الدكتور عزمي الشعيبي، مستشار مجلس إدارة ائتلاف أمان لمكافحة الفساد:
الاصطفاف الجديد في المنطقة كان سببا في التفاهمات الأخيرة بين حركتي فتح وحماس

بقلم: مفتاح
2017/10/4

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=15208

  • الاصطفاف الجديد في المنطقة كان سببا في التفاهمات الأخيرة بين حركتي فتح وحماس
  • من مصلحة الحركتين التوصل إلى اتفاق مسبق ليس فقط على إجراء الانتخابات، وإنما على نتائجها
  • سيكون هناك اتفاق يجري بموجبه صيغة توافقية للمجلس التشريعي القادم
  • التوافق على سلاح المقاومة وتوحيد المؤسسات الأمنية أمر سيشرف المصريون على تنفيذه، ولكن في مرحلة متأخرة
  • الفلسطينيون سيكونون طرفا في المؤتمر الإقليمي الدولي المقترح لمحاربة الإرهاب والنفوذ الايراني لكن ليس لهم حق "الفيتو" فيه
  • إيران ونتائج تصفية "الإرهاب" هما الأولوية الجدية لإسرائيل في الترتيب الإقليمي الجاري
  • إذا لم يجر تغيير جذري في داخل الحكومة الإسرائيلية لا يمكن توقع حلول يقبل بها الفلسطينيون

    مقدمة

    قال د. عزمي الشعيبي، مستشار مجلس الإدارة لائتلاف أمان، أن الاصطفاف الجديد في المنطقة والمتغيرات الأخيرة في التحالفات الإقليمية، كانت سببا في التفاهمات الأخيرة التي تمت بتكليف عربي ودولي لمصر لإنهاء الانقسام، مؤكدا أن المطلوب من قيادتي الحركتين الاتفاق على صيغة ما للتمثيل داخل المنظمة، وأن من مصلحتهما التوصل إلى اتفاق مسبق ليس فقط على إجراء الانتخابات العامة والرئاسية وإنما على هدفها ونتائجها.

    وفيما يتعلق بالمؤتمر الإقليمي الدولي المقترح، والذي سيشارك فيه الفلسطينيون قال الشعيبي، إن الفلسطينيين سيكونون طرفا في هذا المؤتمر كجزء من أطراف عربية، لكنهم غير مؤثرين فيه، ولا يملكون حق "الفيتو" على قراراته، موضحا أنه إذا لم يجر تغيير جذري في داخل الحكومة الإسرائيلية، لا يمكن الحديث عن حلول يقبل بها الفلسطينيون.

    وردت أقوال الشعيبي هذه، في حوار خاص لزاوية "في ضيافة مفتاح"، ما يلي نصه:

    *** ما قراءتك للمتغيرات الأخيرة على الساحة الفلسطينية والمتعلقة بالتفاهمات بين فتح وحماس بوساطة مصرية..؟ وهل يمكن الحديث عن مسار حقيقي لتنفيذ وتطبيق هذه التفاهمات؟

    ** المؤثر الأساسي الذي ضغط على الرئيس محمود عباس "أبو مازن" كرئيس للسلطة الفلسطينية، ولمنظمة التحرير الفلسطينية ولحركة فتح، والذي أثر أيضا على حركة حماس ومكتبها السياسي وقيادتها في الضفة الغربية وقطاع غزة، هو عامل إقليمي أكثر منه عامل داخلي – حيث لم يحصل تغيير جوهري في موازين العلاقات الداخلية الذاتية الفلسطينية – إنما البيئة الإقليمية الجارية حاليا، والتي أبرز أهدافها إيجاد صيغة للاصطفاف والتحالفات وبناء أحلاف في المنطقة تستهدف الحركات الإسلامية الجهادية المتطرفة وتجفيف جذورها الفكرية والمالية، تحت يافطة مكافحة الإرهاب، والعنوان هو (تنظيم الدولة الاسلامية "داعش")، ولكن الموقف من كل حركات الإسلام السياسي في المنطقة في حالة من المراجعة من قبل الأطراف المحلية والإقليمية والدولية وبشكل خاص الإخوان المسلمين ودور الإسلام السياسي، والذي أبرز معالمه "الإخوان المسلمون" في الدول العربية والنظام السياسي ما بعد الربيع العربي، ومن المتوقع أن تشهد الحركة بشكل عام حالة من المراجعة على مستواها الدولي والاقليمي والمحلي، وهناك نصائح تركية للإخوان بإعادة تقييم فرص الإسلام السياسي العربي في المشاركة فيه. والأكثر تأثرا بذلك، هم حركة الإخوان الفلسطينية ممثلة بحركة حماس بسبب موقف النظام المصري الحالي من “الإخوان" جراء الصراع الدموي على السلطة. وكما يبدو فإن المراجعة الداخلية في حركة حماس لهذه التطورات أملت عليها ضرورة تسديد فاتورة فكرية وسياسية في هذه المرحلة واضطرارها لخفض رأسها أمام العاصفة، والتي قد تهدد وجودها كحزب إسلام سياسي وحركة مقاومة، في حين أن التنازل الممكن هو للمصريين، الذين يلعبون دورا مهما في إطار الترتيبات الإقليمية، حيث لهم مصلحة قومية في أن يكون الفلسطينيون طرفاً معهم، ومن المؤكد أن الرئيس محمود عباس بصفته رئيسا للسلطة والمنظمة جرت معه تفاهمات في قمة عمان الأخيرة بحضور الرئيس السيسي والملك عبد الله بدعم من السعودية والإمارات، اللذين طلبا منه ترتيب بيته الداخلي، كشرط حتى يكون جزءا من الترتيب القادم من خلال المصالحة الداخلية بإعادة توحيد الضفة الغربية وقطاع غزة تحت سلطته، ليكون قادرا على التكلم باسم الفلسطينيين في التحالف الجديد ما بعد إنهاء "داعش" قبل نهاية العام الحالي، في حين تعهد المصريون بترويض حركة حماس، ولهذا تبنى الرئيس "أبو مازن" سياسة متشددة وإجراءات خارج السياق وغير معهودة بشأن الواقع الإداري والخدماتي في قطاع غزة بهدف ممارسة آخر الضغوط الضغط على سلطة حماس في الوقت الذي لم يتشدد في مطالبه المسبقة لإنهاء الانقسام وقصرها على حل اللجنة الإدارية التي شكلتها حماس، وأعتقد أن المصريين نصحوه بوضع هذا الشرط فقط، وقد تعهدوا بإقناع حماس بتنفيذه، ثم الدخول بعد ذلك في مرحلة مؤقتة لتوحيد مؤسسات السلطة، وليس المصالحة بمعناها الحرفي، وإنما هي مرحلة انتقالية يتم فيها إقامة حكومة واحدة تتمتع بسلطة على الضفة الغربية وقطاع غزة، ويتحدث الرئيس باسم الكل الفلسطيني، وعند ذلك يمكن فتح تفاصيل القضايا الخلافية، ولكن برعاية ورقابة مصرية، وأعتقد أنه سيتم التوحيد سريعا في بعض المجالات مثل المعابر، إشراف السلطة على معبر رفح حيث سيقوم المصريون بفتحه، وسيضطر الرئيس أبو "مازن" إلى تحمل مسؤولية حل مشكلة الكهرباء في غزة من خلال التمويل، فيما ستضطر حماس إلى أن تسلم للرئيس عباس قيادة المؤسسات التي تشرف على قطاع الطاقة، وهي شركة التوزيع، إضافة إلى سلطة ومصلحة المياه، والبدء في توحيد عمل الوزارات وجهاز الشرطة المدنية.

    *** في أحدث تصريحات له بخصوص المصالحة، أكد موسى أبو مرزوق أن سلاح المقاومة خارج أي حوار ونقاش. في حين أبدى تحفظا على الانتخابات وما يمكن أن تفرضه نتائجها من شروط على حماس. كيف سيؤثر هذا على جهود المصالحة الجارية حاليا؟

    ** أنا أعتقد أن المصريين سيعيدون جدولة تنفيذ خطوات المصالحة، ليس بطريقة التوازي كما كان مطروحا في السابق، بل سيبدؤون بالقضايا الممكن تحقيقها، كالمعابر، والكهرباء، والموظفين، والحريات العامة، والمصالحة المجتمعية، ثم سيكون هناك اتفاق يجري بموجبه صيغة توافقية للمجلس التشريعي القادم، وهي صيغة ستكون شكلية في الانتخابات، لأن من مصلحة فتح وحماس التوصل إلى اتفاق مسبق ليس فقط على إجراء الانتخابات، وإنما على أهدافها والاتفاق على ما بعد نتائجها، وسيتم التوقف عن ممارسة مبدأ تداول السلطة وإحلال مبدأ التوافق بديلا له، واعتماد مبدأ الشراكة بالمنظمة في مجالي السلم والمقاومة. وبالتالي ستكون هناك صيغة أخرى تقول: أن هناك اتفاقا مسبقا على الحكومة التي تلي تشكيل المجلس التشريعي الجديد، حيث كانت هناك مؤشرات سابقا لخوض الانتخابات ككتلة واحدة، وأن يتم خوضها في صيغ محددة النتائج. وأنا أعتقد أن الحوار سيكون حول آلية توافقية أكثر منها آليات تنافسية. أما موضوع سلاح المقاومة، فهذا أمر سيتولاه المصريون، بما في ذلك المؤسسات الأمنية، وقد ورد هذا أصلا في الاتفاق بأن يشرف المصريون عليه، وهو في الجدول الأصلي مؤجل أكثر من القضايا الأخرى، ويمكن أن لا يبحث في هذه المرحلة، وإنما كجزء من التفاهم غير المعلن مع اسرائيل ودعم مبادرة عربية أميركية، إضافة لما يمكن أن يقوم به المصريون من دور في موضوع تبادل الأسرى، واستمرار الهدنة، وبالتالي فإن موضوع سلاح المقاومة ليس موضوع نقاش حاليا. أما (الشراكة في قرار السلم والحرب)، فهذا التعبير فكرة جديدة، لكنها تحمل في طياتها أنه ليس من حق حماس أن تقوم بأعمال ضد إسرائيل من جانب واحد ومن دون اتفاق فلسطيني فلسطيني، وفي الوقت ذاته لا يبدأ أبو مازن جهودا سياسية بدون مشاركة حماس فيها، وأعتقد أن هذه هي الفكرة التي ستكون سائدة بين الطرفين.

    *** ولكن أين تقف إسرائيل من كل هذه التطورات؟ وهل ستكون عاملا أساسيا فيها ؟

    بالنسبة لإسرائيل، فإنه في إطار الترتيب الإقليمي الجاري، يعتبر موضوع محاصرة إيران بشكل عام والحد من خطرها على إسرائيل هو الأولوية لها، إضافة إلى هدف تصفية الحركات الجهادية المتفق عليه. ومن هنا فإن لدى الإسرائيليين شروطا تتعلق بميدان المعركة ضد الحركة الإسلامية، وضد "داعش" بشكل خاص في سوريا والعراق. الإسرائيليون يراقبون، ولديهم تفاهمات مسبقة وخطوط حمراء واضحة مع الأميركيين ومتفق عليها معهم. ولديهم أيضا خطوط حمراء ما زال يتم التفاوض عليها مع الروس حول الوجود الإيراني في سوريا، ووجود حزب الله قريبا من الجولان، وامتلاك الحزب لأسلحة متطورة، وبالتأكيد فإن إسرائيل ستكون معنية بهدنة طويلة، وكسب الوقت في مفاوضات بدون نتائج مع الجانب الفلسطيني ووقف الحركة الدبلوماسية الفلسطينية بسحب الشرعية من دول اسرائيل.

    بخصوص تهدئة جبهة غزة والمقاومة، فإن المصريين سيتولون هذا الملف مع إسرائيل، لكنهم ليسوا طرفاً مؤثرا في جدول أعمال المؤتمر الدولي، إلا أن وجودهم ضروري، والجميع راغب في تجنب دورهم السلبي في حال عدم حضورهم بل هم جزء من المجموعة العربية والتي جوهر جدول أعمالها موضوع مكافحة الحركات الجهادية الاسلامية وإيران، وهنا يبرز سؤال: هل الموضوع الفلسطيني أولاً، أم الموضوع العربي الإسرائيلي؟ أيهما أولا: التطبيع..؟ أم حل الموضوع الفلسطيني..؟ برأيي سيبحثون عن طرق خلاّقة يتم من خلالها دمج الموضوعين ببعضهما البعض، وتصبح قضيتنا مرتبطة مع الحل العربي الإسرائيلي، وأنّ هناك قبولا مبدئيا بفكرة المؤتمر الدولي الإقليمي برعاية أميركية، وسيكون حوار حول الدول الإقليمية التي ستحضر، فإسرائيل ستكون موجودة بموافقة أميركا وروسيا، ولكن يظل الخلاف حول تركيا وإيران، وسيبقى جوهر التحالف العربي ممثلا بكل من مصر، الأردن، السعودية، الإمارات، فلسطين، والمغرب، ومن المؤكد أن دولا إقليمية أخرى سترغب بالحضور، إضافة لرغبة السودان.

    هذه بعض التصورات التي أعتقد، أنه تم تفاهمات عامة حولها على هامش مؤتمر القمة العربي الأخير في عمان، ولكن تنفيذها رهن ببعض الشروط المحلية، ومن أبرزها: تجفيف موارد حركات الإرهاب والاسلام السياسي بتمويل خليجي. القطريون والسعوديون والإماراتيون أطراف في تحديد الجهات المستهدفة والحوار حول الموقف من حركة الإخوان المسلمين، وحركات أخرى مرتبطة بأطراف غير عربية مثل إيران (كاليمن وسوريا ولبنان والعراق)، والمطلوب إضافة إلى تجفيف الموارد المالية قطع الحبل السرّي بين بعض دول الخليج وهذه الحركات والجذور الإسلامية القديمة والمتمثلة بالوهابية، (المدارس الإسلامية التي غذت المذاهب الفكرية للحركات الجهادية ما زال موقعها الأساس في السعودية)، وبهذين الشرطين يصبح الوضع ممهداً أمام المؤتمر، ولكن نحن نتحدث عن عدة شهور فقط، أي حتى النصف الأول من العام القادم ليعقد المؤتمر.

    *** هل يمكن الحديث عن نتائج فعلية متوخاة من هذا المؤتمر على القضية الفلسطينية؟

    ** التواجد الفلسطيني في أي محفل كان وسيبقى مطلبا هاما، سيدور النقاش داخليا وفي وسائل الإعلام والمؤسسات الرسمية للسلطة والمنظمة حول مشاركتنا، وسيحسم بالمشاركة، لأن المخاطر بإعادة ترتيب التحالفات وشطبٍ لدول، ستخوّف الفلسطينيين من الاعتراض على هذا التوجه الإقليمي، ولذلك سيتواجدون فيه، ولا خيار لهم بالغياب عنه، لكن من الممكن التنظير والتبرير العربي، بأن هذه المشاركة ستفتح للفلسطينيين المجال للوصول إلى حقوقهم، على خلاف المؤتمرات الدولية والإقليمية السابقة.

    أنا أرى، أنه إذا لم يَجرِ تغيير جذري في داخل الحكومة الإسرائيلية لا يمكن الحديث عن حلول يقبل بها الفلسطينيون. فكل ما سيعرض على الفلسطينيين إما مراحل انتقالية جديدة، أو مفاوضات مفتوحة وبناء أوهام للمستقبل، ولكن في خطابه الأخير بالأمم المتحدة، طالب الرئيس "أبو مازن" بتنفيذ مبادرة السلام العربية. وفيما يتعلق بحل قضية اللاجئين، قال، إن الفلسطينيين موافقون على حل متفق عليه لتطبيق حق العودة، في حين حدد العاصمة في القدس الشرقية، وأشار إلى استعداده لإجراء تعديلات على حدود العام 67، لكن من غير المتوقع أن يحصل الفلسطينيون على نتائج مباشرة، وهذا يتوقف في النهاية على ما سيحدث على الأرض من تغيرات في موازين القوى، خاصة بوجود حكومة يمينية فاشية متطرفة من ممثلي المستوطنين.

    *** ما هي البدائل والخيارات أمام القيادة الفلسطينية؟

    ** لا أعتقد بأن لدى القيادة الحالية خيارات أخرى. ومن هنا وحتى تنشأ قيادة جديدة للشعب الفلسطيني من الصعب، بل من المستحيل التفكير أو توقع أي توجهات دراماتيكية أخرى.

    القيادة الحالية برئاسة الرئيس "أبو مازن"، لا زالت تؤمن إيمانا مطلقا بأن الطريقة السلمية والدبلوماسية الناعمة لتحقيق إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينيية هي الوحيدة ليسلكها الفلسطينيون، وهذا ليس تكتيكا ولا مناورة، وما ذكره الرئيس في خطابه بالأمم المتحدة عن الدولة الواحدة، فقد جاء في سياق الضغط من أجل القبول بمبدأ حل الدولتين، وليس كخيار.

    *** ما هي الانعكاسات المتوقعة للتوافق الأخير بين فتح وحماس على الأوضاع الداخلية خاصة فيما يتعلق بالانتخابات، وتفعيل أطر منظمة التحرير الفلسطينية؟

    ** لا شك، بأن أحد مطالب حماس الأساسية هو الشراكة في القرار السياسي، ومشاركتها في القرار السياسي من خلال الإطار القيادي الموحد فشلت. في حين أن فكرة المشاركة من خلال البنية التحتية للقيادة ممثلة بالمجلس الوطني، لا تزال تراوح مكانها حتى الآن، كما أن المبادرة بشأن الانتخابات والتي تم الاتفاق على أسس إجرائها من خلال عقد مجلس وطني في الخارج، وإجراء انتخابات والتوافق على المناطق التي لا يمكن إجراء الانتخابات معطلة حتى الآن.

    المرحلة القادمة ستجبر فتح وحماس وجميع الأطراف على القبول بآلية عمل تعتمد على التوافق في معظم القضايا الاساسية، والتي وإن كانت موضوع تنافس أو صراع بما فيها الصراع على التمثيل أو الحكم في السلطة (المجلس التشريعي والحكومة)، لذلك يمكن تشكيل مجلس وطني بالتوافق، واستخدام نتائج الانتخابات في الضفة وغزة لأغراض المجلس الوطني، وهذه واحدة من القضايا الأساسية المطلوب حسمها من قيادتي فتح وحماس، أي الاتفاق على صيغة ما للتمثيل داخل المنظمة. وهي صيغة صعبة على فتح، لتخوفها من أن تفقد السيطرة على القرار الذي أمسكت به عملها خلال عشرات السنوات من الثورة لضمان امتلاكها النصف زائد واحد بمؤسسات للمنظمة في المقابل، فإن حماس لن تشارك إذا كانت فتح هي صاحبة القرار، ويمكن القبول بصيغة التشاور في اتخاذ القرار في الحرب والسلام بصيغة ما متفق عليها بين الحركتين على طريق المشاركة الفعلية الحقيقية.

    *** ما قراءتك للتطور الحاصل في هذه المرحلة بالعلاقات الإسرائيلية العربية خاصة مع دول الخليج..؟

    ** بعد أن جاء ترامب إلى الرياض، أعلن بأن لا مشكلة لديه في بقاء النظام الأمني العربي الملكي الجمهوري القديم، وأنه ليس متحمسا لإجراء تحولات ديمقراطية في المنطقة العربية، شريطة استعداد هذه الأنظمة لتمويل مكافحة الارهاب والمشاركة مباشرة في تجفيف مواردة المالية والفكرية، وهذا خلافا لموقف سلفه الرئيس باراك أوباما والسياسة الأميركية السابقة في المنطقة، والتي كانت تعتقد أن أحد اسباب انتشار الجهادية الاسلامية، والتي ولّدت حركات إرهابية مثل "القاعدة" و"داعش"، هو طبيعة النظام السياسي غير الديمقراطي في معظم دول الخليج ومصر والمغرب العربي، وعليه لم يكن هناك مانع لدى أوباما من تولي الإسلام السياسي المقبول ممثلا بالاخوان المسلمين الحكم عبر الانتخابات العامة، ما فتح الطريق أمام حركة الإخوان المسلمين. أما الإسرائيليون فكانوا متخوفون أساسا من زوال النظام العربي القديم خاصة في الدول التي على حدودها، وبالتالي هناك تقاطعات ومصالح بين النظام الأمني العربي القديم وإسرائيل في الموقف من هذه السياسة الاسرائيلية بالتغيير في المنطقة العربية. أما فيما يتعلق بإعادة ترتيب من هم الأعداء والأصدقاء في المنطقة، فقد تم الاتفاق حاليا على أن الحركات الجهادية بكل أشكالها يجب أن تصنف كعدو مشترك لجميع الأطراف في المنطقة. ثم تأتي بعد ذلك مرحلة من هي الأطراف المغذية لهذه الحركات، حيث يرى النظام العربي القديم في بعض دول المنطقة كإيران وقطر ممولا وداعما لهذه الحركات، وهذا ينسجم مع مصلحة الإسرائيليين.

    *** ماذا عن المتغير الأميركي الجديد في سياسة الإدارة الأميركية اتجاه القضية الفلسطينية وتراجعه عن صيغة حل الدولتين؟

    ** الموقف الأميركي كان وما زال منسقا مع الجانب الإسرائيلي. فحينما يتعلق الأمر بإسرائيل مباشرة، فإن صيغة التفاهم الأميركي الإسرائيلي تكون في القضايا التي تمثل خطا أحمر لارض ومستقبل إسرائيل، ويجب تبني موقف الإسرائيليين على أية صيغة. ولكن في القضايا الإقليمية التي هي أبعد قليلاً من حدود ومصالح إسرائيل، فالأميركيون هم أصحاب القرار، وقد رأينا ذلك في حرب الخليج في الاتفاق بين أوباما وإيران، حيث بذلت إسرائيل جهودا مضنية لمنع الاتفاق، ولكن كان رد الأميركيين، بأن هذا الموضوع مرتبط بمصالح عليا إقليمية أكثر منها إسرائيلية، الإسرائيليون اليوم بامكانهم الضغط لتبني امريكا موقفها ودفعها بشأن إيران وإلغاء الاتفاق الذي وقعه أوباما معها، وهم يرون أن الظروف مناسبة للتخلي عن مبدأ حل الدولتين، وإقناع الرئيس الأميركي بتبني المواقف الإسرائيلية بهذا الشأن، وهناك إمكانية أن يعلن الأميركيون بأنهم مع الدولة الفلسطينية المتفق معها مع إسرائيل.

    برأيي، أنه من الصعب على ترامب أن يلغي الاتفاق مع إيران، ولكن سهل عليه أن يلغي شعار حل الدولتين، وأن يعلن بأنه مع أي حل يتم التوافق عليه.

    ملاحظة: ما ورد في نص المقابلة يعبر عن وجهة النظر الشخصية لصاحبها، وليس من الضرورة أن يعبر عن وجهة نظر "مفتاح"

  • http://www.miftah.org