسانية اليومية. وشكر المطران يونان الرئيس عباس على منح الاتحاد ممثلاُ برئيسه والكنيسة اللوثرية العربية ممثلة بالمطران يونان قلادة بيت لحم.

وقال المطران هانسون أيضاً ان الرئيس الاسرائيلي موشيه كتساف ركز في حديثه معهم على ما يجب أن يقوم به الفلسطينيون من أجل السلام ولم يتحدث عما يجب أن يقوم به الاسرائيليون في حين أن الرئيس عباس كان أكثر وضوحاً اذ قال وبكل صراحة ما يجب أن يقوم به الفلسطينيون من أجل تحقيق السلام.

وقال الأمين العام اسماعيل نوكو أن موضوع فرض ضرائب باهظة على المؤسسات الدينية والانسانية قد يؤدي الى اغلاق مستشفى المطلع بالقدس، وقد أثار الوفد هذا الأمر الخطير أمام الرئيس الاسرائيلي موشيه كتساف وطلب اليه التدخل والعمل على الغاء هذه الضرائب.

وفي تقييمه للمؤتمر قال المطران هانسون، أن مكان عقد المؤتمر هو انجاز كبير اذ ان اختيار الديار المقدسة وجه رسالة تضامن الى المسيحيين في هذه الديار وأتاح أيضاً الفرصة كي نرى الحقيقة من خلال عيوننا، وكذلك أتاح الفرصة للاطلاع على حياة الكنيسة اللوثرية وبقية الكنائس في الديار المقدسة.

وقال المطران يونان، ان من أهم انجازات المؤتمر انه جاء تلبية لدعوتنا :"تعال كي ترى الحقيقة" وجاء أيضاً دعماً لكنيستنا والاطلاع على حياتها وأبنائها المؤمنين. وجاء رسالة تضامن مع أبناء الوطن المسيحيين اذ ان المؤتمر عزز من وجودهم وأكد وجود أخوة لهم يوفرون لهم الدعم والمساندة.

ويذكر أن حوالي 170 مندوباً من 138 دولة يمثلون حوالي 67 مليون لوثري في العالم حضروا أعمال هذا المؤتمر التي بدأت صباح يوم الأربعاء الماضي وانتهت يوم أمس.