رام الله-شهدت المنطقة أمس نشاطاً ديبلوماسياً مكثفاً لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة، ففي مصر التقى الرئيس حسني مبارك نظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي بدأ جولة في المنطقة ووفد الترويكا الأوروبية في شرم الشيخ أمس، فيما أعلنت اسرائيل لساركوزي رفضها وقف اطلاق نار في الوقت الحالي، فيما تسعى المجموعة العربية لاستصدار قرارا من مجلس الأمن يوقف العدوان.

وفي القدس اعلنت اسرائيل رفضها القبول باقتراح فرنسي يوقف اطلاق النار في الوقت الحالي، وحث رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي خلال لقائهما الليلة في القدس على الاعتراض على اي قرار لمجلس الامن يدين فيه اسرائيل لعدوانها على غزة او وقف لاطلاق النار.

ونقلت يديعوت احرنوت عن اولمرت دعوته لساركوزي": ان "هذا ليس الوقت المناسب لمثل هذه القرارات "، وقال أولمرت ان اسرائيل تحارب اليوم حركة حماس وقد تواجه غدا حزب الله والجهاد الاسلامي وبعد غد تنظيم القاعدة، وأكد ان الهدف من عملية الجيش في قطاع غزة ليس القضاء على حكم حماس وانما التأكد من أن الحركة لن تتمكن من مواصلة اطلاق القذائف الصاروخية على اسرائيل.، وكان ساركوزي قد اجتمع قبل ذلك برئيس الدولة العبرية شمعون بيرس وعرض عليه اقتراحا بالاعلان عن وقف لاطلاق النار في قطاع غزة لمدة ثمان واربعين ساعة لاغراض انسانية.

وعرض مبارك على سركوزي ووفد الترويكا «مبادرة النقاط الأربع» التي طرحتها بلاده لوقف العدوان، وتقضي باستصدار قرار من مجلس الأمن لوقف النار والدعوة إلى اتفاق تهدئة جديد يكفل فتح المعابر بين إسرائيل والقطاع مع وجود مراقبين من الاتحاد الأوروبي ودول أخرى لضمان تنفيذ الطرفين التزاماتهما.

وذكرت «وكالة أنباء الشرق الأوسط» الرسمية أن لقاء مبارك وساركوزي ركز على «الجهود المصرية للتوصل إلى وقف إطلاق نار فوري في غزة والعودة إلى التهدئة بين الفلسطينيين والإسرائيليين».

وغادر ساركوزي عقب اللقاء إلى رام الله، حيث التقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس مساء أمس، ثم رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت على عشاء عمل. ومن المقرر أن يلتقي اليوم الرئيس السوري بشار الأسد واللبناني ميشال سليمان.

واستقبل عباس أمس أيضاً المبعوث الروسي ألكسندر سلطانوف. واتفق مع نظيره الروسي ديمتري مدفيدف في اتصال هاتفي على ضرورة وقف النار والتنسيق في مجلس الأمن لدعم الموقف الفلسطيني. وقال الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة إن «الاتصال تركّز على الأوضاع في غزة والجهود المشتركة الروسية والفلسطينية المبذولة لوقف النار، والاجتماع المقرر أن يحضره الرئيس عباس على رأس وفد عربي في مجلس الأمن».

وطلب الرئيس المصري من نظيره الفرنسي الذي تتولى بلاده رئاسة مجلس الأمن هذا الشهر «دعم التحرك العربي في مجلس الأمن من أجل وقف العدوان واحتواء تداعياته السياسية وانعكاساته الإنسانية»، بحسب الوكالة. وأكد «ضرورة سرعة التحرك لإعادة فتح المعابر وضمان العبور الآمن لمساعدات الإغاثة».

وشدد على ضرورة تحمل مجلس الأمن مسؤوليته في وقف العدوان، فيما أعرب ساركوزي، بحسب الوكالة، عن «دعم فرنسا التحرك المصري للخروج من الأزمة»، مشيراً إلى أن «مصر هي المؤهلة للعب دور رئيس لا غنى عنه لاحتواء الأزمة، ودعا الرئيس مبارك إلى مواصلة اتصالاته بالجانبين الفلسطيني والإسرائيلي من أجل تحقيق ذلك».

وفي نيويورك قال د. رياض المالكي وزير الشؤون الخارجية، نحن نبحث عن صياغة لمشروع قرار من مجلس الأمن الدولي يوقف العدوان الإسرائيلي، ويرفع الحصار، ويعيد الحياة الطبيعية لشعبنا مع ضرورة توفر الضمانات الدولية لتحقق ذلك.

وطالب المالكي في مؤتمر صحفي عقده في نيويورك، بوجود مراقبين دوليين على مختلف معابر قطاع غزة، وتوفير قوة دولية لحماية شعبنا بالقطاع.

وتابع أن المهم هو صدور قرار من مجلس الأمن الدولي يكون ملزماً لإسرائيل لكونها عضو في مجلس الأمن ويجب أن يطبق عليها كافة البنود، موضحاً أنه سبق وأصدر المجلس قراراً بوقف العملية العسكرية الإسرائيلية، وإدانة ما يجري.

وعن أهمية اجتماع مجلس الأمن الدولي قال: هذه جلسة الأمل الأخير لوقف العدوان المستمر على قطاع غزة.

وقبل لقائه ساركوزي، التقى مبارك وفد الترويكا الأوروبية الذي يضم وزراء خارجية تشيخيا كارل شوارزينبرغ وفرنسا برنار كوشنير والسويد كارل بيلدت وممثلة المفوضية الأوروبية بينيتا فيريرو فالدنر والممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي خافيير سولانا، لمناقشة «الجهود المصرية والأوروبية والدولية لإنهاء الاعتداءات الإسرائيلية على غزة ووقف النار فوراً».

وقال وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط إن اللقاء مع الترويكا «ركز في شكل كامل على الوضع في غزة، وكيفية التوصل إلى وقف فوري للنار ورفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني وفتح المعابر واستعادة التهدئة، كما تم تناول الموقف في ما يتعلق بأعمال مجلس الأمن وضرورة أن يتحرك في شكل فوري وعاجل». وقال إن مبارك «أكد خلال اللقاء التزامه القوي بالسعي من أجل وقف إطلاق النار ورفع المعاناة والتحرك في مجلس الأمن».

وأشار شوارزينبرغ إلى أن مهمة وفد الترويكا في جولته «هي السعي إلى رفع المعاناة عن الفلسطينيين وتقديم المعونات الإنسانية ومد يد المساعدة في هذا الموقف الحالي، ما يتطلب زيارات ميدانية إلى رام الله والأراضي الفلسطينية».

وأوضح سولانا أن الوفد «يسعى إلى تحقيق وقف سريع للنار، وكلما تحقق ذلك في وقت مبكر سيكون أفضل». وأشار إلى أن «هذا يتطلب تعاوناً بين أطراف عدة بينها الاتحاد الأوروبي»، لافتاً إلى استعداد الاتحاد «للعودة مرة أخرى مراقباً على معبر رفح البري». وقال إنه «بمجرد التوصل إلى وقف للنار سيكون الاتحاد الأوروبي مستعداً للعودة في شكل بناء». وأعربت فالدنر عن «القلق العميق في شأن الموقف الإنساني المتردي في غزة والاستعداد لتقديم وإرسال كل معونات الإغاثة للفلسطينيين».

وقالت: «نحن نعلم حجم معاناتهم من نقص في المياه والدقيق والوقود والمواد الغذائية ومستلزمات المستشفيات والأدوية ووسائل العلاج. وسنحاول أن نعمل على تشغيل المستشفيات في القطاع في أسرع وقت، لكن ذلك يتطلب الوقف الفوري للنار. ونحاول العمل مع أصدقائنا لتحقيق ذلك على أرض الواقع».

وفي هذا السياق، قال وزير الخارجية التركي علي باباجان أمس عقب محادثات مع نظيره السوري وليد المعلم إن أنقرة تعمل من أجل التوصل إلى وقف للنار ينص على وجود مراقبين دوليين. وانتقد القوى الغربية لفشلها في التدخل في الأزمة، وحذّر من أن النزاع يمكن أن يؤدي إلى نشوب توترات عالمية.

وقال إن «هناك العديد من الاقتراحات حول كيفية التوصل إلى وقف للنار. وأي تسوية يجب أن تكون مضمونة من المجتمع الدولي... ونعتقد بأن وجود مجموعة مراقبة دولية هو الأمر الوحيد الذي سيؤدي إلى تسوية قابلة للتطبيق والاستمرار».

ورفض باباجان كشف مزيد من التفاصيل في شأن المسائل الأخرى التي يمكن ان تشتمل عليها اقتراحات وقف النار، إلا أنه قال إن أي حل يجب أن يوازن بين المخاوف الأمنية الإسرائيلية والمطالب الفلسطينية برفع القيود عن غزة. وأضاف: «نحن نحاول العمل على صيغة تعالج كيفية تبديد المخاوف الأمنية الإسرائيلية ومسألة الحصار في الوقت ذاته».

من جانبه، قال المعلم إن «قادة إسرائيل ارتكبوا جرائم حرب في غزة ويجب محاكمتهم عليها»، حسب الوكالة السورية للأنباء (سانا). وأضاف أن إسرائيل «برهنت في هذا العدوان الآثم على أنها لا تملك إرادة صنع السلام».