فلسطين والجزائر وشبكة الأمان العربية
بقلم: مفتاح
2013/1/2

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=14460

وسط تقاعس الدول العربية عن دفع ما التزمت به تجاه الفلسطينيين وهي 100 مليون شيكل ضمن شبكة الأمان العربية تطل الجزائر التي حولت مبلغ 26 مليون دولار بشكل عاجل إلى السلطة الوطنية الفلسطينية، في مبادرة ليست بغريبة عن بلد المليون شهيد، والتي لطالما ارتبطت بالقضية الفلسطينية ارتباطا ًغير عادي منذ البداية، ربما لأن هذا البلد يدرك تماماً ماهية الصراع مع المستعمر، وظلمه وتسلطه عبر السنين.

ووسط الأزمة المالية الخانقة التي تعاني منها السلطة الفلسطينية، بسبب الحصار الإسرائيلي الذي تفرضه حكومة الاحتلال اليمينية المتطرفة بحجز أموال الضرائب الفلسطينية، في إطار تنكيل جماعي بالفلسطينيين، خاصة بعد حصول فلسطين على صفة دولة غير عضو مراقب في الأمم المتحدة في 29 تشرين الثاني الماضي، استعدت الدول العربية بالوقوف إلى جانب الفلسطينيين ودفع 100 مليون دولار كمساعدة للسلطة الفلسطينية خلال اجتماع لجنة مبادرة السلام العربية في الدوحة في 9 كانون الأول الماضي، ضمن ما أسمته شبكة الأمان العربية، التي وللأسف لم يتحقق من أسمها شيء باستثناء تلك 26 مليون دولار التي بادرت بهم الجزائر.

والحقيقة أن الإعلان عن هذه الملايين كانت أشبه بإعلان لرفع العتب، فبحسب نبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية أن هذه الأموال بحاجة لأن تجمع أولاً من الدول العربية، وأن هذه الآلية تتمثل في اتصال الأمين العام وقطر بصفتها رئيس اللجنة الوزارية لمبادرة السلام العربية بكل دولة بشأن المبلغ المحدد الذي يتعين عليها أن تدفعه؟!!! لذا إن لم تكن الدول مبادرة بدفع ما عليها من التزام مالي فلن نرى ال74 مليون المتبقية، والتي من المفترض أن تدفع شهرياً كما تم الاتفاق عليها.

وقد صرح نائب الأمين العام لجامعة الدول العربية السفير أحمد بن حلي أمس، أن الجزائر أبلغت جامعة الدول العربية أمس أنها حولت هذا المبلغ والذي كان من المقرر سداده في شهر نيسان المقبل، وفق الآلية المعتمدة في الجامعة العربية لسداد الدول العربية مساهماتها في موازنة السلطة المقررة من قبل القمم العربية، إلا أن الجزائر رأت التبكير في سداد هذا المبلغ الآن دعما منها للموقف المالي للسلطة الفلسطينية للتخفيف من حدة الأزمة المالية الطاحنة التي تعاني منها.

وكانت القيادة الفلسطينية قد أبلغت الدول العربية، بتوجهها إلى الأمم المتحدة من أجل نيل اعتراف بدولة فلسطين، وأوضحت ما لهذه الخطوة من تبعات سياسية واقتصادية، خاصة فيما يتعلق بالموقف الأمريكي والإسرائيلي وردود الفعل المتوقعة جراء مثل هذه الخطوة، ففي كل مناسبة تعمد دولة الاحتلال على احتجاز أموال الضريبة الفلسطينية وبصورة غير شرعية، في صورة لا توصف سوى بالسرقة والقرصنة، وإن كانت تلجأ دوما ًلذلك في كل مرة تريد فيها فرض تنكيل جماعي بالفلسطينيين قيادة وشعباً، وأمام ذلك تعهدت الدول العربية بدعمها للموقف الفلسطيني، واستعدادها لمساندة السلطة الفلسطينية في أزمتها المالية المترتبة على هذه الخطوة، وذلك عبر شبكة الأمان العربية، بدفع 100 مليون شهرياً للسلطة الفلسطينية، إلا أن هذه الوعود وللأسف ما زالت تراوح مكانها، ولم يرُى منها سوى ما قدمته الجزائر بالأمس.

رغم تفهمنا لما تواجه الدول العربية من تحديات ما زالت تعصف بها، إلا إننا نوجه رسالة لها مجتمعة أن تحذو حذو الجزائر الشقيق، وتقدم دعمها الذي وعدت به الفلسطينيين، دون منة ولا أذى فهذا واجب عروبي وقومي وليس صدقة أو إحسان، وأن تنجز ذلك في القريب العاجل، لكي لا تتحول شبكة الأمان العربية، إلى مجرد شعار دون فحوى، وقبل أن تشهد الحالة الفلسطينية مزيدا ًمن التدهور، جراء الحصار والتضييق الذين تعيشهما.

http://www.miftah.org