رام الله-اختتم المشاركون في مؤتمر بلعين الدولي الثالث للمقاومة الشعبية أعمالهم، اليوم، بالدعوة إلى تفعيل المقاومة الشعبية واتخاذ من تجربة بلعين نموذجًا، وذلك قبل أن ينطلق المشاركون في المؤتمر بمسيرة نحو جدار الفصل والتوسع العنصري في قرية بلعين غرب مدينة رام الله، هاجمتها قوات الاحتلال بالرصاص والقنابل الغازية السامة.

وانطلقت المسيرة من مركز القرية وشارك فيها حشد غفير من المشاركين في أعمال المؤتمر ومتضامنون إسرائيليون وأعضاء المجلس التشريعي، فيما هاجمت قوات الاحتلال المتظاهرين وأطلقت القنابل الغازية والرصاص المعدني المغلف بالمطاط، مما أدى إلى إصابة العشرات بحالات الاختناق بينهم نائبة رئيس البرلمان الأوروبي لويزا مورغانتيني، والايرلندية مرياد مكوير الحاصلة على جائزة نوبل للسلام، وقد أصيب أيضا قاض إيطالي يدعى جوليو توسكانو في رأسه نقل على أثرها لتلقي العلاج في مستشفى الشيخ زايد في رام الله، كما أصيب بجراح عبد الله أبو رحمة منسق اللجنة الشعبية، ونزار محمد أبو رحمة.

وكان المؤتمر قد انعقد قبل يومين بمشاركة محلية ودولية، لا سيما ممثل السيد الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء د.سلام فياض، وأعضاء من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وأعضاء من المجلس التشريعي، وقادة وممثلي القوى والأحزاب الفلسطينية وقادة العمل الشعبي، إضافة إلى وفود من الناشطين من أجل السلام من كل من فرنسا وإيطاليا وإسبانيا، وألمانيا، وايرلندا، وبريطانيا، وكندا، واليونان، وسويسرا، والولايات المتحدة الأمريكية، وهولندا، ونشطاء من حركات السلام الإسرائيلية المناهضة للاحتلال الإسرائيلي.

وطالب المؤتمر في ختام أعماله بتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية، لأنها الأساس في نجاح المشروع الوطني الفلسطيني، وبمزيد من العمل الجدي لتطبيق ما جاء في القرار الاستشاري لمحكمة العدل الدولية الصادر بتاريخ 9/7/2004 ، وقرار الجمعية العمومية الأمم المتحدة ذات الصلة، إضافة إلى دعم العمل الشعبي المقاوم وأخذ موقف سياسي حازم من قضايا تهويد القدس واستمرار الاستيطان وبناء الجدار بما يدفع المحافل الدولية للضغط على إسرائيل كي تمتثل للإرادة الدولية. كما طالب المؤتمر القوى الوطنية بأن تتصدر المقاومة الشعبية برامجها، بدءاً من مقاطعة المنتوجات الإسرائيلية، وحتى المشاركة بكل ثقلها في الفعل الشعبي المقاوم، والاستمرار في نهج المقاومة الشعبية باعتبارها أداة إستراتيجية تستند إلى التجارب الناجحة في مقاومة الجدار، وإلى الرصيد النضالي للشعب الفلسطيني بما في ذلك تجربة الانتفاضة الأولى.

كما دعا المؤتمرون إلى توثيق العلاقة مع قوى السلام الإسرائيلية التي تشارك شعبنا نضالاته ضد الممارسات الاحتلالية المختلفة، ورفض أي شكل من أشكال التطبيع مع الاحتلال ومؤسـساته وشخوصه المختلفة، إضافة إلى تكريس العلاقة مع المتضامنين الدوليين واستقطاب المزيد من نشطاء السلام والحرية، والعمل على تفعيل دور الجاليات الفلسطينية والعربية. وطالبوا المؤسـسات والاتحادات والجمعيات وكل نشطاء السلام والمجتمع المدني في العالم بالعمل على المساهمة في تقديم الرواية الفلسطينية كما هي في الواقع، في مواجهة الدعاية الإسرائيلية، وفرض المقاطعة، وسحب الاستثمارات، والعقوبات الاقتصادية، والتأكيد على ضرورة تعليق اتفاقية الشراكة بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي.

ودعوا أيضا إلى الضغط على المؤسـسات الرسمية الدولية، وخصوصا الحكومات الأوروبية، والاتحاد الأوروبي, وحكومة الولايات المتحدة الأمريكية من أجل عدم الاستجابة لطلب إسرائيل لرفع مستوى علاقاتها معها إلا بعد أن تنفذ كافة الالتزامات المطلوبة منها وفقا للشرعية الدولية، بما فيها اتفاقية جنيف لإنهاء الاحتلال ووقف كافة الانتهاكات التي تمارس ضد حقوق الشعب الفلسطيني.

وكانت أعمال اليوم الأخير من المؤتمر تناولت تجربة بلعين في مقاومتها للجدار، حيث بدأت الجلسة بخاطرة ألقاها بسمان ياسين عبر خلالها عن تشبث الفلسطيني بأرضه، وقد تحدثت بعد ذلك المحامية إميلي من مكتب محامي القرية ميخائيل سفارد تناولت الجانب القانوني لهذه التجربة، أما إياد برناط رئيس اللجنة الشعبية لمقاومة الجدار فقد تناول الظروف المحيطة بالتجربة حيث سرد أهم العوامل التي ساعدت على استمرار التجربة متعرضا ردة فعل الجنود والعنف الذي يستخدمونه، بالإضافة إلى نتائج هذه التجربة، أما راتب أبو رحمة عضو اللجنة الشعبية فقد تناول الدور الذي لعبه كل من المتضامنين الدوليين والإسرائيليين، معبرا عن بعض النماذج الداعمة والتي تميزت في هذه التجربة.

وأشاد عريف المؤتمر عبد الله أبو رحمة بكل الجهود التي ساهمت في إنجاح هذا المؤتمر سواء كانت فلسطينية أو دولية. وتوجه المشاركون لمشاهدة مباراة كرة القدم بين فريقي بلعين والفريق الدولي المكون من المشاركين في المؤتمر، بالقرب من منطقة الجدار، وقد بُدأت المباراة بضربة سددها اللواء جبريل الرجوب رئيس اتحاد كرة القدم الفلسطيني نحو الملعب، حيث كانت إلى جانبه السيدة لويزا مورغانتيني نائب رئيس الاتحاد الأوروبي، وقد تزامنت هذه المباراة مع بدء مباريات كأس الأمم الأوروبية، حيث وجه اللاعبون رسالة إلى العالم أن هناك شعب يحرم من حقه من اللعب والمشاهدة ومن توفر الملاعب له بسبب مصادرة أرضه وقمع مواطنيه.

وبعد أن بدأت المباراة بدقائق أغرق جنود الاحتلال الملعب بقنابل الغاز مما أدى إلى سقوط اللاعبين على الأرض واختناق معظمهم من الغاز السام المسيل للدموع، مما دعا إلى إنهاء المباراة وعدم إكمالها.

من ناحية أخر تخلل اليوم الثاني من أعمال المؤتمر زيارات ميدانية إلى بعض المواقع الفلسطينية التي يتعرض أهلها للقمع والمعاناة من سياسة الاحتلال، حيث قُسم المشاركون إلى أربع مجموعات توجهت الأولى إلى منطقة القدس والثانية إلى منطقة الخليل وبيت لحم والثالثة إلى منطقة الأغوار والرابعة إلى منطقة طولكرم وقلقيلية وسلفيت، وقد شاركوا بعد ذلك في ساعات المساء في المهرجان التضامني مع الأسرى الذي دعت إليه الحملة الشعبية لإطلاق سراح القائد المناضل مروان البرغوثي وكافة الأسرى.