تعطل المسيرة التعليمية..حلقة في سلسلة الأزمة المالية
بقلم: مفتاح
2013/2/6

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=14552

أخيراً سمع المعلمون ما أرادوا أن يسمعوه طوال مدة إضرابهم عن العمل في الفترة الماضية، وذلك بعد أن توصلوا لاتفاق مع الحكومة بشأن مطالبهم النقابيةالعادلة، فقد أعلن الاتحاد العام للمعلمين، مساء أمس، عن تعليق الإضراب الذي كان من المقرر أن يتم تنفيذه اليوم الأربعاء وغداً الخميس.

وأعلنت لجنة الحوار الحكومية مع اتحاد المعلمين في بيان لها، مساء أمس الثلاثاء، عقب اجتماع عقدته مع الاتحاد بمقر ديوان الموظفين، أن الحكومة توصلت لاتفاق مع اتحاد المعلمين يوصي باعتماد التعليم مهنة وما يترتب على ذلك من استحقاق مالي، وفتح باب الدرجات أمام حملة البكالوريوس والدبلوم، بحيث لن يتم تجميد ترفيع على الدرجة الأولى والثانية، وإلغاء أدنى مربوط الدرجة، وربط الترفيع بأول مربوط الدرجة. حسبما ذكرت صحيفة الحياة.

وعليه أعلن اتحاد المعلمين عن تعليق الإضرابات وجميع الفعاليات الأخرى لمده أسبوع على أن يتم عقد حوار مكثف للوصول إلى اتفاق شامل ومفصل.

وهكذا شعر المعلمون بالإنصاف، كما غيرهم من موظفي السلطة الفلسطينية، فقد نال المعلم خلال السنوات الماضية كفايته من تدهور صورته الاجتماعية، والتي وللأسف باتت مرتبطة ارتباطا ًوثيقاً بالمكانة الاقتصادية، بعد أن اضطره الراتب المتآكل للاستدانة والعمل الإضافي في وظائف لا تليق بمكانته وشهادته العلمية حتى يلبي متطلبات الحياة التي تزداد يوماً تلو الآخر، فكان لابد من إحياء المكانة الاجتماعية التي احتلها المعلم في نظر الأجيال السابقة، واسترجاع كرامته التي هُدرت من المدينين، حتى يؤدي وظيفته الحقيقية في تربية الأجيال الناشئة.

وعلى الجانب الآخر، كان لابد من إنقاذ العملية التعليمية التي لطالما تعطلت في السنوات الماضية، وكان ضحيتها الطلبة الذين فقدوا ممارسة حقهم في التعلم، لكنهم في ذات الوقت كانوا بحاجة لمعلم قادر على أداء وظيفته دون أن يكون مثقلاً بتلك النظرة الدونية لوظيفته، مُضاف إليها أعباء الحياة.

لكن وعلى الرغم من ذلك شهد اليوم تخبطاً ما بين المعلمين الذين اختار جزء منهم المضي في الإضراب بدعوى عدم تنسيق الاتحاد العام للمعلمين معهم، خاصة في نابلس وبيت لحم وبين من التزم بقرار الاتحاد، حيث قال أحمد أنيس رئيس اتحاد المعلمين الفلسطينيين لـ معا "إن الإضراب لم يكن غاية بل وسيلة، وعندما انصاعت الحكومة لمطالبنا ووقعنا الاتفاق مع موسى أبو زيد لم يعد هناك من سبب للاستمرار في الإضراب لأن مصلحة الطالب تهمنا، في كل الأحوال لابد من اللجوء إلى الحوار البناء والبعد عن التغريد خارج السرب، والقبول بالحلول الوسطية التي ترضي جميع الأطراف".

إن العملية التعليمية مازالت بحاجة لمزيد من الاهتمام والنهوض بجوانبها كافة، من مناهج وبرامج تربوية وتعليمية ومبان مناسبة وأدوات علمية حديثة، لضمان تخريج طلبة على قدر كاف من الوعي والإدراك خاصة بموضوع قضيتهم الفلسطينية وخصوصيتها، ولأن التعليم كان هو سلاحنا الأمثل في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وفضح جرائمه للعالم، ومخاطبة المجتمع الدولي، كان من الأهمية بمكان التي يحتاج معها للتجديد والتحديث وتسخير الطاقات لرفعه وإعلائه.

وفي ظل الأوضاع المالية الصعبة التي تشهدها السلطة الفلسطينية ويعاني منها الشعب الفلسطيني، ولأسباب معروفة على رأسها تأخر دفع أموال شبكة الأمان العربية، وكذلك حجز أموال الضريبة التي تجمعها إسرائيل وتحولها للسلطةالفلسطينية بعد الاعتراف الدولي بدولة فلسطين، تعاني القطاعات الحكومية الأخرى من انقطاع في الدوام الرسمي بسبب تغيب الموظفين عن العمل نتيجة تذبذب الرواتب، وتظل الضائقة المالية تطل برأسها على الحكومة الفلسطينية، التي تحاول ما استطاعت تخفيف مصاريف الإنفاق، لمعالجة الأزمة، وقد تكون هذه المحاولات مجدية من أجل البحث عن أماكن هدر المال العام وسدها، وهذا ما كشف عنه الدكتور نبيل قسيس وزير المالية حيث قال لوسائل الإعلام "إن الحكومة تبحث جملة من الإجراءات التقليصية التي تساهم بالتخفيف من عجز الموازنة وتزيد من الإيرادات".

في كل الأحوال مازالت سياسة شد الأحزمة قائمة، إلى أن يأتي الفرج وهو وإن تأخر لكنه آت لا محالة، كما يقول الشافعي:

ضاقت فلما استحكمت حلقاتها .. فرجت وكنت أظنها لا تفرج

http://www.miftah.org