نابلس/أمين ابو وردة- يشكل يوم الأرض في ذاكرة التاريخ الفلسطيني يوما بارزا يتجسد فيه معاني الانتماء للوطن والتمسك بالأرض والحقوق التي لا تسقط بالتقادم وقوة السلاح، فلم تكتف سلطات الاحتلال الإسرائيلي بمصادرة أراضي الفلسطينيين الذين أُبعدوا وهجروا عن أرضهم بعد نكبة 1948 ونكسة 1967، بل عملت تباعاً على مصادرة ما تبقى من الأرض التي بقيت بحوزة من ظلوا على أرضهم.

منذ الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية عام 1948 شرعت دولة الاحتلال إلى "تقنين" عمليات المصادرة والاستيلاء على الآلاف الدونمات التي تعد ملكيتها للمواطنين الفلسطينيين وذلك عبر سن القوانين المختلفة التي تهدف بالمحصلة إلى سحب الأرض من أصحابها الحقيقيين.

فمن قانون الأراضي البور إلى المناطق المغلقة إلى الأراضي المتروكة أو الأراضي الشائعة، إلى قانون أملاك الغائبين إلى مناطق الأمن، إلى استملاك الأراضي، إلى استملاك الأراضي الفلسطينية ووضع اليد عليها.

وغالبا ما تتذرع دولة الاحتلال بالعديد من الحجج من اجل تبرير عمليات المصادرة تلك كالحجة الأمنية ومن اجل إقامة جدار الفصل العنصري، إلى عمليات أخرى من المصادرة بهدف إقامة وتوسيع المستوطنات الإسرائيلية وشق الطرق الخاصة بها وغيرها من الذرائع التي أفقدت الفلسطينيين ملايين الدنمات من أراضيهم.

وحجج واهية

غير أن دولة الاحتلال وفي حقيقة الأمر تهدف من عمليات المصادرة تلك إلى خلق وترسيخ وقائع جديدة على الأرض من اجل استخدمها لأهداف سياسية في أي مفاوضات سلام، كما تجعل من إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967 أمرا شبه مستحيل، كما تهدف دولة الاحتلال من تلك الإجراءات فصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها بحيث تبدو مدن الضفة أشبه بالجزر المعزولة عن بعضها.

وقد قدمت دولة الاحتلال وخلال جولات مفاوضات السلام الفلسطينية الإسرائيلية السابقة العديد من الخرائط والحلول السياسية التي تقوم بالأساس على فكرة تبادل الأراضي مع الاحتفاظ الإسرائيلي بالكتل الاستيطانية الكبرى في الضفة الغربية، وهو ما يحول دون إمكانية خلق دولة متواصلة جغرافيا وتتمتع بسيادة حقيقة على الأرض.

منطقة الأغوار مستهدفة

كما عبر السياسيون الإسرائيليون وعلى رأسهم رئيس الوزراء الإسرائيلي "نتنياهو" وفي مناسبات عديدة عن رفضه المطلق تسليم منطقة الأغوار والبحر الميت إلى السيادة الفلسطينية على اعتبار انه تشكل خاصرة المنظومة الأمنية الاحتلالية لأنها تعتبر أطول مسافة حدودية بين دولة الاحتلال والأردن (تصل إلى 360كم)، وهذا ما يفسر سر الاستهداف المتواصل لتلك المنطقة بالمصادرة والاستيلاء.

وبعد رصد ومتابعة مؤسسة التضامن الدولي لحقوق الإنسان لعمليات المصادرة التي تتم بشكل شبه يومي وفي مختلف مدن الضفة الغربية؛ تبين أن ابرز عمليات المصادرة تلك وأكبرها حجماً تمت في مدن القدس والخليل وبيت لحم وجنين ونابلس والأغوار.

ففي منطقة الأغوار والبحر الميت ومنطقة النبي موسى ومناطق براري عرب التعامرة والعبيدية والرشيدة صادرت دولة الاحتلال في حزيران "يونيو" من العام الماضي نحو (139.000) ألف دونم لتوسيع مستوطنة "معاليه ادوميم"، وهي اكبر مساحة تتم مصادرتها خلال العام 2009 .

وفي مدينة القدس صادرت قوات الاحتلال في نيسان "ابريل" من العام الماضي (12.000) ألف دونم من أراضي المدينة المحتلة وضمتها لصالح مستوطنتي "معاليه ادوميم" و"كيدار" إلى الشرق من المدينة، كما استولت على (3000) ألاف دونم من أراضي بلدة " بيت اكسا" لتوسعة مستوطنتي "راموت" و"هارشموئيل"، هذا بالإضافة إلى مئات الدونمات (غير معلومة المساحة) التي صادرتها قوات الاحتلال من ارضي بلدتي "عناتا" و"الخان الأحمر".

مدن الضفة

أما في مدينة الخليل فقد استولت سلطات الاحتلال (3000) دونما من أراضي بلدة يطا بهدف ضم هذه الأراضي إلى مستوطنتي "متسيدوت يهودا" و"كرمئيل"، هذا بالإضافة إلى مصادرة (25) دونما من أراضي بلدة "بيت أمر" بهدف توسعة مستوطنة "كرمي تسور"، كما صادرت (4) دونمات أخرى من ارض المواطن "محمد جديع علامي" لصالح إقامة شبكات كهربائية استيطانية في المنطقة.

كما صادرت دولة الاحتلال (1770) دونما من أراضي قريتي "ارطاس" و"الخضر" بغرض ضمها لمستوطنة "افرات" قضاء بيت لحم، كما استولت على (940) دونما من أراضي قرية " الجبعة" بحجة أن هذه الأراضي تقع ضمن المناطق العسكرية المغلقة لدولة الاحتلال، كما صادرت (24) دونما من قريتي "حوسان" و"نحالين" من اجل ضمها إلى مجمع "غوش عتصيون" الاستيطاني.

وفي نابلس وضعت دولة الاحتلال يدها على (50) دونما من أراضي قرية "عصيرة القبلية" بهدف إقامة بؤرة استيطانية جديدة وضم مساحات أخرى لمستوطنة "يتسهار" جنوب المدينة، كما صادرت عشرات الدونمات الأخرى من أراضي "كفر قليل" و"بورين" في شهر تموز من العام الماضي تمهيدا لتوسعات استيطانية جدية حول المدينة، كما أشارت لجان العمل الزراعي إلى أن 90% من أراضي بلدة عقربا تمت مصادرتها بالكامل بهدف القيام بنشاطات استيطانية وتوسيعها.

وفي مدينة جنين تمت مصادرة نحو (300) دونما من أراضي قرية "يعبد" لإقامة مستوطنة جديدة على أراضي القرية، كما صادرت (115) دونما من نفس القرية من اجل توسيع مستوطنة "شكيد" المقامة على أراضي القرية، إضافة إلى مصادرة (42) دونما من أراضي تعود ملكيتها لعائلة العبادي في قرية "طورة الغربية" من اجل استكمال بناء جدار الفصل العنصري.