القدس-قالت سميرة الفلسطينية التي تعيش في بلدة كفر ياسيف في الجليل الاعلى داخل اسرائيل والتي جاءت لتشارك في تشييع محمود درويش الاربعاء "لقد تركت حزني على محمود درويش وحملت قهري على حاجز قلنديا" الاسرائيلي الذي يفصل رام الله في الضفة الغربية عن القدس.

وصرخت سميرة غاضبه وهي تعبر لاول مرة حاجزا عسكريا "كان الله في عون اخواننا الفلسطينين على القهر الذي يعيشونه كل يوم". واضافت الشابة ابنة الاربعة وعشرين عاما "كنت ابكي على محمود درويش لكن الحاجز اضاف الى حزني شعورا بمرارة الذل والمهانة".

وتابعت وهي تتحدث عن الجنود الاسرائيليين على الحاجز "لقد صدق فيهم الشاعر سميح القاسم في كلمته في وداع الشاعر محمود درويش عندما قال عنهم اليوم انهم ملغومون بالكراهية والتدمير والتدمير الذاتي لانهم لا يحبون الحياة".

وشيع عشرات الآلاف من الفلسطينيين في رام الله في الضفة الغربية الاربعاء الشاعر محمود درويش الى مثواه الاخير في جنازة وطنية كبيرة.

وعبرت الى رام الله نحو 160 حافلة محملة بالمشيعين من داخل اسرائيل الى مدينة رام الله للمشاركة في الجنازة. وسمحت لهم اسرائيل بالمرور كحالة استثنائية عبر معبر بيتونيا العسكري غرب رام الله وهو مخصص للشاحنات والبضائع كما قال ضابط اسرائيلي.

وقال احد المنسقين الفلسطينين مع الجيش الاسرائيلي لوكالة فرانس برس "قال لنا المسؤولون الاسرائيليون انهم لن يعيقوا المواطنين العرب في اسرائيل لكنهم سيخضعوهم للتدقيق بالهويات".

وعند بوابات حاجز قلنديا الضخم اصطف القادمون من التشييع من العرب الاسرائيليين الذين لم يختبر معظمهم هذه الحواجز العسكرية في حياتهم اليومية خلافا لسكان الضفة الغربية.

واصطف العابرون في طوابير امام البوابات الحديدية التي تسمح بعبور شخص واحد كل مرة عليه ان ينتظر ان يضىء ضوء اخضر فوق الباب ثم يمر من باب حديدي دوار قبل الدخول عبر كاشف الاشعة ثم يطلب منه ابراز الهوية الاسرائيلية على شباك زجاجي.

وكان في احدى الحافلات المتجهة الى الجليل عبر معبر قلنديا الشاعر سميح القاسم وعدد كبير من الادباء والفنانين. ومعهم كان الفنان محمد بكري الذي اقترح مازحا ان يطلق على الباص اسم "باص الفنان والادباء".

وترجل سميح القاسم من الحافلة وهو يتكىء على عصا بسبب حادث سيارة ترك اثرا على ساقه لينتظر مثل الاخرين في الطابور على الحاجز بعد رحلة وداع شاقة لرفيق دربه محمود درويش. وقال لوكالة فرانس برس بتصميم "لن اشتم ولن اتكلم".

ونظرا لعدم اعتياده على مثل هذه الاجراءات نسي الممثل محمد بكري من قرية البعنه في الجليل الغربي هويته الاسرائيلية في البيت فلم تسمح له المجندة الاسرائيلية بالمرور. ولكن بعد جدل طويل وافقت على استدعاء الضابط الذي عرف اسمه فسأله "هل انت مخرج فيلم +جنين جنين+" فاجاب بكري بالايجاب وسمح له بالمرور.

وكان هذا الفيلم اثار جدلا كبيرا في اسرائيل واعتبر مسيئا للجيش الاسرائيلي.

وقال محمد بكري عن الجنازة "كنت اريد ان تحضر كل فلسطين ولم اجد كل فلسطين ... انتظرت جموعا اكبر بكثير .. انتظرت كل فلسطين مثلما كتب عنها محمود درويش".

وواصلت المجندة الاسرائيلية تصيح بالعبرية عبر الميكرفون "هويتك" ثم تطلب من العابرين ان يضعوا اغراضهم في ماكنة الفحص.

اما الممثل سليم ضو فتعاطى مع الامر بسخرية بعد جنازة درويش التي قال انها كانت "ملوكية". وقال ضو "بعد خسارة محمود درويش الكبيرة لا تعود هذه الحواجز والقهر عليها تمثل شيئا اذا كانوا يعتقدون انهم سيهزوننا فهم خاطئون لان هذا لا يقاس بخسارة محمود درويش".

واضاف سليم ضو "ليس من المعقول ان يعيش الناس هذا الوضع .. كيف يحتمل المسن والمراة الحامل والاطفال هذا الذل والاهانة".

واعتبر الكاتب محمد نفاع الحاجز "اهانة وعداء واجرام. هذا يزيد عصبية الناس ويدخلها الى حالة النضال .. حضرنا لتشييع شاعرنا الكبير لنرى وجه الاحتلال والاجرام في ممارسته".

ولكن نائب الكنيست جمال زحالقة فضل الحديث عن التشييع بقوله "نحن فخورون في الجليل بان محمود خرج من هناك ليصبح شاعر الشعب الفلسطيني باسره. يخيم على اهلنا حزن عميق واحساس بالخسارة".