بعد ان تجهد وتخاطر وتختلط لديك التقييمات حول اعادة تأهيل شارع وادي نار شمال شرق بيت لحم وتقوم بعبور طريق وادي النار وتصل حاجز وادي النار , وتقفز لديك اسئلة اخرى, لماذا يتم اصلاح واعادة تأهيل شارع وادي , وفي نفس الوقت يتم ابقاء حاجز الكونتينر الذي تمت اقامته في بداية العام 2001 وادخلت عليه تعديلات تتسم بسمة الثبات عام 2009 ثم تصل الى بلدة العيزرية المصنفة بمنطقة ج والتي لايسمح الأسرائيليين للفلسطينيين ببسط سيطرتهم عليها وتحسين بنيتها التحتية ( وما له دلالة كبيرة هنا انك وعندما تدخل الى مشارف العيزرية من جهة الغرب ترى امامك اعلان كبير يقول يمنع دخول الأسرائيلييين, طبعا بأمر من الأدارة المدنية الأسرائيلية) ثم تتقدم الى مثلث معالي ادوميم و تجد رتلا طويلا من السيارات الفلسطينية المتوقفة امام اشارة قف, التي يجب ان تعطي احقية المرور الى مستوطني كيدار الواقعة شرق بلدة السواحرة الشرقية والتي لايزيد عدد مستوطنيها على 1000 مستوطن, وهذا يعني ان كل سكان محافظتي الخليل وبيت لحم وجزء من سكان محافظة القدس , واللذي يقارب عددههم المليون انسان يجب ان يعطوا حق اولوية المرور لما لايزيد عن 200 سيارة تعود لمستوطني كيدار.

كل سائق سيارة فلسطينية ملزم بالتوقف امام هذا الكف الذي لا يوجد له اي مسوغ قانوني سوى انه دلالة واضحة على نظام الفصل العنصري الذي تصيغة اسرائيل على الكثير من شوارع ومفترقات الطرق في الضفة الغربية, الساعة العاشرة صباحا من يوم ألأثنين الموافق 12 حزيران ثلاثون سيارة فلسطينة توقفت الواحدة تلو الأخرى امام هذا الكف الملعون, نظر السواق شمالا ويمينا قبل ان ينطلقوا باتجاه دوار مستوطنة معاليه ادوميم, عندما توقفت السيارة الثلاثون مرت سيارة مستوطنين واحدة ومازال الرتل الطويل من السيارات يتعارك ويمتد حتى دوار العيزرية. الأنتظار والتوقف والمماحكة ما بين السواقين هما سيدا الموقف فمعظمهم يشتم ويلعن من كان سببا في وضع اشارة الوقوف العنصرية هذه والتي تعطي اقلية متغطرسة من المستوطنين في مستوطنة كيدار الأولوية على ما يقارب 40% من سكان الضفة الغربية.

ما زال اليوم هو الأثنين وبعد ان مرت 38 سيارة فلسطينية أخرى عبر شارع كيدار – معاليه ادوميم يمر في المكان جيب لحرس الحدود,و بالتأكيد يجب اعطاؤه حق أولوية المرور, انتظرت ما يقارب العشرون دقيقة اخرى محاولا ان أعد السيارات الأسرائيلية التي تعبر من والى مستوطنة كيدار, لكنني مللت من الأنتظار فلم يأت مستوطنا اخر حتى نؤدي له الأحترام والتحية مقابل تنغيصه لعيشنا وسرقته لوقتنا.

من الواضح تماما ان هذا الكف الذي يفيد بضرورة التوقف الكامل حسب قواعد السياقة القانونية, لم يدفع عابرين هذا الطريق الى استنكاره لفظا فقط, بل ان هنالك من لم يكن قادرا على استيعاب عنصريته, وقام بالكتابة فوقه بخط اليد كلمة ملغي, سألت أحد سائقي سيارات الأجرة على خط الخليل رام الله, هل اشارة التوقف هذه قانونية حسب رأيك؟ قال بالتأكيد لا, قلت له لماذا اذا تقوم بالتوقف, أجابني انه وفي كثير من ألأحيان تتواجد سيارة شرطة أسرائيلية بالقرب من المكان, وتقوم بتصيد كل من لايتوقف توقفا كاملا, وبالتالي فليس من سبيل الا ألأمتثال !

على الرغم من كل ألأموال والجهود التي بذلت واستثمرت في اعادة تأهيل شارع العيزرية بتمويل من وكالة التنمية الأمريكية هذا التأهيل لا شك سهل الحركة مابين المفرق العنصري القريب من معالي ادوميم وحاجز الكونتينر المحاذي لبلدة السواحرة الشرقية, هذا التأهيل للبنية التحتية وحتى وان تم بأعلى وأدق المواصفات والمقاييسس, الا انه وقف عاجزا امام اشارة قف التي تعطي حق اولوية المرور لحفنة من المستوطنين على حساب عشرات الآف الفلسطينيين الذين يعبرون من الخليل وبيت لحم الى شمال الضفة الغربية.

عدت للمكان اي الى شارع العيزرية حتى مثلث معاليه ادوميم,بتاريخ 16 أيلول في البداية شعرت بالأرتياح شارع عريض, تتوسطه الأشجار والورود ,اعمدة الأضاءة الحديثة, وكأن المكان ليس المكان و لولا ان اشارة قف العنصرية في مكانها , والشرطة الأسرائيلية مع جيب حرس حدود اللذان مرا بالشارع في حينه لأعتقدت اننا لم نعد خاضعين لسلطة ألأحتلال, في نفس تلك اللحظة شاهدت ذللك ألأعلان الكبير الذي يفيد ان هذا الشارع قد تم بتمويل ودعم من الفوكالة الأمريكية للتنمية, عندها تبادر لدي السؤال التالي, اذا كانت هذه المؤسسة الأنمائية الأمريكية الهائلة والتي تقدم الكثير من الخدمات والأعمار في فلسطين, حتى انها قادرة على اعادة تأهيل بعض شوارع المناطق التي تعرف بمناطق ج ( التي تخضع للسيطرة الأسرائيلية), فلماذا لا تعمل حكومتها بما يكفي على ازاحة الظلم العنصري الذي يصبغ حركة الفلسطينيين في شوارع الضفة الغربية؟؟