الأمم المتحدة والمصالحة: خطوتان على الطريق الصحيح
بقلم: مفتاح
2012/11/26

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=14347

أيام معدودة فقط تفصلنا عن واحدة من أهم الخطوات السياسية للقيادة الفلسطينية ألا وهي التوجه إلى الأمم المتحدة للحصول منها على اعتراف بفلسطين دولة غير عضو. وهي خطوة تعتبرها قيادة الشعب الفلسطيني هامة وإستراتيجية على طريق التأسيس لعملية سياسية واضحة المعالم تلزم إسرائيل على المضي فيها بعيدا عن الخطوات أحادية الجانب التي قامت بها على مدى سنوات التفاوض الماضية ولم تفض في النهاية إلا إلى جمود العملية السياسية وتوقفها.

في المقابل، فإن مثل هذه الخطوة قد تقود إسرائيل إلى محافل قضائية دولية عديدة لما ترتكبه من عدوان مستمر على الأرض والإنسان الفلسطيني كان آخرها العدوان الأخير على قطاع غزة والذي حصد أرواح أكثر من 170 شهيدا، وجرح أكثر من 1300 من المدنيين غالبيتهم من الأطفال والنساء، وإضافة إلى تدمير آلاف المنازل كليا وجزئيا وإلحاق خسائر بالبنى التحتية تزيد عن مليار ونصف المليار دولار.

ولعل الخشية من أن تجد إسرائيل نفسها أمام مقاضاة دولية على جرائمها وانتهاكاتها، هو ما يفسر هذه الغلواء الإسرائيلية في رفض الخطوة الفلسطينية وتجنيد الدعم الأمريكي الرسمي ضدها، بل وصل الأمر في الحكومة الإسرائيلية بتوجيه تهديدات للقيادة الفلسطينية والسلطة الوطنية باستهداف شخص الرئيس كما ورد على لسان وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان أكثر من مرة، وفرض مزيد من الحصار الاقتصادي والمالي إلى درجة تجعل الفلسطينيين يندمون على خطوتهم بالتوجه للأمم المتحدة.

هذه التهديدات الإسرائيلية وما يرافقها من وعيد أمريكي أيضا للسلطة الوطنية لم يثن القيادة الفلسطينية على قرارها المضي قدما في التوجه إلى الأمم المتحدة، ليس نزعا لشرعية إسرائيل، بل لانطلاقة سياسية واضحة ما أكد الرئيس محمود عباس أبو مازن في كلمته أمس أمام الحشود التي أتت إلى مقره في المقاطعة مؤيدة للخطوة وداعمة لها.

ويبدو موقف القيادة الفلسطينية هذه المرة أكثر قوة خاصة بعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والتي كانت من نتائجه غير المباشرة تعزيز التوجه الفلسطيني الداخلي نحو تحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام البغيض الذي أفقد الفلسطينيين واحدة من أبرز ركائز الصمود ومقاومة التصعيد والعدوان الإسرائيلي المستمرين سواء في الضفة الغربية أو في قطاع غزة.

وعليه، فإن الدفع بالمصالحة إلى الأمام تبدو الخطوة الفلسطينية الأكثر أهمية في نظر القيادة الفلسطينية وفصائل العمل الوطني والإسلامي، والمؤشرات على الأرض بهذا الشأن كثيرة، لعل أبرزها الانفراج الحاصل حاليا في العلاقة الفتحاوية الحمساوية، واتخاذ الجانبين خطوات على الأرض تضع حدا للانقسام، وتجعل من تحقيق حلم المصالحة واقعا حقيقيا على الأرض سيتعزز ظهوره بعد الانتهاء من المعركة الدبلوماسية في الأمم المتحدة، ونجاح القيادة في مسعاها لدى هذه المؤسسة الدولية، سينعكس حتما على الجهود المبذولة داخليا لتعزيز الوحدة الوطنية وتقوية الموقف الفلسطيني وجعله أكثر قوة وصلابة في مواجهة الغطرسة الإسرائيلية. ومن هنا فالخطوتان مجتمعتان على غاية من الأهمية، والبداية الأولى على الطريق الصحيح.

http://www.miftah.org