القدس- الوما الإسبانية، وصوفي الفرنسية، ولورا السويسرية، وباتريتسيو الإيطالي، والين البلجيكية، شباب أوروبيون ساووا كفة الميزان بين الفرنسي الجنسية، والأسير الفلسطيني صلاح الحموري، والجندي الإسرائيلي المختطف جلعاد شاليط.

من فرنسا وأسبانيا وإيطاليا وسويسرا وبلجيكا، سبعون شابا أوروبيا قدموا اليوم إلى القدس، للقاء والدة الأسير المقدسي، الفرنسي الجنسية صلاح الحموري، والمعتقل في سجون الاحتلال الإسرائيلي منذ آذار عام 2005.

شبان وشابات تتراوح أعمارهم بين الثامنة عشر والخامسة والعشرين، قدموا إلى فلسطين وإلى القدس بالتحديد لينقلوا معاناة الأسير الحموري وعائلته إلى الخارج، لتكون نموذجا لمعاناة أحد عشر ألف أسير فلسطيني في سجون الاحتلال.

جلسوا جميعا في دائرة واحدة حول والدة الأسير الحموري الفرنسية الأصل 'ديتينس'، من كل دولة مجموعة، حتى يتسنى لمنسقي المجموعات ترجمة ما قالته 'باللغة الفرنسية'، مجمعين على أن الإعلام الأوروبي لا ينقل معاناة الشعب الفلسطيني وأسراه بصورة حقيقية وكاملة. '

على الحكومة الفرنسية أن تعمل بجد على إطلاق سراح ابني، الذي يحمل الجنسية الفرنسية، بنفس الصورة والجدية، التي تعمل بها الحكومة الفرنسية، وينقلها الإعلام الفرنسي للإفراج عن الجندي الإسرائيلي المختطف، جلعاد شاليط'، بهذه الكلمات بدأت ديتينس الحموري كلامها.

وروت الحموري معاناة ابنها داخل سجون الاحتلال، بدءًا باعتقاله ومرورا بثلاث أشهر تحت التحقيق، وعبورا إلى سنوات من تأجيل الحكمة، وصولا إلى صفقة باركها الفرنسيون، قضت بحكمه لسبع سنوات بتهمة التخطيط لاغتيال أحد الحاخامات اليهود.

وأكدت أنه منذ اليوم الأول لاعتقال صلاح، بدأت باتصالات مع الحكومة الفرنسية، وحاولت توصيل الرسالة، بأن عليهم التحرك لإطلاق سراح ابنها، مشيرةً إلى أنه بعد اختطاف شاليط عام 2006 وموقف الحكومة الفرنسية عقب ذلك، كثفت اتصالاتها معهم مطالبة بالمساواة بين ابنها وشاليط كمواطنين فرنسيين.

ولفتت الحموري إلى أنه في الوقت الذي تدخل فيه الرئيس الفرنسي شخصيا للإفراج عن جلعاد شاليط، وأبرز الإعلام الفرنسي قضيته، وعلقت صوره في الميادين العامة، لم تحرك الحكومة الفرنسية ساكنا للإفراج عن ابنها، واكتفت بالمطالبة بان يعامل بإنسانية.

وأشارت إلى أنها قامت بإرسال الرسائل إلى الحكومة الفرنسية، إلى أن المسؤولين الفرنسيين رفضوا مقابلتها، لافتةً إلى أنها قامت أيضا بمراسلة جمعيات داخل فرنسا من أجل الضغط على الحكومة لتحريك ملف ابنها الأسير.

وحول دور الإعلام الفرنسي في إبراز قضية ابنها، أكدت والدة الأسير الحموري أنها اتصلت بالإعلام الفرنسي، وأن بعض الصحف قامت بإعداد تقارير لم تحظى بالأهمية الكافية، مقارنة بالحملة الإعلامية الكبيرة التي تخاض في فرنسا من أجل إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي المختطف جلعاد شاليط.

وأفادت الحموري أنها تعرضت وعائلتها ومنذ اللحظة الأولى لاعتقال صلاح، لضغوطات نفسية، وأن والده اعتقل واستخدم كورقة ضاغطة على ابنه من أجل ما أسموه بالاعتراف على تهمة لم يرتكبها.

ديتينس الحموري لفتت إلى أن هناك حركة تضامن حاليه في فرنسا وأوروبا مع ابنها صلاح، مثنيةً على جهود الشباب الأوروبيين ومؤسسة جيل فلسطين، التي نظمت الزيارة وحملة التضامن مع صلاح الحموري.

بدورهم أكد الشباب الأوروبيون على اختلاف جنسياتهم، أن الحكومة الفرنسية لا يتعاملون بعدالة مع قضية الحموري، ولا يساوون بين المواطنين الفرنسيين الحموري وشاليط.

فمن جانبها أكدت صوفي الفرنسية، أن حكومتها تتعامل بازدواجية، مشيرةً إلى أنه يجب أن يكون هناك عدالة في التعامل مع قضية الحموري، مثلما يحدث مع الجندي الإسرائيلي المحتل المختطف جلعاد شاليط.

ولفتت صوفي إلى أن الصورة التي ينقلها الإعلام الأوروبي عن القضية الفلسطينية مغلوطة جدا، وأن على الشباب الأوروبي التحرك من أجل نقل الصورة الحقيقة لما يحدث هنا للشعوب في أوروبا.

وهذا ما أكدته الشابة الإسبانية ألوما، التي أشارت إلى أن الهدف من زيارة فلسطين هو رؤية حقيقة الوضع على الأرض، لافتةً إلى أن ما ينقل عبر الإعلام ليس حقيقيا، مفيدةً أن رسالتهم كشباب إسبان هي التضامن مع الشعب الفلسطيني ونقل معاناته عبر الجامعات والتجمعات الشبابية والإعلام البديل، معبرةً عن فخرها بأن تكون وزملاؤها سفراء للشعب الفلسطيني في الخارج.

من ناحيتها أعربت الشابة السويسرية لورا، عن قناعتها بأن إسرائيل دولة ليست ديمقراطية، وأنه لا يوجد عدالة للشعب الفلسطيني، ولا حرية، مؤكدةً على ضرورة وجود تحرك شعبي أوروبي لمناصرة قضية الأسير صلاح الحموري و11 ألف أسير فلسطيني في سجون الاحتلال.

ولفتت إلى أن الحكومة الفرنسية تتعامل بسلبية كبيرة مع قضية الحموري، معربةً عن استعدادها وزملائها للقيام بنشاطات عديدة عند العودة إلى أوروبا من أجل تفعيل قضية الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.

من جانبه أشار الشاب الإيطالي باتريتسيو، إلى تضحيات الشباب الفلسطيني في سبيل قضيتهم، لافتا إلى نضالهم ومقاومتهم من أجل حريتهم حتى لو كان الثمن الاعتقال، مطالبا بدور أكبر للشباب الأوروبي من أجل مناصرة القضية الفلسطينية.

وبدورها أكدت الشابة البلجيكية الين، على أن الحموري يمثل نموذجا لمعاناة أحد عشر ألف أسير فلسطيني، لافتةً إلى ضرورة التركيز على قضيته كمواطن فرنسي، مؤكدةً أنها ستنقل معاناته والأسرى الفلسطينيين الآخرين إلى شعبها.

وضمن الوفد الشبابي الأوروبي كان هناك شباب من أصول عربية، نعام من المغرب، وكريم من الجزائر، ويزيد من تونس، أشاروا إلى أن قدومهم غلى فلسطين جاء من أجل إطلاع الأوروبيين على ما يحدث في فلسطين على أرض الواقع.

وكان فهد أبو الحاج، مدير مركز أبو جهاد لشؤون الحركة الأسيرة في جامعة القدس، والذي استقبل الوفد، واستضاف لقاءً مع والدة الأسير الحموري، طالب الشباب الأوروبيين بنقل معاناة الشعب الفلسطيني إلى شعوبهم، والعمل على تفعيل قضية الأسرى الفلسطينيين هناك.

وقدم عرضا موجزا عن معاناة 11 ألف أسير فلسطيني في سجون الاحتلال، مرورا بالتحقيق، والضغوطات النفسية، والاعتداءات الجسدية، وصولا غلى عمليات قمع الأسرى داخل الغرف، ومحاكمتهم محاكمات عسكرية غير عادلة.

وأشار أبو الحاج إلى أن هناك عشرات الأطفال داخل السجون، وعشرات النساء، ومئات كبار السن، وعشرات الأسرى القدامى، ومئات الأسرى المرضى، مؤكدا على أن العالم بأسره يجب أن يتحرك لإطلاق سراحهم.

واصطحب أبو الحاج وأحمد نعيرات مسؤول العلاقات العامة في المركز، الشباب الأوروبيين في جولة في مرافق متحف أبو جهاد لشؤون الحركة الأسيرة، بدءً بطريق الآلام التي جسدت على مدخل المتحف، مرورا بمجسم لجدار الفصل، وصولا إلى شجرة عسقلان التي زرعت على باب المتحف.

والتقط الوفد الضيف صورا لجداريات علقت في المتحف، جسدت معاناة الأسرى داخل السجون، واستمعوا الشرح مفصل عن مجسمات حملت إشارات لأساليب التعذيب داخل السجون، ولوسائل الاتصال بين الأسرى والخارج التي تمثلت بـ 'الكبسولات'.

وتجول الشباب الأوروبيون في معرض لـ'البوسترز'، حمل إبداعات فنانين فلسطينيين حاولوا تجسيد معاناة الأسرى، وإظهار عدالة قضيتهم، واستمعوا لشرح عن زوايا المتحف المتعددة، والتي ضمت ركنا للأسرى القدامى وآخر لشهداء الحركة الوطنية الأسيرة.

ومن الجدير بالذكر أن جمعية جيل فلسطين، هي جمعية أوروبية شبابية تأسست في باريس قبل ثلاث سنوات، وتقوم بجولات وتنظيم مخيمات صيفية في مناطق فلسطينية في الضفة والقدس والمناطق الفلسطينية المحتلة عام 1948.

والأسير صلاح الحموري، هو أسير مقدسي اعتقل بتاريخ 13/3/2005، بتهمة مقاومة الاحتلال، وقضى اتفاق بين المحكمة ومحاميه بالحكم عليه بالسجن لمدة 7 سنوات قضى منها 3 سنوات وخمسة أشهر.