ضمن برنامج ‘دعم الانتخابات’

الحروب: "مفتاح مكنتني من تقبل الاختلاف ويميزها صدقها ودعمها المتواصل"
بقلم: آلآء كراجة لمفتاح
2013/7/8

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=14790

منذ الوهلة الأولى، يستطيع أي شخص أن يستشعر قوتها، وشخصيتها الفذة، ففي القادة سمات لا يمكن تجاهلها أو إغفالها، إنها فاطمة الحروب، عضو المجلس البلدي لبلدة تفوح قضاء الخليل، وإحدى المشاركات في برنامج "دعم الانتخابات" في مرحلته الحالية، ورغم أنها أم لـ7 أولاد و4 بنات، لكن هذا العدد الكبير من الأبناء لم يقف عائقاً في طريقها، بل لربما كان حافزاً وسط عدد من المحفزات الأخرى للنجاح والعمل الدؤوب، لتكون الزوجة والأم وسيدة المجتمع المحلي.

"مفتاح" ومن خلال هذا البرنامج تسعى إلى تمكين مكونات المجتمع القيادية من المشاركة في تعزيز الديمقراطية والحكم الصالح، ورفع الوعي المجتمعي تجاه حقوق المواطنة الصالحة وواجباتها.

حول هذه التجربة والنجاح الذي حققته من خلال البرنامج تقول فاطمة معرفة عن نفسها بدايةً: "اسمي فاطمة محمد أحمد الحروب معروفة بأم صايل 50 عاما، من قرية دورا، متزوجة في بلدة تفوح وزوجي من عائلة طردة، وتزوجت أثناء دراستي اللغة العربية في جامعة الخليل".

وتضيف: "في بداية حياتي المهنية عملت مع "لجنة تنظيم المرأة" وهي التي صقلت شخصيتي، حيث كنت منسقة اللجنة في تفوح، وبعدها شاركت بالانتخابات التشريعية في قائمة حركة فتح عام 2005، لكن لم يحالفني الحظ، وأنا بطبعي أحب خوض المعارك الانتخابية، وأصبحت الآن عضو بلدية تفوح ومسؤولة المشاريع في البلدية، ولكن نجاحي في بلدة تفوح كان بسبب حب الناس لي".

وعن علاقتها بمفتاح، وتواصلها معها تقول أم صايل: "بدأت علاقتي مع “مفتاح” منذ العام 2005، حين قررت خوض الانتخابات التشريعية، فوجدت دعماً كبيراً من مؤسسة "مفتاح" من خلال منسقة المؤسسة في الخليل ميسون قواسمة، التي أكن لها الوفاء والتقدير، فهي إنسانة جريئة ومناضلة بالفعل، ولقد دعمتني بكل السبل الممكنة، وكانت مصرة على تقدمي وتطوري من خلال التدريبات والنشاطات التي كانت تنظمها "مفتاح".

وقد خضت انتخابات البلدية في شهر أكتوبر/تشرين أول 2012، من خلال ترشحي بقائمة الاستقلال والتنمية، حيث كان رقمي 4 في القائمة وفاز 6 مرشحين من القائمة من أصل 11، وقد تنافس على الانتخابات في حينه 3 كتل، إلا أننا كنا القائمة الأقوى، ووجدت دعما ًكبيراً من السيدات ومن كبار السن ومن الشباب، الذين كانوا على قناعة بقدرتي على مساعدتهم".

وفي إجابة على سؤال حول انعكاس علاقتها مع “مفتاح” على المستويين الاجتماعي والمهني، قالت أم صايل: "بعد هذه التجربة، اتسعت دائرة معارفي وتعاملي مع الناس، ثم أصبحت نائب رئيس الاتحاد العام لعمال فلسطين في مدينة الخليل،وبدأت بتقديم المساعدة للمحتاجين عن طريق التأمين الصحي، ولدي الآن 350 عائلة مستفيدة نقوم بتزويدها بالمواد الغذائية شهريا من خلال اتصالي مع المؤسسات الداعمة، ونحرص على تغيير المستفيدين كل 3 سنوات لتعم الفائدة على الجميع، وهذا العمل ثابت منذ عام 2001.

وبصفتي أيضا رئيسة لجنة تنظيم المرأة في تفوح بدأت بعقد ورش عمل ودورات للسيدات، وتنظيم العديد من النشاطات كالرحلات الترفيهية للسيدات، وكنت أجمع التبرعات وأقدمها للمشاركات في الرحلة، لمساعدتهن وإسعادهن.

وأنا الآن بصدد العمل على تقديم المساعدة لحوالي 500 سيدة محتاجة في رمضان، حيث سأقوم بتوزيع ألبسة ومستلزمات منزلية عليهن، وهذه التبرعات يقدمها أشهر تجار مدينة الخليل، الذين يلجؤون إلي، من أجل توزيع المساعدات التي يقدمونها، لكونهم يأتمنونني ويثقون في قدرتي على إيصال المساعدات لمن يستحقها، استناداً لسمعتي ونشاطاتي واتصالي المباشر مع الناس، حيث يقومون بتزويدي بالتبرعات العينية لأقوم بدوري بتوزيعها على العائلات المحتاجة، كل هذه النشاطات دفعت الناس لتشجيعي ومطالبتي بالترشح لانتخابات البلدية".

وعن محاولات الإقصاء والتهميش من المحيطين سواء في البلدية أو في أماكن أخرى، تؤكد قائلة: "كان هناك معارضين ولكني صممت على خوض الانتخابات، ونجحت في بلدة تفوح والآن موجودة في البلدية وأتصدر أي عمل في البلدة، ولدي الآن وكالة لكفالة 12 يتيم، وأقوم بتغطية منح دراسية لـ 40 شاباً جامعياً، وكل ذلك من المتبرعين وأهل الخير.

وهناك أناس وضعوا أمامي الكثير من المعيقات، فالبعض كان يقول: "هذا ليس عملك وليس من صلاحياتك"، ولكني لم أكن أتجاوب مع كل ذلك، وكل الشكر لرئيس البلدية محمود عبد الله رزيقات الذي دعمني بشكل كبير وأولاني الثقة".

وتتابع: "للأسف لقد طُعنت كثيراً من قبل المجتمع، وقد حُوربت من جميع النواحي، وحتى في قرية تفوح تمت محاربتي بشكل كبير، فقد واجهت العقلية الذكورية حيث كانت النظرة للأنثى مقتصرة على قيامها بالواجبات المنزلية، واتهموني بمحاولة إفساد بنات بلدة تفوح كوني من بلدة أخرى، لمجرد قيامي بورشة عمل عن الزواج المبكر مثلا أو عن حق المرأة في الإرث، فاتهموني بإفساد بناتهم وزوجاتهم وتحريضهن عليهم".

لكن أم صايل لم تستسلم أمام أي محاولات للإحباط، أو مشاعر اليأس طوال السنين الماضية، تقول: "لقد واجهت الكثير من الإحباطات والإهانات، لكن إرادتي القوية وإيماني، إضافة إلى حبي الدائم للاستطلاع والتعلم ومعرفة المزيد، كانوا سببا ًلمواصلتي، وفرحة الناس الذين أساعدهم كانت تكفيني، وكل الكلام السلبي الذي كنت أسمعه كنت أرميه وراء ظهري، وهذا ما أقنع الناس في شخصيتي أكثر، والآن أصبحت عنواناً لمعظم أهل البلدة الذين يلجؤون إلي للمساعدة، في البداية كان أولادي منزعجين من كل المضايقات تجاهي، ولكنني كنت أقول لهم بأني على الطريق الصحيح وبأن الناس سيزداد وعيها".

وتوضح أم صايل أن هناك مجموعة من السيدات في البلدة يقمن بمساعدتها، بالتنسيق لإشراك أكبر عدد من النساء في النشاطات، ولكن تبقى هي المسؤول الأول لتنسيق معظم النشاطات والإشراف عليها.

أما عن التنسيق بين كل هذه الأعمال المجتمعية وبين المسؤوليات العائلية، فتشير "أم صايل": "بالنسبة للبلدية فلا يلزمني التواجد يوميا في المقر لأنني عضو ولست رئيساً، ولكن أشارك في الاجتماع الأسبوعي الذي يعقد، وأتواصل باستمرار مع باقي الأعضاء، ولكن التفرغ الكامل لعملي هو مع لجنة تنظيم المرأة، وأقوم بكل ذلك كعمل تطوعي ودون عائد مادي، كما أنني أقوم بأغلب واجباتي المنزلية أثناء الليل، ولكن الميزة الأهم أنني أحب عملي وأحب أن أعطي الآخرين".

وتؤكد فاطمة الحروب على أن دعمها الأكبر كان من قبل عائلتها وبالأخص زوجها، الذي ساعدها بشكل كبير جدا، وكان لديه وعي منذ البداية بدور المرأة وأهميته، وهو نفسه من قال لها "سأوصلك للتشريعي".

وحول التغيير في بلدة تفوح على مستوى العقلية والممارسة، تؤكد أم صايل: "أهل البلدة يتقبلوني الآن بكل أريحية، بل حتى الرجال يشجعون زوجاتهم لحضور أي نشاط أقوم بتنظيمه، وأرى بأني غيرت عقلية سكان البلدة بشكل كبير، ففي بداية زواجي لم يكن هناك تعليم جامعي للإناث مطلقا في بلدة تفوح، لكن وبعد ورشات العمل والدورات وما كنت أقوم به، أصبحت تفوح أكثر بلدة في الخليل يوجد فيها تعليم جامعي للبنات، وأصبح هناك وعي وتقبل لدخول المرأة الانتخابات وحضورها للدورات وورش العمل، إلا أن عملية التغير هذه احتاجت حوالي 5 أو 6 سنوات".

وفي تقييمها ل"مفتاح" في عملها على تقوية ودعم المرأة، قالت أم صايل: "كل الاحترام لمؤسسة “مفتاح”، فما يميزها قدرتها على صقل شخصية المرأة، فعلى المستوى الشخصي، وقبل تعرفي على مفتاح كنت أتخاطب باندفاع وتعصب ولا أتقبل أي اختلاف، ولكن بعد التدريبات وورش العمل التي نظمتها أصبح لدي قدرة على الاستماع وتقبل الآخرين، كما يميز “مفتاح” صدقها ودعمها الحقيقي والمتواصل".

وفي كلمة وجهتها ل“مفتاح”، أوصت بتكثيف ورش العمل للسيدات وخصوصا النساء اللواتي يرغبن في خوض معارك الانتخابات، "مؤسسة “مفتاح” تدعم المرأة بجميع الأشكال، المرأة في مجتمعنا ضعيفة جدا، وهي بحاجة لدعم النساء والرجال معاً". في الختام عبرت أم صايل عن أمنيتها بخوض الانتخابات التشريعية والفوز فيها، لتحسين وضعها الاقتصادي أولا، ومساعدة الناس أكثر والقدرة على حل مشاكلهم، بحيث تمتلك الصلاحيات للمساعدة.

http://www.miftah.org