هل فقدنا انسانيتنا...!؟
بقلم: مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي
2013/5/8

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=14762

"الموت لا يوجع الموتى...الموت يوجع الأحياء" محمود درويش

طالما بقينا على قيد الحياة، فإننا نُفجع يوميا بالألم، فُجعنا امس وأول امس وقبل اسابيع واشهر وسنوات، ولا زلنا نفجع مرة بعد اخرى طالما بقينا احياء. نُفجع نحن الاحياء اليوم مرة اخرى بمقتل فتاة بمقتبل العمر... ، وفاجعتنا ليست بعملية القتل فقط، بل فاجعتنا ايضا بالصمت، وفاجعتنا اكبر واكبر ونحن نرى منظومة قيمنا الانسانية والأخلاقية تنهار طوبة طوبة مع كل ضحية تسقط، ونقف عاجزين عن فعل شيء يطفئ حرارة اجسادنا التي ترتفع لدرجة الاحمرار والتعرق من الخجل الذي يعترينا ونحن نقف في حضرة كل ضحية، وروحها تخاطبنا قائلة "لو كنتم فعلتم شيئا عندما سقطت الضحية السابقة لما سَقَطتُ اليوم". روح ميناس قاسم ذات الواحد وعشرون ربيعا ستحاسبنا للأبد على حياتها التي خسرتها لأننا لم نحرك ساكنا لحمايتها من هذه النتيجة التي انتهت اليها حياتها. اما آن الاوان لكي نقف امام أنفسنا مرة واحدة والى الأبد لحماية قيمنا وأخلاقياتنا، لحماية نسائنا وبناتنا، لحماية اسرنا وأطفالنا من مصير مجهول يتربص بها.

في كل مرة تكون الضحية الاسهل للنيل منها هي المرأة، تختلف الاساليب والوسائل والطرق، وربما نجد ابداع جديد في كل مرة في طريقة القتل وأسلوبها، عدا عن الملابسات والتفاصيل، ولكن الجوهر واحد، والمبدأ واحد ايضا. المرأة تكون فريسة سهلة لانتهاك حقها الاساسي في الحياة، وكأنها ليست كائن بشري يعيش معنا وبيننا، يشاركنا تفاصيل حياتنا، كبيرها قبل صغيرها، ومرّها قبل حلوها، وأصعبها قبل اسهلها. من قُتل أمس ويُقتل اليوم، وربما يُقتل غدا ايضا هي المرأة الفلسطينية شريكة النضال، شريكة البناء، شريكة الاسرة وخارج الأسرة هي المرأة شريكة كل تفاصيل الحياة ونصفها الآخر، او نصفها الأول، ليس مهما، بل المهم هو انها نصفنا في كل شيء ما عدا في حقها في الحياة فهي ليست منا او من مجتمعنا!! اي تناقض هذا؟! "ميناس" ضحية أخرى من ضحايا الصمت والعجز المجتمعي، هي واحدة من عشرات النساء اللواتي فقدن حياتهن، دون الحديث عن الاسباب. لا يوجد في قيمنا سواء كنا علمانيين او متدينين، مسلمين او مسيحيين، اغنياء او فقراء، كبارا او صغارا، لا يوجد في قيمنا ما يبيح انتزاع روح انسان. فلماذا حين يتعلق الامر بالنساء نتحول الى كائنات اخرى لا تنتمي للانسانية، ونحمل ثقافة أباحت، ولا تزال تبيح "افتراس" النساء دون عقاب للجاني!! لماذا علينا ان نتحمل الألم باستمرار دون ان نصرخ؟ لماذا علينا ان نواجه ظلما يرتكب في حقنا دون ان نواجه؟ لماذا علينا الشجب والاستنكار فقط في الاطار الذي يسمح به المجتمع؟ لماذا علينا ان نشارك بجريمة نرتكبها بحق انفسنا بسبب صمتنا؟

نعم موت ميناس يوجعنا...قتلها يحرك حتى الحجارة التي القيت جثتها فوقها...حان الوقت لنقول كفى...لن نستنكر ولن نشجب لأننا سئمنا وتعبنا من الصراخ دون ان يسمعنا أحد... سئمنا من الشعارات الرنانة التي تمجد المرأة ودورها وعندما نأتي للتطبيق لا نجد من يتجرأ على اتخاذ خطوة جدية تمنع مزيدا من الجرائم.

إننا في مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي ننعى للشعب ميناس قاسم ... ونؤكد بأن الوقت قد حان لتحرك فعلي وحقيقي وجريء من اجل إحقاق الحق وندعو كل الضمائر الحية في فلسطين للمشاركة معنا في تحركات جدية وحقيقية من أجل معاقبة كل مجرم سفك دم امرأة لمنع تكرار مثل هذه المآسي. نريد دولة نشعر فيها بالأمان...

نريد مجتمعا يحترم المراة كما يحترم الرجل...

نريد ثقافة لا تبيح سفك الدماء لأي مواطن في هذا الوطن...

نريد قوانين خالية من كافة اشكال التمييز ضد المراة...

واهم ما نريد هو ان نحيا...

نعم قتل ميناس اوجعنا ... ادمانا ... واحيا فينا انسانيتنا التي فقدناها ...

مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي

http://www.miftah.org