أبو ظبي-قال الناقد الفني العربي محمد منصور، إن القضية الفلسطينية قدمت للفيلم الوثائقي العربي موضوعا هاما غنيا بتفاصيله الإنسانية، وأن ما نشهده على القنوات الفضائية اليوم عشية الذكرى الستين للنكبة يقدم نموذجا واضحا عن إسهامات الفيلم الوثائقي في معالجة هذه القضية.
وأضاف أن هناك العديد من الأفلام تناولت القضية الفلسطينية وتفاعلت معها واستطاعت أن تبرز جوانب أساسية في هذا الصراع التاريخي الذي يمثل أحد المآسي الكبرى في التاريخ الحديث، و'لقد كانت العدسة الوثائقية أصدق وأقرب لان هذه القضية تنطوي على قدر كبير من الدراما الواقعية التي لا تحتاج لكاتب سيناريو يتخيل ولا لمخرج يبتكر حلولا فنية من وحي صنعته'.
بيد أن منصور رأى أنه إذا تم استعراض الأعمال الفنية التي تناولت القضية الفلسطينية سنجد 'أن بعض الأعمال الدرامية التي تناولت القضية كانت في مجملها سطحية وذات رؤية فنية محدودة'.
وقال: قليلة هي الأعمال الروائية التي استطاعت أن تلامس جوهر القضية الفلسطينية مثل فيلم 'المخدوعون' للمخرج المصري توفيق صالح، وفيلم 'كفر قاسم' للمخرج اللبناني برهان علوية، ومسلسل 'التغريبة الفلسطينية' للكاتب د. وليد سيف والمخرج السوري حاتم علي، وفيلم 'المتبقي' للمخرج الإيراني سيف الله داد وهو حول رواية غسان كنفاني عائد إلى حيفا.
وأضاف منصور الذي كان ضمن فريق من الصحفيين والنقاد يتابع مسابقة أناسي للأفلام الوثائقية في إمارة أبو ظبي 'الإضافة الأهم جاءت من خلال الأفلام الوثائقية'.
وشدد الناقد الفني العربي على ضرورة أن يكون هناك تركيز على موضوعة الأفلام الوثائقية في الوقت الراهن في المنطقة العربية بشكل خاص، لأن هذه الأفلام يمكن أن تعكس جوانب مهمة من مشكلات الحياة العربية اليومية مثل قضايا الحريات والتطور ومشكلات الشباب والنزاعات والحروب والاحتلال.
وقال: في كل هذه الأمور من الممكن أن يقدم الفيلم التسجيلي رؤية واقعية تتلمس الحلول وتشكل شهادة توثق الآلام التي نعيشها هذا العصر.
وأضاف أنه جرى الاهتمام لسنوات طويلة في الحياة الفنية العربية بالسينما الروائية، والدراما التلفزيونية، وهذه يمكن أن تقدم رؤيا عن حياتنا لكن يبقى الفيلم الوثائقي اصدق وأكثر مرونة وحيوية في التعبير عن الواقع.
وأشار إلى أن ظهور القنوات الفضائية الهامة في السنوات العشر الأخيرة وما أولته من اهتمام في رصد الخبر ومعايشة الواقع وتصوير النزاعات والحروب واكتشاف قضايانا وقضايا الشعوب الأخرى قد ساهم بشكل أو بآخر في تقريب العمل الوثائقي من وجدان المشاهد العربي بعد أن كان هذا الفيلم الوثائقي حبيس محاولات نخبوية لا تلقى الاهتمام الكافي.
ورأى أن المهرجانات التي تنظم لعرض الأفلام الوثائقية ستساهم في تشجيع المبدعين الشباب لتقديم رؤيتهم وتطوير أسلوبهم الفني في مقاربة هذا الفن.
يشار إلى أن منصور ناقد فني سوري يحمل الإجازة في النقد والأدب المسرحي من المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق، وأصدر عدداً من الكتب في النقد الفني مثل 'فيروز والفن الرحباني' عام 2004، و'الكوميديا في السينما العربية' عام 2003 ، ويعد حاليا سلسلة كتب حول تاريخ وأعلام الدراما السورية.
وأعد منصور عشرات البرامج التلفزيونية والأفلام الوثائقية في التلفزيون السوري منذ العام 1996 أبرزها 'نزار قباني..موال دمشقي' و'البحث عن الصوت المفقود' و'بعدك على بالي'، وفيلم وثائقي حول حسن نصر الله عرض على قناة الجزيرة عام 2006.