ينفذ موظفو السلطة اضراباً تحذيرياً اليوم وغداً في حين اعلن المعلمون اعتزامهم الاضراب مع بدء العام الدراسي الجديد في مطلع الشهر القادم على خلفية عدم دفع الرواتب. في حين نددت الحكومة بهذه التحركات وحذرت من الاستجابة لدعوات الاضراب ملوحة بـ"المساءلة القانونية".

فقد أكد بسام زكارنة، نقيب العاملين في الوظائف الحكومية، أن "إضراباً تحذيريا لموظفي السلطة سينفذ صباح اليوم وغدا، بحيث يتوجه الموظفون إلى الوزارات والمؤسسات التي يعملون بها، ويوقعون على كشوفات الحضور والغياب، مع الامتناع عن العمل طوال اليومين، في حين ستنظم بعض الوزارات والمؤسسات اعتصامات أمام مقراتها ما بين الساعة التاسعة والعاشرة صباحاً، كخطوة احتجاجية على عدم تقاضيهم رواتبهم للشهر السادس على التوالي".

وأشار زكارنة إلى أنه تقرر، وبعد اجتماع النقابة في رام الله، أمس، تنظيم مسيرة جماهيرية حاشدة إلى مقر الرئاسة في رام الله، وسيتم إقرار الموعد المحدد لانطلاقها لاحقاً، بحيث تكون في الثلاثين أو الحادي والثلاثين من آب الجاري.

وأكد زكارنة، أنه وبالتنسيق مع اتحاد المعلمين الفلسطينيين، واتحاد نقابات المهن الطبية، تم التأكيد على أن الثاني من أيلول المقبل هو الموعد الرسمي لانطلاق الإضراب الشامل والمفتوح، مشدداً على أن الإضراب ليس غاية بحد ذاته بقدر ما هو وسيلة للضغط على الحكومة والرئاسة للوقوف عند مسؤولياتهما في التخفيف من معاناة الموظف الحكومي، الذي بات يخسر كل شيء بسبب انقطاع الرواتب .. البعض أوقف دراسة أبنائه الجامعية، وآخرون لا يملكون أجرة المواصلات لمقار عملهم، في حين وصل الأمر ببعضهم للبحث عن الطعام بين النفايات .. هذا أمر لا يطاق. وأشار زكارنة إلى أن اتحاد المعلمين الفلسطينيين، واللجنة المطلبية للاتحاد، والتي تضم أعضاء من جميع الفصائل الفلسطينية بما فيها حركة حماس، أقرت الثاني من الشهر المقبل موعداً للإضراب، حيث تم الإعلان عن تأجيل افتتاح العام الدراسي الجديد، بينما أكد اتحاد نقابات المهن الطبية، على مشاركته في الإضراب، حيث سيقتصر العمل في المستشفيات الحكومية على قسم الطوارئ، وإجراء بعض العمليات الجراحية الطارئة، في حين لن يشمل الإضراب مصلحة المياه، وإدارة المعابر، وإن كانتا قد تعملان بالحد الأدنى.

وكانت نقابة العاملين في المهن الصحية، وفي بيان لها، أكدت مشاركتها في الإضراب الشامل والمفتوح عن العمل، مشددة على أن تعرض أي موظف أو عامل أو طبيب في أي مستشفى حكومي لأي اعتداء من أية جهة كانت، سيعني إغلاق المستشفى بالكامل، بما في ذلك قسم الطوارئ.

وأكدت النقابة أن ستة أشهر كانت كافية للتدليل على أنه ليس في نية العاملين في المهن الصحية، أو الموظفين بشكل عام، الانقلاب على الحكومة، كما يروج البعض، لكن الأمور لا يمكن احتمالها.

ورفض زكارنة تصريحات د. غازي حمد الناطق باسم الحكومة، والتي يستهجن فيها الحديث عن إضراب مفتوح في وقت تزداد فيه الحملة الإسرائيلية ضد الحكومة، ويقول: أنا من يستهجن هذه التصريحات المتكررة لحمد، الذي سبق له أن خوّن الموظفين الرافضين لما يحصل لهم من إذلال وانتقاص للكرامة .. هذه التصريحات ليست سوى دليل عجز، فصمود ستة أشهر أكبر دليل على عدم صحة ادعاءاته. واستنكر زكارنة الحديث عن إضراب سياسي وليس مطلبيا، مشدداً على أن للموظفين مطالب واضحة من إضرابهم تتمثل في حصولهم على جميع مستحقاتهم السابقة عن الأشهر الستة الماضية، والحصول على ضمانات باستمرار الرواتب كما كان في السابق .. وقال: تصريحات حمد تذكرني بما كان يقوله الاحتلال حين كنا نخوض إضراباً عن الطعام داخل السجون .. كانوا يقولون بالحرف الواحد هذه إضرابات سياسية لا مطلبية .. على حمد أن يبعد نفسه عن هذه المهاترات، والأفضل أن يسأل نفسه إن كان قابل أيا من ممثلي النقابات المهنية هذه، أو وافق على الحديث معها في مطالبها، هو أو أي مسؤول في الحكومة، بل إنه يغالط الحقائق ويتحدث عن "جهات غير قانونية" وراء الإضراب، والأولى له أن يتأكد من قانونيتها وشرعيتها، عبر وزارة الداخلية، فاتحاد المعلمين مسجل منذ العام 1969، واتحاد نقابات المهن الصحية، ويشتمل على ثماني نقابات مسجل بشكل قانوني، ونقابة العاملين في الوظيفة الحكومية تعمل منذ العام 2002، ولها محاضر تثبت ذلك .. الأولى بحمد أن يعمل للتخفيف عن معاناة الموظفين، والبحث عن حل جذري لمعاناتهم، بدلاً من تخوينهم، والبحث عن مبررات واهية.

واعلن جميل شحادة الامين العام لاتحاد المعلمين ان الاتحاد اتخذ قرارا بعدم توجه المعلمين الى عملهم مع بدء العام الدراسي بداية الشهر المقبل، احتجاجا على عدم تلقيهم رواتبهم كاملة خلال الاشهر الستة الماضية.

وقال شحادة: "القضية ليست اضرابا فقط، بل ان الامر يتمثل بانه لن يفتح العام الجديد في ذلك اليوم الذي اعلنته وزارة التربية والتعليم".

واعرب شحادة عن استغرابه للتصريح الذي اطلقه حمد، مشيرا الى ان الاتحاد العام للمعلمين هو اطار نقابي اصيل في منظمة التحرير الفلسطينية منذ سنوات، وان الاتحاد قاد اضرابات في عهد الرئيس ياسر عرفات، وحينما كان الرئيس محمود عباس رئيسا للوزراء.

وقال شحادة "لكن على ما يبدو ان الحكومة اصلا لا تعرف بالقانون، وترفض المطالب النقابية القانونية". واضافة الى اعتبار الحكومة بان الدعوة التي صدرت عن الاتحاد العام للمعلمين "غير قانونية على الاطلاق"، اشارت الى انها تساهم في عرقلة المسيرة التعليمية وخلق مصاعب كبيرة أمام المؤسسات التعليمية لتنفيذ برامجها في الاوقات المحددة. وقال شحادة "لم نتخذ القرار بشكل فوقي وانما شارك به ممثلو كافة القوى والفصائل".

ويبلغ عدد المعلمين في القطاع الحكومي حوالي اربعين الفا، يشكلون تقريبا ربع العدد الاجمالي للموظفين الحكوميين. وينظر الى دعوة المعلمين للاضراب هذه المرة بـ"المهمة جدا"، خاصة وان غالبية الموظفين في القطاع الحكومي لم يتلقوا رواتبهم بالكامل منذ حوالي ستة شهور، بسبب الحصار المالي الذي فرض على الحكومة الحالية، ومن الممكن ان يقود المعلمون القطاعات الاخرى الى احتجاجات نقابية مماثلة.

وقال شحادة "لقد صبرنا طوال الستة شهور الماضية، ووصلنا الى درجة ان الصبر نفسه مل منا، واتخذنا القرار بعدما اجرينا نقاشات واستطلاعات بين المعلمين انفسهم".

واضاف "لن يكون هناك افتتاح للعام الدراسي الجديد، ولن يستجيب المعلمون لقرار الوزارة بافتتاح العام الجديد". ودعت الحكومة جميع موظفي السلطة الفلسطينية إلى "ضرورة الالتزام بمواعيد العمل في كافة وزارات ومؤسسات الحكومة وعدم الالتفات إلى دعوات الاضراب".

وقال "ونؤكد بان أي تغيب عن العمل تحت مبررات الاضراب سيعرض صاحبها للمساءلة القانونية". ودعا النائب بسام الصالحي خلال جلسة المجلس التشريعي يوم امس، الى العمل الموحد بين المؤسسات القيادية الفلسطينية لتخفيف اثار الاضرابات النقابية على الوضع السياسي خاصة في ظل تاخر صرف الرواتب للعديد من القطاعات.

وكان رئيس الوزراء اسماعيل هنية أكد في جلسة مجلس الوزراء أمس ان ما نشر حول عرقلة بدء العام الدراسي هو أمر مرفوض لان الاسباب والدواعي التي ذكرت لتبرير ذلك غير صحيحة على الاطلاق لان الحكومة لم تستثن احدا من المعلمين في الدفعة الاخيرة من الرواتب . محذرا من ان مثل هذه الدعوات انما تنشر البلبلة والفوضى في المجتمع الفلسطيني وتخلق ازمات اضافية نحن في غنى عنها . مؤكدا ان العام الدراسي سيبدأ في موعده المقرر ولن يجري تأخيره بحال من الاحوال، ولذا فان الحكومة تدعو جميع الموظفين الى عدم التجاوب مع دعوات الاضراب ومزاولة عملهم كالمعتاد.

وقال هنية ان الحكومة "تبذل كل جهد مستطاع لتوفير رواتب الموظفين ودفعها كل شهر رغم كل المعوقات والعقبات التي توضع امامها" . موضحا ان الحكومة بذلت جهدا كبيرا في ترتيب كل ما من شانه ايصال الرواتب للموظفين باقصى سرعة ممكنة دون ان يكون هناك خصومات من قبل البنوك .مشيرا الى أنه قد جرى لقاء بينه وبين مدراء البنوك تم فيه تدارس كافة المشاكل التي تواجه الموظفين والبنوك وسبل التغلب عليها .

وقال هنية ان الحكومة "تتعامل مع قضية رواتب الموظفين بكل شفافية وصدق بعيدا عن أي اعتبارات سياسية او حزبية"، وقال : انه للاسف فان البعض يحاول دوما تشويه صورة الحكومة والتقليل من جهودها من خلال اشاعات مغرضة تفتقد الى ادنى درجات المصداقية.

وفي بيان رسمي ابدت الحكومة "استغرابها واستنكارها الشديد للدعوات التي أطلقت من قبل جهات معينة لتنفيذ اضرابات في سلك التعليم تحت مبرر عدم صرف رواتب المعلمين. والحكومة تؤكد بان مثل هذه الدعوات غير قانونية على الاطلاق، فضلاً عن مساهمتها في عرقلة المسيرة التعليمية وخلق مصاعب كبيرة أمام المؤسسات التعليمية لتنفيذ برامجها في الاوقات المحددة.

وللأسف أن البعض يستغل حالة الحصار المفروض على الحكومة والشعب الفلسطيني من قبل الولايات المتحدة واسرائيل للدعوة إلى الاضراب مع علم هؤلاء بان الحكومة بذلت ولا تزال تبذل كل الجهود المستطاعة لتوفير الاموال وصرفها لكافة الموظفين، كما أن الاولوية كانت دوماً لصرف الرواتب لتخفيف المعاناة عن كافة الموظفين، وقد جرى حتى الآن صرف 3 دفعات سلف رغم استمرار الحصار".

واضاف البيان : أن الدعوة لهذه الاضرابات تاتي في وقت تشتد فيه الحملة الاسرائيلية على الحكومة باعتقال الوزراء والنواب والمحاولة المستمرة لتقويض النظام السياسي الفلسطيني. كما انه ياتي في الوقت الذي تجري فيه محاولات تشكيل حكومة وحدة وطنية بعد ان تم الاتفاق بين السيد الرئيس ورئيس الوزراء وبدأت المشاورات بين الفصائل في هذا الشأن.

وقال : ان الجهات التي أطلقت الدعوة للاضراب هي جهات غير قانونية بحسب القوانين المعمول بها في وزارة الداخلية، وبالتالي فإن دعواتها لتنفيذ الاضرابات غير قانونية وتحملها المسؤولية عن ذلك أمام القانون. لذلك فإننا ندعو جميع موظفي السلطة الفلسطينية إلى ضرورة الالتزام بمواعيد العمل في كافة وزارات ومؤسسات الحكومة وعدم الالتفات إلى دعوات الاضراب. ونؤكد بان أي تغيب عن العمل تحت مبررات الاضراب ستعرض صاحبها للمساءلة القانونية. كما تؤكد الحكومة أن بدء العام الدراسي سيكون في موعده ولن يتأخر تحت أي سبب من الأسباب. - الأيام -