رفح - وكالات: طلب الرئيس محمود عباس، أمس، من النائب العام، فتح تحقيق في محاولة مسؤول كبير في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إدخال أكثر من 600 ألف يورو بطريقة غير قانونية إلى قطاع غزة.

وقال مصدر في الرئاسة لوكالة فرانس برس: "أمر الرئيس عباس، النائب العام بفتح تحقيق واستجواب سامي أبو زهري (المتحدث باسم حركة حماس) حول مصدر هذه الأموال.

وكان تم في معبر رفح، أمس، ضبط 936 ألف يورو (حوالي 800 ألف دولار أميركي) حاول سامي أبو زهري، إدخالها معه إلى قطاع غزة، بلفها في حزام على جسده، لإخفائها عن عيون رجال الأمن الفلسطينيين والمراقبين الدوليين الموجودين في المعبر. وأكد سمير أبو نحلة مدير عام المعبر: أن موظفي الجمارك الفلسطينيين والمراقبين الأوروبيين الموجودين في المعبر، اكتشفوا أن أبو زهري العائد من الأراضي المصرية، يحمل حزاماً على خاصرته به مبلغ كبير من المال.

وأشار إلى أن إدارة المعبر قامت على الفور بتنفيذ الإجراءات القانونية المتبعة في مثل تلك الأحوال، حيث طلب من أبو زهري، تقديم أوراق تثبت مصدر الأموال، والجهة التي ستتسلمها في قطاع غزة، ولكن وبعد أن تبين أن أبو زهري، لا يمتلك أية أوراق ثبوتية، تم احتجاز الأموال وتسليمها للمباحث الجنائية لتقوم بعملها.

وأوضح أبو نحلة، خلال حديث مع "الأيام": أن أبو زهري، رفض مغادرة المعبر دون الأموال، مشيراً إلى أن العشرات من المسلحين من كتائب الشهيد عز الدين القسام الذراع العسكرية لحركة حماس، هرعوا إلى المعبر، وتوقفوا أمام بواباته الخارجية، ما أحدث حالة من التوتر، دفعت بأفراد الطاقم الأوروبي للتهديد بالانسحاب، إذا لم يغادر المسلحون ساحات المعبر.

من جانبها، أكدت مصادر مطلعة: أن اتصالات مكثفة قام بها أبو زهري، من داخل المعبر، أعقبها وصول وفد من الحكومة برئاسة الدكتور غازي حمد، المتحدث باسمها، بحث الأمر مع المسؤولين في المعبر، وتم التوصل إلى اتفاق، أخلي سبيل أبو زهري بموجبه، وتم تحويل الأموال إلى وزارة الداخلية، لتقوم الأخيرة بالتحقيق في الموضوع.

وبعيد مغادرة أبو زهري، المعبر، انسحب مسلحو القسام من أمام بواباته، وسرعان ما بدأ الهدوء يعود تدريجياً إلى المنطقة، واستؤنف العمل في المعبر بشكل طبيعي. وحول الأنباء التي تحدثت عن إجراء صفقة بين وفد الحكومة وإدارة المعبر، نفى أبو نحلة، أن تكون إدارة المعبر جزءاً من تلك الصفقة، مؤكداً أن إدارة المعبر تعاملت مع الموقف وفقاً لما ينص عليه القانون.

وقال مسؤول فلسطيني في المعبر: أبلغنا المسؤولين الأوروبيين في المعبر باحتجاز المبلغ، وذلك وفقاً للاتفاق الخاص بالمعابر. وتابع المسؤول نفسه: "طلبنا من الأخ سامي أبو زهري أن يوقع على ورقة بالمبلغ الذي تم حجزه كي يتسنى له المراجعة لدى الدوائر الرسمية بهذا الشأن لكنه رفض"، مؤكداً أن الناطق باسم حماس: "لم يبلغنا مسبقاً بإحضار هذا المبلغ كما ينبغي".

وفي حديث مقتضب للصحافيين بعد مغادرته المعبر، نفى أبو زهري، أن يكون قد تعرض للاعتقال، قائلاً: "ما جرى أنني كنت أحمل مبلغاً من المال، وهو عبارة عن تبرعات من أهلنا فى الخارج لصالح الشعب الفلسطيني، ولكن بكل أسف قام بعض العاملين فى المعبر بحجز هذه الأموال، وقد تم التواصل مع بعض المسؤولين وتم إنهاء هذا الموضوع".

وعبر أبو زهري عن استيائه للطريقة التي عومل بها "وسحب الأموال في الوقت الذي يتعرض فيه ابناء شعبنا للحصار والتجويع" مضيفاً أنه تجول في كل دول العالم و"لم اعامل بمثل هذه الطريقة من قبل بعض الموظفين الفلسطينيين". وقال أبو زهري لرويترز: إنه اذا كان احضار الدعم للفلسطينيين جريمة فإنه فخور جداً بهذه الجريمة.

وأكد خوليو دي لا جوارديا، الناطق بلسان بعثة المراقبين الاوروبية في معبر رفح الحدودي في اتصال هاتفي مع وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) أن أبو زهري، الذي كان عائداً من الخارج إلى قطاع غزة كان يحمل المبلغ، صباح أمس، مخبأً تحت ملابسه بحزام لفه حول خاصرته ووضع رزم اليورو فيه.

ونفى دي لاجوارديا، أن يكون قد تم اكتشاف المال بحوزة أبو زهري، عندما سقطت إحدى الرزم أرضاً، لكنه قال: إن أبو زهري كان يحمل المبلغ كاملاً ملفوفاً حول وسطه، وأن بعثة المراقبين الدوليين ضبطت المبلغ خلال عمليات التفتيش الالكترونية الروتينية التي تقوم بها، مضيفاً أن دور البعثة هو المراقبة وتقديم النصائح وتدريب الفلسطينيين على إدارة المعبر وليس مصادرة الاموال.

وقال: إن المراقبين الدوليين قاموا بدورهم بإبلاغ سلطة الجمارك الفلسطينية في المعبر والتي قامت بدورها بمصادرة المبلغ. نافياً أن يكون أبو زهري تعرض للاعتقال، ومؤكداً أنه بعد أن قام الجانب الفلسطيني بمصادرة المبلغ، تم إخلاء سبيله. واضاف: أن "الذين يمرون من هنا يسمح لهم بحمل حوالي الفي دولار واذا كان بحوزتهم اكثر من ذلك، عليهم التصريح به وتوضيح مصدر الاموال ووجهتها".

وتابع: إن سامي ابو زهري لم يصرح بهذا المبلغ للسلطات الجمركية الفلسطينية.

وقال: إنه "تم العثور على المبلغ وصودر" كما نفى أن يكون أعضاء الفريق الأوروبي قد تم تهديدهم من قبل أي شخص. وقال: إن أبو زهري كان يحمل مبلغاً كبيراً كهذا، ويقوم بإخفائه، ولم يفصح عن مصدره "فهذا قطعاً مخالف للقانون"، مضيفاً أن دور المراقبين هو فقط مساعدة الجانب الفلسطيني على إدارة المعبر، وأن دور السلطات الفلسطينية هناك أخد جميع الإجراءات اللازمة والقانونية بحق كل من يخرق القانون.

وأكد مسؤول أمني فلسطيني ضرورة ان تتعامل حماس بهدوء ووفقاً للقانون بعيداً عن أية مشاكل قد تؤدي الى اغلاق المعبر، المنفذ الوحيد لسكان قطاع غزة، وقال مشير المصري عضو المجلس التشريعي عن حركة حماس في تصريحات صحافية: "إن هذه الأموال دعم من الشعوب العربية للحكومة، وكانت في طريقها إلى الحكومة".

وأضاف: "هذه الأموال كانت مخصصة لدفع رواتب ومخصصات الأسرى التي لم تدفع خلال الشهرين الماضيين". وكان أبو زهري عائداً من جولة زار خلالها عدداً من الدول العربية، وشارك في مؤتمر للعلماء المسلمين في العاصمة القطرية الدوحة، لدعم الحكومة الفلسطينية. يذكر أن القانون الفلسطيني لا يمانع في إدخال مبالغ من الأموال من خلال معبر رفح، شريطة أن يصطحب من يقوم بنقل الأموال أوراقاً ثبوتية توضح الجهة التي جاءت منها هذه الأموال، إضافةً إلى معرفة الجهة التي ستذهب إليها.