ألم يحن دور الأسرى!
بقلم: آلآء كراجة لمفتاح
2013/2/11

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=14567

اليوم هو اليوم الثاني بعد المائتين الذي يدخله الأسير المقدسي سامر العيساوي من قرية العيسوية شمال القدس المحتلة في ما قد يكون أطول إضراب عن الطعام في تاريخ البشرية، وهو وزملاؤه الأسرى المضربون عن الطعام يدخلون مرحلة حرجة بعد أصبحوا أشباح أجساد، وأكواماً من العظام.

والحقيقة أن الأسير سامر العيساوي (32 عاماً) كان قد أطلق سراحه ضمن صفقة تبادل الأسرى المعروفة بـ"صفقة شاليط"، لكن دولة الاحتلال التي لا يؤمن جانبها، ويؤخذ عليها عدم احترامها للقوانين الإنسانية والأخلاقية، بل ومعروف عنها تاريخياً نقضها للعهود، عادت واعتقلته كما فعلت مع كثير من الأسرى الفلسطينيين ضمن الصفقة، وهو مضرب عن الطعام منذ الأول من شهر آب من العام المنصرم، احتجاجا على إعادة اعتقاله بتاريخ 7-7-2012.

ومثل العيساوي الأسير أيمن اسماعيل شراونة من سكان الخليل، المضرب عن الطعام منذ 1/7/2012 والذي نقل إلى عزل سجن ايله في السبع، وقد تم مؤخراًنقل الأسير الشراونة إلى أكثر من سجن وهو في وضع صحي خطير للغاية بسبب الإضراب، كجزء من سياسة الضغط عليه لوقف إضرابه كما أفاد محاميه.

إن الأسرى اليوم يعانون أسوء ظروف الاعتقال على الإطلاق، وهم بحاجة اليوم وأكثر من أي وقت مضى لمن يطالب العالم برفع الظلم عنهم ووقف معاناتهم، فهم إلى جانب المعاملة السيئة والإهانات اليومية من قبل سجانيهم يعانون من الظروف البيئة والصحية التي تعتريهم في سجون مهترئة تأكلها الرطوبة والحشرات وتعشش فيها الأمراض التي تنهش أجسادهم، وهم إلى جانب ذلك يواجهون بالإهمال الصحي والطبي حتى تتدهور أوضاعهم الصحية، ويكون مصيرهم الموت كما كان مع الشهيد أشرف أبو ذريع، من قرية بيت عوا غرب الخليل الذي استشهد بعد أن دخل في غيبوبة ل50 يوما ً، وهو أصلاً كان يعاني من مرض أقعده، وكان ضحية الإهمال الطبي.

وبالأمس ذكرت المصادر أن حريقاً نشب في معتقل "مجدو" الواقع في منطقة مرج ابن عامر وضمن حدود مدينة حيفا، وهو لم يكن الأول من نوعه، فهذه المعتقلات غير مجهزة لأية حالة طوارئ، وحياة الأسير الفلسطيني هي آخر هم يُقلق ما يعرف ب"إدارة السجون الإسرائيلية".

وبالحديث عن الأسرى وظروفهم الصعبة...لا أدري أي شعور اعتراني أهو الحزن أم القهر أم العجز أم كلهم مجتمعون سوية عندما قرأت مقال الأسير حسام شاهين يوم الأربعاء الماضي السادس من شباط المنشور في جريدة القدس ذاك اليوم، وهو يطالب العالم بأن يساعدوا الأسرى لكي "يبولوا" على حد تعبيره، في مقاله تحت هذا العنوان "أرجوكم ساعدونا لكي نبول!"، وهو يصف بأشد العبارات وأقساها معاناة الأسرى في ممارسة حقهم الطبيعي والإنساني، والذي تمنعهم سياسة السجون الإسرائيلية من ممارستها بما يحفظ لهم كرامتهم وإنسانيتهم، وهو يقول، ومنه أقتبس "وعندما شرعت بكتابة هذه المقالة طالبني عدد من الأخوة، إعادة التفكير بكتابتها، رأفة بمشاعر أهالينا ورفقاً بحالهم، ولكنني فضلت فضح هذه الانتهاكات على الرغم من الألم الذي يمكن أن تلحقه بذوينا وبأبناء شعبنا".

حتى وصلت الحالة بالأسير أن يطلب من العالم أبسط حق لا يخطر على بال أحد بعد أن ذكر المهانة والذل الذي تعرض لهما أثناء نقله من سجن لآخر فهو يقول "نحن لا نطالب باسترداد أرضنا المغتصبة، ولا بحقنا في الحرية والتحرر مثل باقي الشعوب، فهذه أمور نضالنا وكفاحنا الوطني كفيلان بتحقيقها، وجل ما نبتغيه منكم، هو مساندتنا في حقنا الإنساني بالتبول، أرجوكم ساعدونا لكي نُبَوِلْ..!!"

إن استمرار سلطات الاحتلال الإسرائيلية في تعذيبها للأسرى الفلسطينيين وخاصة المضربين عن الطعام، هو جريمة حرب لا يجب السكوت عنها، و إن العالم اليوم والمجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية والدولية جمعياً مطالبون بنهضة من أجل التدخل وإنقاذ حياة الأسرى المضربين عن الطعام أولا في معركة الأمعاء الخاوية، ومن ثم استرداد حقوقهم الإنسانية كافة كأسرى حرب.

وإن على كل فلسطيني حر أن يحمل قضية الأسرى معه في كل مكان وأن لا ينساهم ولا ينسى معاناتهم في السجون الإسرائيلية، كما أن القيادة الفلسطينية مسؤولة عن حياة الأسرى المضربين عن الطعام، وعن المعاناة التي يعيشها أسرى الشعب الفلسطيني، فهي مطالبة برفع قضية الأسرى إلى مسامع العالم أجمع وتدويرها من أجل فضح جرائم الحرب الإسرائيلية، وعلى الأطراف الفلسطينية التسريع بإنجاز المصالحة بشكل حقيقي على الأرض وليس برفع شكلي لشعارات الوحدة وحسب، وذلك وفاءً للشعب الفلسطيني ولأسراه ولكل ما قدموه وعانوه على مدى السنوات الماضية.

http://www.miftah.org