يعتبر الاستيطان الإسرائيلي الإخطبوط الملتهم للقدس ومناطق عديدة بالضفة الغربية، العقبة الأولى في مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فيما تستمر القيادات الإسرائيلية في تعنتها بإصدار قرارات بناء وحدات سكنية جديدة.

الرئيس الفلسطيني محمود عباس أدان في عدة محافل محلية ودولية، استمرار بناء المستوطنات، معتبراً أنها تهدد مسار المفاوضات والتوصل إلى سلام خلال العام الحالي، محذراً من المخاطر المحدقة بهوية مدينة القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، مستنكراً عمليات الحفر التي تقوم بها السلطات الإسرائيلية.

من جهته شدد صائب عريقات، رئيس دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية على ضرورة اختيار إسرائيل بين مسار السلام والمفاوضات، أو المستوطنات والاعتداءات ضد الشعب الفلسطيني، موضحاً انه لا يجوز الجمع بين المسارين.

وأشار عريقات، في بيان صحفي وصل وكالة أنباء "رامتان" نسخة منه، إلى أن استمرار الاستيطان، والتصعيد الإسرائيلي يعني القضاء على علميات ومعاهدات السلام خلال عام 2008، مؤكداً أن التصعيد الإسرائيلي وخاصة في بيت لحم يقضي على الجهود المصرية للتهدئة، مطالباً أمريكا بصفتها النائبة عن أعضاء اللجنة الرباعية، بمتابعة الالتزامات بالمرحلة الأولى من خطة خارطة الطريق، والعمل على وقف النشاطات الاستيطانية ورفع الحواجز.

في ذات الوقت أكد أحمد قريع رئيس طاقم المفاوضات الفلسطينية ، أن الاستيطان من أول حجر فيه حتى نهايته باطل وغير مقبول ولن يتم التعامل معه، معتبراً أن استمرار الاستيطان يدلل على أن الحكومة الإسرائيلية مستهترة في التزامتها.

وقال قريع في تصريحات صحافية،"إن إعلان إسرائيل البدء في بناء 750 وحدة استيطانية شمال غرب القدس في جفعات زئيف لطمة لعملية السلام والجهود الدولية التي تحاول أن تجعل مصداقية للسلام".

من جانبه أدان رئيس حكومة تسيير الأعمال الفلسطينية، د.سلام فياض، عدم تنفيذ إسرائيل الالتزامات المترتبة عليها، لاسيما الوقف الشامل لكافة الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مؤكداً أن عدم تنفيذ إسرائيل التزاماتها يقوض إمكانية قيام دولة فلسطينية، وتجميد الأنشطة الاستيطانية يمثل حجر الزاوية في الإبقاء على هذه الإمكانية.

وقال فياض، في تصريحات نشرتها وكالة الأنباء الرسمية "وفا"، عقب اجتماعه بالجنرال الأمريكي وليام فريزر وممثل وزارة الدفاع الإسرائيلية عاموس جلعاد بالقدس: "إن تجميد الاستيطان يجب أن يعني عدم بناء أي طوبة إضافية، والخطط الاستيطانية الجديدة التي أعلن عنها، وإعادة إحياء الخطط القديمة، معظمها في القدس الشرقية قلب دولة فلسطين المستقبلية، وفي الأسابيع الخمسة بعد أنابوليس أصدرت إسرائيل عطاءً لبناء 747 وحدة سكنية استيطانية، مقارنة مع 138 وحدة صودق عليها في الـ11 شهراً التي سبقت أنابوليس".

وأضاف: "مؤخراً أعلنت إسرائيل عن قرارها بالاستمرار في بناء حوالي 750 وحدة سكنية في مستوطنة جفعات زئيف، وفي ذات الوقت التي تستمر فيه يومياً بتنفيذ عدد كبير من المشاريع الإنشائية في مختلف المستوطنات على امتداد الأراضي الفلسطينية".

الفصائل الفلسطينية استنكرت استمرار بناء الوحدات الاستيطانية في القدس والضفة الغربية، معتبرةً أن إعلان إسرائيل بناء 750 وحدة سكنية جديدة هو "اغتصاب للأرض الفلسطينية"، مطالبةً بوقف كافة أشكال الاستيطان في القدس وفي جميع مدن الضفة الغربية.

وفي الوقت الذي تصدر فيه إسرائيل قرارات بناء وحدات سكنية جديدة وتستمر في توسيع الاستيطان، عبرت الولايات المتحدة عن قلقها من خطط إسرائيل لبناء أكثر من 300 وحدة سكنية في القدس الشرقية، مطالبة منها إيضاحات بشأن هذه الخطوة، حسب مصادر أمريكية.

وأدان الاتحاد الأوروبي استمرار الاستيطان الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية المحتلة، داعياً إسرائيل إلى وقف مثل تلك الأعمال، وذكرت الرئاسة السلوفينية للاتحاد الأوروبي في بيانٍ عقب اختتام قمّة الاتحاد التي استمرت يومين، أنّ الاتحاد يدين استمرار بناء المستعمرات الجديدة في الأراضي الفلسطينية.

وعبّر البيان عن قلق الاتحاد الأوروبي الشديد إزاء إعلان إسرائيل مؤخّراً، عن توسيع مستوطنة يهودية في القدس الشرقية ببناء 750 وحدة سكنية جديدة، موضّحاً أن بناء أيّ مستعمرات في أيٍّ من الأراضي الفلسطينية المحتلة ومن ضمنها القدس الشرقية يعدُّ عملاً غير قانوني من الناحية الدولية.

وأضاف بيان الاتحاد الأوروبي :"النشاط الاستعماري يعترض المفاوضات النهائية ويهدّد الاتفاق حول قيام دولتين، لذلك فإنّ المجلس الأوروبي يدعو إسرائيل لاتخاذ إجراءات عاجلة لوقف الاستعمار"، مؤكداً الاتحاد دعمه الكامل للعملية التي أطلقها مؤتمر أنابوليس بدفع الأطراف إلى المفاوضات بهدف الوصول إلى حل يكون أساسه قيام دولتين متجاورتين.

من جانبه طالب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، إسرائيل بوقف الاستيطان، والوفاء بالتزامات خارطة الطريق، معرباً عن قلقه من موافقة رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود أولمرت لاستئناف بناء 750 ألف وحدة سكنية بالضفة الغربية.

وقال بان كي مون، في تصريح صحفي، "إن القيام بأية استعمار أو بناء جديد في مستوطنات مخالف وفقا لخارطة الطريق، وللقانون الدولي والالتزامات الإسرائيلية بهما"، داعياً الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي بتنفيذ التزامات خارطة الطريق لتدعيم العملية السياسية بينهما.

وفي ذات السياق اعتبرت الحكومة اليابانية، أن قرار إسرائيل بناء 750 وحدة سكنية في القدس سيقوض أكثر عملية السلام، معربةً عن قلقها من النتائج السلبية للقرار الإسرائيلي، داعية الحكومة الإسرائيلية إلى تعليق هذا القرار.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية اليابانية كازو كوداما للصحافيين: "إن مثل هذا القرار سيقوض أكثر عملية السلام في منطقة الشرق الأوسط، وستكون له نتائج سلبية على المفاوضات السلمية بين الإسرائيليين والفلسطينيين"، معرباً عن أمل بلاده بأن تنفذ إسرائيل التزاماتها الخاصة بخطة خارطة الطريق، وأن تقوم بضبط النفس وتشيع جواً من الثقة من أجل إنجاح المفاوضات السلمية مع الجانب الفلسطيني.

وتبرر إسرائيل إستمرارها في بناء الوحدات الإستيطانية بذريعة النمو الطبيعي لها، وأنها تتم على أرض يملكها رجال أعمال إسرائيليون وأنها لم تعد ملكاً فلسطينياً.

وقال الوزير الإسرائيلي بنيامين بن اليعيزر "إن استئناف إسرائيل أعمال البناء الاستيطاني خارج الخط الأخضر والمتفق عليها مسبقاً لن يمس بعملية التفاوض السياسي"، مشيراً إلى أن إسرائيل شرعت في أعمال البناء في هار حوما(جبل أبو غنيم) ومعاليه أدوميم وغوش عتصيون وأريئيل، وأن استمرار تعليقها قد يسبب خسائر مالية للمقاولين والشركات تقدر بملايين الشواقل.

تقرير/ رامي أحمد