مفتاح
2024 . الخميس 28 ، آذار
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
Snow
بيدي هدمت تعب السنين
 

الترحيل الهادئ أو الصامت مصطلح يعبر عن أسلوب سلطات الاحتلال الهادف إلى إفراغ القدس من أهلها، من خلال خلق بيئة قاهرة طاردة، عمادها الظروف الحياتية والاقتصادية والسكنية الصعبة، باستخدام استراتيجيات بعيدة المدى، بدأت بإضعاف الوضع الاقتصادي وزيادة عبء المعيشة، وفرض الضرائب وتهميش الأحياء الفلسطينية وحصرها في مناطق مكتظة يمنع فيه التوسع العمراني إلا بتراخيص بناء يكاد المقدسي يعيش عمراً كاملاً في محاولة الحصول عليها، وإن توسع بغرفة واحدة زائدة يحكم عليها بالهدم من قبلهم، أو الهدم الذاتي.

لم يبق أمام المقدسيين لمواجهة التضييق عليهم في المسكن إلا خيارين؛ الأول الخروج من الظروف الصعبة وضيق المنزل مرتفع التكاليف باتجاه أحياء مثل كفر عقب التي أصبحت بطبيعة الحال مكتظة بشكل غير منظم. والخيار الثاني التوجه للبناء دون ترخيص تلبية للاحتياج الطبيعي للتوسع والنمو الطبيعي للمسكن بما يتناسب مع نمو العائلة.

كيف تبتلع "إسرائيل" القدس؟

قامت سلطات الاحتلال بإطلاق مشروع "القدس الكبرى" الهادف إلى إحلال المستوطنين الإسرائيليين مكان الفلسطينيين بعدة طرق بدأت بمصادرة ثلث الأراضي التي احتلتها في القدس وتقدر بـ 24.5 ألف دونم عام 1967 بعد احتلال كامل فلسطين التاريخية وبالاعتماد على قانون "التنظيم والبناء لعام 1965" الذي أقرته دولة الاحتلال قبل الحرب. وعلى هذه الأراضي قامت ببناء 11 حياً مخصصة للمستوطنين الجدد فقط، وقررت سلطات الاحتلال إلغاء الخرائط الهيكلية الأردنية كافة التي كانت سارية في المناطق، لتفرغ المكان من المخططات الهيكلية وتملأه بالاحتلال، حتى أن الخرائط التي أعدت للأحياء التي يملكها الفلسطينيون شرق المدينة تم تخصيص مساحات شاسعة منها تحت اسم "أراضٍ ذات إطلالة" يمنع البناء فيها.

بعد عدة إجراءات قامت بها سلطات الاحتلال على الخرائط الهيكلية تشير البيانات الأحدث لدى دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية بالقدس إلى أن مساحة البناء المخصصة للفلسطينيين تقلصت إلى 13% فقط من إجمالي المسطح البلدي مع العلم أن نسبة الفلسطينيين في المدينة تبلغ نحو 40%. بعد أن كانت بيانات عام 2014 من مركز أبحاث الأراضي، قد أشارت إلى نسبة مقدارها 30% حسب منظمة "بيتسيلم". كما تفيد معطيات معهد القدس لبحث السياسات أنّ الكثافة السكنيّة في عام 2015 في الأحياء الفلسطينية في القدس الشرقية المحتلة قاربت ضعف الكثافة في الأحياء الاستيطانية في المدينة بمعدّل 1.9 فردًا للغرفة الواحدة. وقد وصلت الكثافة السكانية في القدس الغربية إلى حوالي 8300 نسمة في كل كيلو متر مربع، بينما وصلت إلى 9000 مستوطن في كل كيلو متر مربع في مستوطنات شرق القدس، في حين أنها تصل في الأحياء الفلسطينية حالياً إلى 13500 مواطن في كل كيلو متر مربع، وفق خليل تفكجي الخبير في شؤون الاستيطان.

لم تتوقف سلطات الاحتلال عند تغيير المخططات الهيكلية، بل ابتدعت طرقاً أخرى تسمح لها حسب قوانينها الخاصة بابتلاع الأراضي المخصصة للفلسطينيين من خلال إعلان "حدائق وطنية في شرق المدينة" والذي تحول من خلاله مساحات شاسعة تمنع البناء فيها بشكل كامل ودائم. وحتى اليوم يوجد في القدس الشرقية المحتلة وحدها سبع حدائق؛ أخطرها الحديقة المحيطة بالقدس القديمة بمساحة (1100 دونم) جنوب المسجد الأقصى في منطقة حي وادي حلوة – سلوان ومنطقة وادي الربابة وتمتد حتى مقبرة باب الرحمة ومنطقة وادي الجوز الشرقي وعلى امتداد المنطقة الواقعة من باب النبي داوود وباب الخليل وصولاً إلى باب العامود وانتهاءً بباب الساهرة والزاوية الشرقية الشمالية للسور التاريخي قرب المقبرة اليوسفية، صادقت سلطات الاحتلال عليها عام 1974 وتعد الأكبر والأكثر خطورة على المسجد الأقصى والبلدة القديمة.

تعرف على الحدائق كأداة لحصار المقدسيين:

تزامنت مخططات سلطات الاحتلال مع الامتناع عن إعداد خرائط بناء تفصيلية للأحياء الفلسطينية علماً أن تراخيص البناء لا يمكن إصدارها إلا في حالة وجود هذه الخرائط، ما يشكل نقصاً حاداً في المباني السكنية والعامة ومرافق البنية التحتية بما يشمل الشوارع والأرصفة وشبكات المياه وغيرها، ما يترك الفلسطينيين مجبرين على الحياة في مناطق تختنق سكانياً، أو الخروج إلى الأحياء الأبعد عن القدس، أو البناء في بعض الأحيان والتوسع بدون ترخيص.

الهدم الذاتي

"بيتك قائم بدون ترخيص فهو غير قانوني وعليك هدمه وإزالته في أقرب فرصة، وأن تقوم بتصوير البناء بعد هدمه وتسلمها إلى قسم التفتيش عن البناء والتنظيم في البلدية ..."

تهدد قوات الاحتلال أصحاب المنازل المعرضة للهدم بالغرامات العالية وبدل تكلفة الهدم التي سيضطر الفلسطيني لدفعها للبلدية ولشركات المقاولات وغيرها، بالإضافة إلى الرسوم المرتبطة بأي محاولة لترخيص أي مبنى أو غرفة زائدة؛ ما يرغم المقدسيين على اتخاذ قرار صعب بهدم منازلهم بأيديهم خوفاً مما سبق وتفادياً للسجن بسبب التخلف عن دفع الغرامات العالية واتهامهم بـ "احتقار أمر صادر عن المحكمة"، وللحفاظ أيضاً على المقتنيات الشخصية وقطع الأثاث كحد أدنى.

عائلة أبو رموز

خاضت عائلة أبو رموز صراعاً قضائياً مع بلدية الاحتلال نجحت خلاله في وقت سابق من العام الماضي بتأجيل عملية الهدم، لكن هذا الصراع انتهى مع صدور قرار نهائي بإرغامها على هدم منزل العائلة الذي تقطنه منذ أكثر من سبع سنوات، تحت طائلة الغرامات والرسوم الطائلة في حال مخالفة أي بند في الهدم حتى مثل إزالة أنقاض ما تم هدمه.

تشير الإحصائيات الخاصة بمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية OCHA إلى تعرض 1201 منشأة بمعظمها منازل ومساكن في القدس المحتلة للهدم، ما تسبب بتهجير 27,411 شخصاً، والتأثير على 5,566 بشكل جزئي، كما تفيد الأرقام إلى أن 75% من الضحايا هم من النساء والفتيات والأطفال بشكل خاص.

وتتحمل النساء العبء الأكبر لإعادة استقرار الأسرة في حالات الهدم، لأن الفقد بالنسبة لها أكثر من مادي بل أيضاً اجتماعي، خاصة أن النساء هن دائماً من يصنعن الارتباط العاطفي بالمنزل باهتمامهن بالتفاصيل.

تبرز الحالات الدراسية أن إخلاء وهدم المنازل يؤدي إلى انتهاكات إضافية ومتعددة لحقوق الإنسان خاصة بالنسبة للنساء والأطفال؛ بما في ذلك الحق في التعليم، وتحمل الأعباء المنزلية، والرعاية الصحية، لما ينتجه من فقدان الخصوصية والمساحة الآمنة، مع وجود ضغط كبير داخل الأسرة يؤثر سلباً على العلاقات بين أفراد الأسرة، مما يؤدي إلى شعور الأمهات بالضعف في دورهن كمصدر للسلطة وللدعم العاطفي والمادي لأطفالهن.

الحق في السكن كحق أساسي في القانون الدولي.

تفيد المادة 25 البند 1 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة 11 – 1 من العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعام 1966 أن "هدم المنازل يعد خرقاً واضحاً لإعلانات واتفاقيات حقوق الإنسان الدولية التي تكفل حق الفرد بالسكن الملائم".

وتعد سياسة هدم المنازل ضمن المخالفات الجسيمة وأحد أشكال الإجراءات التعسفية التي تؤدي إلى تدمير ومصادرة الملكية دون وجه حق ودون وجود أي ضرورة عسكرية تستدعي ذلك، وذلك حسب اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 الخاصة بحماية المدنيين في وقت الحرب، كما تحظر المادة 53 من على دولة الاحتلال تدمير أية أموال ثابتة أو منقولة خاصة بالأفراد أو الجماعات إلا إذا كانت العمليات الحربية تقتضي ذلك لتحقيق أهداف عسكرية. وتفيد المادة 33 من الاتفاقية حظر العقوبات الجماعية للسكان المدنيين المحميين، أو معاقبتهم عن أفعال لم يرتكبوها، أو التعامل بطريقة الثأر منهم ومن ممتلكاتهم.

هدم المنازل كجريمة حرب

يعتبر القانون الجنائي الدولي هدم المنازل على نطاق واسع عملاً غير مشرعاً ومخالفاً للقانون الدولي، فحسب المادة 8 – 2 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية أن "تدمير الممتلكات على نطاق واسع دون توافر ضرورة عسكرية تبرر ذلك، يعد بمثابة جريمة حرب".

 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required