من ذا الذي يستحق الاعتذار!
بقلم: مفتاح
2013/1/30

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=14534

لم تكد تكتمل الفرحة الممزوجة بالدهشة، جراء نشر صحيفة «صنداي تايمز» في لندن الأحد الماضي رسماً كاريكاتورياً صور فيه رسام الكاريكاتير ويدعى جيرالد سكارف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وهو يبني جدار الفصل العنصري تتخلله جثث فلسطينيين باستخدام اسمنت ملطخ بالدماء، حتى خرج صاحب الجريدة الإعلامي روبرت ميردوخ اليوم التالي، معتذراً على موقع تويتر ليقول "إن سكارف لم يعكس آراء الصحيفة «لكننا مدينون باعتذار كبير عن الرسم الغريب والعدائي»"، وذلك بعد شكاوى من جماعات يهودية.

وقد تصادف نشر الرسم في ذكرى المحرقة النازية المعروفة بالهلوكوست، حاملاً عنواناً ساخراً يقول: «الانتخابات الإسرائيلية.. هل يستمر تعزيز السلام؟»، وهذا ما أثار حفيظة مجلس نواب اليهود البريطانيين الذي يمثل الجماعات اليهودية في بريطانيا والذي تقدم بشكوى ضد الرسم الكاريكاتيري إلى مفوضية شكاوى الصحافة.

وهكذا وفي كل مرة يحاول الغرب أن يقف وقفة حق خجولة، يعود ليتراجع ويسارع بالاعتذار تحت ضغط شعار "معادة السامية" الذي يرفعه الإسرائيليون في وجه من ينتقدهم أو بالأحرى يواجههم بالحقيقة، في المقابل فإن أياً من الإسرائيليين لا يعتذر عن الممارسات الإسرائيلية اللاإنسانية بحق الفلسطينيين، وكأنها غير مرئية أو أن أنها تحدث في مكان آخر من العالم، بينما يتباكى الإسرائيليون في كل مناسبة لتذكير العالم بمأساتهم التي عاشوها في الهلوكوست منذ ثلاثينيات القرن الماضي.

وفي الوقت الذي يثير الإسرائيليون جلبة ويطالبون العالم بالاعتذار لهم، لا يتورعون هم أنفسهم عن وقف اعتداءاتهم اليومية تجاه الفلسطينيين على مختلف الأصعدة، وعلى رأسها هدم منازلهم كما حدث بالأمس، حيث داهم موظفو "الإدارة المدنية" برفقة قوات من الجيش الإسرائيلي حي الفهيدات شرق قرية عناتا قضاء القدس، وسُلمت العائلات إخطارات بهدم منازلهم وبركسات في الحي، وذلك لصالح توسيع معسكر "عنتوت" المحاذي للحي، وقد قال أحد سكان الحي إلى صحيفة القدس الصادرة اليوم "إن سكان الحي يتعرضون منذ عام 2006 لخطر هدم منازلهم وضغوطات بهدف تهجيرهم من الحي، علما أنهم يقطنون الحي قبل عام 1967".

وسياسة هدم المنازل هذه لم تتوقف يوماً، وبدعاوي واهية ومستهلكة وهي الذرائع الأمنية، أو عدم وجود ترخيص، أو لمخالفتها سياسة السلطات الإسرائيلية للإسكان أو غيرها من الذرائع غير القانونية وغير المقبولة، كما أن العمل بتلك السياسة لا يُقتصر على القدس فحسب ففي الأيام الماضية أيضا ً سلمت قوات الاحتلال، 8 إخطارات تقضي بـ"وقف العمل" في بناء مساكن وخيام لعائلة المواطن خالد حسين العمور والتي تضم نحو 50 شخصا، بينهم 30 طفلا على الأقل مقيمين في خربة " التبان " شرق بلدة يطا، وذلك بذريعة عدم الحصول على ترخيص مسبق. كما أشارت المصادر.

وينضم إلى كل ما سبق أيضاً قرية العراقيب التي لربما ضربت الرقم القياسي في كونها أكثر قرية فلسطينية تعرضت للهدم (44 مرة)، وذلك لأن أهلها وفي كل مرة يقومون من بين الأنقاض في حر الصيف وبرد الشتاء، ويعاودون بناءها.

وأمام هذه السياسة الإسرائيلية والتي لا تحترم قانونا ًولا عرفاً، ألا يستحق الشعب الفلسطيني وقفة دولية جادة لصد هذه الاعتداءات غير المتوقفة؟ ألا يستحق اعتذاراً دولياً على الوقوف موقف المتفرج أمام تاريخ كامل من الظلم والمعاناة التي عاشها ومازال يعيشها الفلسطينيون؟ تماماً كما يطالب الإسرائيليين الجميع بتقديم الاعتذارات لهم، إذا ما كشفوا حقيقتهم العدائية!!

إن على المجتمع العربي والدولي أن يقدما اعتذاراً للفلسطينيين على تقاعسهما عن نصرتهم، لكنهما وقبل ذلك مطالبين باتخاذ فعل حقيقي للوقوف في وجه هذه الاعتداءات التي بلغ السيل منها الزبى.

http://www.miftah.org