العودة للمفاوضات: شروط وأساسيات
بقلم: مفتاح
2012/10/10

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=14199

قد يكون من الصعب التكهن برد الفعل الأمريكي والإسرائيلي وحتى الأوروبي على التصريحات التي أدلى بها الرئيس محمود عباس أبو مازن بشأن استعداد الفلسطينيين للعودة إلى المفاوضات على أساس البيانات الأوروبية الخاصة بالقضية الفلسطينية.

ويبدو أن تصريحات الرئيس عباس بهذا الشأن تشكل محاولة فلسطينية للخروج من عنق المأزق التفاوضي الذي تشهده العملية السياسية بفعل جمود هذه العملية بل وتوقفها، والناجم بالأساس عن استمرار إسرائيل في سياستها الاستيطانية التي باتت تهدد حل الدولتين بالإندثار، كما قال الرئيس عباس بالأمس خلال لقائه قناصل وممثلي دول الاتحاد الأوروبي لدى السلطة الفلسطينية.

بيد أن الاستعداد الذي عبر عنه الرئيس الفلسطيني بالعودة إلى المفاوضات استنادا إلى البيانات الأوروبية بشأن القضية الفلسطينية، قد لا يجد فرصة لتطبيقه على الأرض في ظل الاشتراطات الأمريكية والإسرائيلية، وفي ظل إصرار الجانب الفلسطيني على التوجه إلى الأمم المتحدة للحصول منها على اعتراف بفلسطين دولة غير عضو، وهو توجه إن نجح سيغير حتما معادلة التفاوض على الأرض، لأن الحديث هنا سيكون على أراض محتلة تلبعة لدولة يعترف العالم بعدم شرعية احتلالها، في حين تتعامل إسرائيل مع الأراضي الفلسطينية على أنها أراض متنازع عليها، وبالتالي سيكون من الصعب تحقيق معادلة جديدة للتفاوض يعود إليها الفلسطينيون والإسرائيليون في ظل التطورات الراهنة.

أما الأمر الآخر الذي سيزيد الوضع تعقيدا وجمودا، فهو إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن تقديم موعد الانتخابات في إسرائيل إلى فترة قريبة جدا قد لا تستغرق ستة أشهر، ما يعني أن الساحة السياسية في إسرائيل ستنشغل بهذه الانتخابات، ولن يكون بالإمكان عودة إلى مفاوضات بوجود حكومة شلل في إسرائيل، في حين ذهب بعض السياسيين والمحللين في إسرائيل إلى القول تعقيبا على قرار نتنياهو تقديم الانتخابات العامة، بأن الموضوع الفلسطيني وخصوصا توجه القيادة الفلسطينية إلى الأمم المتحدة سيطرح نفسه بقوة في الانتخابات القادمة، كما نقل عن الدكتور أحمد الطيبي العضو العربي في الكنيست الإسرائيلي، متهما حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بأنها لم تتقدم أي خطوة باتجاه المفاوضات مع الفلسطينيين، بل أنها بثت أجواء الحرب ودقت طبولها في المنطقة.

واستنادا إلى هذه المعطيات، فإن العودة إلى المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، لم تعد قضية مرهونة بقرار فلسطيني واستنادا إلى دعم سياسي أوروبي فحسب، بل أن القرار بشأنها يتطلب توفير أرضية مناسبة وأجواء ملائمة، وهو أمر غير قائم في هذه المرحلة، مع انشغال الأمريكيين في الانتخابات الرئاسية، وتحضيرات إسرائيل الوشيكة للانتخابات العامة، ما يعني استمرار الجمود السياسي، في مقابل تصعيد إسرائيلي عسكري ممكن ضد قطاع غزة حسب تصريحات بعض القادة العسكريين الإسرائيليين، يتزامن مع تكثيف للاستيطان في القدس وسائر الأراضي الفلسطينية، ما يجعل خطر اندثار حل الدولتين حقيقة، وليس مجرد مخاوف.

http://www.miftah.org