سامي مشعشع، الناطق الرسمي لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين 'الأونروا' ومدير الإعلام والاتصال – دولة فلسطين
بقلم: مفتاح
2018/10/9

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=15299

  • ارتفاع العجز المالي للوكالة أثر بشكل كبير على خدماتها العادية والطارئة كمّاً وكيفاً
  • الميزانية الإجمالية للأونروا تبلغ بليون و200 مليون دولار وتشمل الميزانية العادية وميزانية الطوارئ وميزانيات المشاريع
  • 100 % من ميزانية الطوارئ المرصودة لإدارة خدماتنا الطارئة بالضفة الغربية و 70% من ميزانية الطوارئ لقطاع غزة كانت تأتي من الإدارة الأميركية
  • أطلقنا حملة "الكرامة لا تقدر بثمن"، ومفادها أننا لا نقبل الضغوطات المالية وتسييس الوكالة
  • قطع المساعدات الأميركية قرار سياسي بامتياز وهو يسقط نفسه على الوكالة كمؤسسة إنسانية
  • تعريف الوكالة لمن هو لاجئ يستند إلى أسس قانونية واضحة، وهو تعريف يمنح اللاجئ صفة التوريث أيضا
  • لا تملك أية دولة حق فرض فيتو على عمل الوكالة لا في القدس ولا في الضفة الغربية أو أي موقع آخر
  • ما لم تحل قضية اللاجئين حلا عادلا كما يرتأيه أصحابها أنفسهم فلا حديث لخيارات أخرى
  • الدبلوماسيتان الفلسطينية والأردنية ناشطتان جدا في الدفاع عن الوكالة وتمثيلها وتحديد أولوياتها

    مقدمة

    حذّر سامي مشعشع، الناطق الرسمي لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" ومدير الإعلام والاتصال – دولة فلسطين من تأثيرات العجز المالي الذي تعانيه الوكالة ما سيؤثر بشكل كبير على خدماتها العادية والطارئة كمّاً وكيفاً في أقاليم عملها المختلفة خاصة في الضفة الغربية وقطاع غزة. واصفا القرار الأميركي بوقف التمويل بأنه قرار سياسي بامتياز وهو يسقط نفسه على الوكالة كمؤسسة إنسانية.

    وردت تصريحات مشعشع هذه في حوار معه خصّ به زاوية "في ضيافة مفتاح"، حيث استعرض خلاله آخر التطورات المتعلقة بهذه القضية، والتحديات التي تواجه عمل الوكالة وسبل التغلب عليها.

    وفيما يلي نص الحوار:

    ** ما أبرز التحديات التي تواجه عمل الأونروا" في أعقاب قرار الإدارة الأميركية الأخير وقف دعمها وتمويلها لعمل الأونروا؟ وهل لدى الوكالة خطة استراتيجية أو خطة بديلة للتصدي لهذا القرار؟

    *** اتخذت الولايات المتحدة الأميركية منذ العام الجاري قرارا مفاجئا للأونروا تمثل بخفض مستوى تبرعاتها من 360 مليون دولار إلى 60 مليونا فقط، وطلبت أن يتم صرف هذا المبلغ على خدماتنا في الضفة الغربية وغزة واستثناء صرف هذه الأموال في إقليم عملياتنا في سوريا ولبنان، علما بأن هذا القرار جاء بعد عدة شهور من لقاء مهم مع الإدارة الأميركية قيّم عاليا أداء وكالة الغوث ودورها كعنصر استقرار، وبالتالي كان القرار الأخير مفاجئا لنا وغريبا وأردفوه بتاريخ 30 آب أغسطس المنصرم بقرار وقف المساعدات للعام 2019. وإزاء ذلك قمنا على الفور بترحيل عجز بقيمة 149 مليون دولار من عام 2017، لأننا لم نستطع الحصول على الأموال اللازمة، وبالتالي بدأنا عام 2018 بعجز بلغ 149 مليون دولار، وكاد هذا المبلغ بحد ذاته يضرب خدماتنا العادية والطارئة في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية، وكذلك خدماتنا الطارئة في سوريا. وعليه، فإن ارتفاع العجز المالي ما بين ليلة وضحاها من 149 مليون دولار إلى 460 مليون دولار، أي ثلث الميزانية الإجمالية البالغة بليون و200 مليون دولار، والتي تشمل الميزانية العادية وميزانية الطوارئ وميزانيات المشاريع، أثر بشكل كبير على خدمات الوكالة العادية والطارئة بالكم والكيف، في حين أن 100% من ميزانية الطوارئ المرصودة لإدارة خدماتنا الطارئة بالضفة الغربية تأتي من التبرع الأميركي، و70% من ميزانية الطوارئ في غزة والتي نقدم فيها خدمات طارئة لمليون و200 ألف لاجئ هناك تأتي أيضا من الإدارة الأميركية، وهذا الفاقد الكبير أثر بشكل مباشر وأولي على خدمات الطوارئ، ولهذا بادرنا باستعارة من أموال الميزانية العادية لكي نغطي أساسيات عملنا الطاريْ، وعندما نفدت هذه الأموال أوقفنا قبل شهرين كافة خدماتنا الطارئة في الضفة الغربية، ولم يتم تجديد عقود 113 زميلا يعملون على نظام العقود المؤقتة، في حين أن نظام الخدمات الطارئة في غزة يأخذ حصة الأسد أي 90% من ميزانية الطواريْ للأراضي الفلسطينية المحتلة، وبالتالي خفضنا بعضاً من خدماتنا الطارئة وركزنا فقط على برنامج في الخدمات الطارئة وهو توزيع مواد غذائية على مليون إنسان في غزة كل 3 شهور وهو من أهم البرامج الطارئة للوكالة، كما اضطررنا إلى عدم تجديد خدمات بعض زملائنا وهم 113 زميلا في غزة، يعملون على العقود المؤقتة والجزء الآخر منهم 540 أعطيناهم عقود عمل مؤقتة، وهي أول مرة تلجأ إليها الأونروا، ما أثّر ذلك أيضا على خدماتنا العادية في الكم والكيف مثل خدمات التعليم تحديدا، حيث حددت لأغراض التخطيط التشكيلات الصفية إلى 50 زائد واحد ( مع أن المعدل أقل من ذلك) وعدد المرضى الذين يراجعهم الطبيب في اليوم ارتفعت، في حين تأثرت قدرتنا على الاستجابة لاحتياجات الفقراء من اللاجئين، وبالتالي كان التأثير متنوعا.

    ** كيف ستواجهون هذه التحديات مع استمرار العجز المالي الذي تعانيه الأونروا"؟ وما انعكاسات ذلك على الخدمات التي تقدمها الوكالة لمئات آلاف اللاجئين الفلسطينيين سواء في الداخل أو الخارج؟

    لقد تحركت الوكالة على أكثر من صعيد، وارتأينا انتهاج سياسة تمويلية جديدة وشرسة وهجومية الطابع. حيث أطلقنا حملة تحت عنوان "هاشتاج الكرامة لا تقدر بثمن"، وهي ذات هدف مفاده أننا لا نقبل الضغوطات المالية وتسييس الوكالة وهذا ما لا نقبله. هذا قرار سياسي، جاء بعد القرار الأميركي بنقل السفارة، وأُردف بوقف المساعدات للأونروا والتشكيك أيضا بولايتها، وبأعداد اللاجئين، والتعريف بمن هو اللاجئ الفلسطيني. بالتالي نحن نعتبر هذا القرار سياسي بامتياز وهو يسقط نفسه على الوكالة كمؤسسة إنسانية، ولهذا السبب كانت حملة "الكرامة لا تقدر بثمن" من الناحية غير المالية رسالة واضحة، كما أن الجانب الآخر منها كان سياسة تمويلية هجومية الطابع، حيث تحركنا للإبقاء على المتبرعين التقليديين، وهم المجموعة الأوروبية وهي أكبر متبرع الآن بعد غياب الإدارة الأميركية، ومجموعة الدول العربية، ومن ثم كندا والدول الأعضاء الأخرى، بالإضافة إلى ذلك عملنا مع جامعة الدول العربية للارتقاء بمستوى تبرعاتهم، ولأول مرة بتاريخ الوكالة تعطي كل من السعودية، الإمارات وقطر تبرعا بقيمة 50 مليون دولار لكل واحدة من هذه الدول، بالإضافة لتبرع من دولة الكويت بقيمة 42 مليون دولار وهي غير محددة لطريقة صرفها، أي أنها لا تذهب فقط لبرنامج الطواريْ، ولكنها تذهب إلى عملياتنا التشغيلية. كما بدأ العمل على التبرعات من خلال نظام الصدقات (الزكاة) مع عدد من الدول الإسلامية مثل: أندونيسيا وماليزيا وتركيا. كما عملنا بجد مع دول البريكس، ومع الدول التي كانت تتبرع بمبالغ قليلة لكنها ارتقت بتبرعاتها. فمثلا تركيا ضاعفت أربع مرات تبرعاتها للوكالة، ودول مثل الهند والتي تبرعت بخمسة ملايين دولار بدلا من مليوني دولار. بالإضافة للتوجه إلى الصناديق الدولية، حيث تحدثنا مع صندوق التنمية الاسلامي برعاية من التعاون الإسلامي بوقفية خاصة للأونروا من منظمة التعاون الإسلامي. في حين تجري الوكالة حواراً منذ فترة طويلة مع البنك الدولي لتأسيس صندوق خاص لدعم ميزانية التربية والتعليم التي تستنفد ثلثي ميزانيتنا، بالإضافة إلى أننا عملنا لأول مرة مع القطاع الخاص حتى وصلنا إلى التبرعات الفردية، وبالتالي كانت هناك محاولة لخلق بديل للفاقد الأميركي، كما بدأنا الخوض للحصول على أموال أكثر للميزانية المرصودة لنا من ميزانية الأمم المتحدة، حيث أن 4% من ميزانية الأونروا تأتي من هذا المصدر. وكدلالة على نجاح هذا الجهد تمكنّا من حفض مستوى العجز من 446 مليون دولار الى 64 مليون دولار.

    ** هل للقرار الأميركي الأخير تأثير على الدور والمهام التي أنشئت من أجلها الأونروا، في الوقت الذي تتصاعد فيها الدعوات الأميركية والإسرائيلية لتفكيكها؟ وهل هنالك أية التزامات قانونية تحمي الوكالة خاصة فيما يتعلق بإلزام الدول الأعضاء بمجلس الأمن لتمويلها وفق القرار 194؟

    أولا، لا تملك أية جهة ولا أية دولة قرارا بأن على الوكالة أن تذهب إلى البيت. هم يستطيعون أن يدلوا بدلوهم في هذا الموضوع، ولكن مرجعية الوكالة هي الجمعية العمومية للأمم المتحدة، علما بأن 167 دولة صوتت لصالح تجديد عمل وكالة الغوث الدولية. وهنا لا بد من القول بأن تعريف لوكالة لمن هو لاجئ تعريف يستند إلى أسس قانونية واضحة. وعندما تجدد ولاية الوكالة، فإن هذه الدول لا تجدد عمل هذه الوكالة فقط بدعم دبلوماسي ومالي، ولكن أيضا عبر هذا التجديد إنما تعرف ضمنا من هو لاجيء فلسطيني، وهو تعريف يمنح اللاجئ صفة التوريث أيضا، وهي صفة لا تتميز بها الأونروا فقط، ولكنها أيضا صفة تميز عمل المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، كما هو الحال للاجئين الأفغان وغيرهم. أيضا لا تملك أية دولة صلاحية التشكيك بأرقام اللاجئين الفلسطينيين، لأن هذه الأرقام توضع بين أيدي الدول التي تلتئم فيها الجمعية العمومية لمناقشة ملف الأونروا، وعلى ضوء ذلك تتحدد الميزانيات. فحين تتقدم المجموعة الأوروبية وتعطيك مبلغاً فإنها تقرر ذلك بناء على أعداد اللاجئين الذين ينضوون تحت رايتك، وبالتالي المبالغ المرصودة تعكس الأرقام، وعليه لا يوجد هناك دولة تمتلك حق تقرير وتعريف من هو اللاجئ، في الوقت الذي نعتبر القرار الأميركي بهذا الخصوص قرارا سياسيا بامتياز، ولا يجوز تسييس مؤسسات إنسانية.

    أما النسبة لتصريحات نير بركات رئيس البلدية الإسرائيلي للقدس، فتاريخيا كان هناك لوبيّات وأشخاص وباحثون وأموال ترصد في محاولة للتشكيك بدور الوكالة وبحياديتها ونزاهتها ونزاهة موظفيها واتهامها بأنها فاسدة وتعزز الاتكالية وتصرف الأموال بغير وجه حق، ولكن تاريخيا هذه الأصوات وهذه اللوبيّات كانت على الهامش ولم تؤثر، ولكن للأسف يبدو أنها أصبحت الآن قوية لدرجة أنها بدأت تؤثر على صنّاع القرار في بعض الدول، وهذا كان نتاج قرار الإدارة الأميركية الحالية، على عكس الدول الأخرى التي تدرك مدى دور الوكالة من ناحية الحيادية والإصلاحات والنزاهة والكفاءة، وبالتالي المطالبات الأخيرة بتجفيف موارد الوكالة فشلت. أما الفشل الآخر هو هذا الادعاء من قبل نير بركات وقوله بأنه سينهي عمل الوكالة بالقدس، علما بأن القدس حسب القانون الدولي، وحسب كل معطيات كل القوانين الناظمة وقرارات الأمم المتحدة هي مدينة محتلة، ووجود الوكالة ومقر الرئاسة فيها يعكس هذا الواقع.

    وإزاء ذلك، تعرب الأونروا عن قلقها إزاء التصريحات الأخيرة التي أطلقها رئيس بلدية القدس بشأن عملياتها ومنشآتها في القدس الشرقية، حيث تدير الأونروا العمليات الإنسانية في توافق مع ميثاق الأمم المتحدة، والاتفاقات الثنائية والمتعددة الأطراف التي لا تزال سارية، وقرارات الجمعية العامة ذات العلاقة.

    إن الوكالة مكلفة تحديداً من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة بتقديم الحماية والمساعدة للاجئين الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، إلى حين التوصل إلى حل للنزاع بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

    في حين، سعت الأونروا باستمرار للحفاظ على عملياتها في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، منذ العام 1967 في تعاون وعلى أساس اتفاق رسمي لا يزال ساري المفعول مع دولة إسرائيل. ويسود إقرار بالعمل المهم الذي تقوم به الوكالة في مجال التعليم والرعاية الصحية والإغاثة والخدمات الاجتماعية في القدس الشرقية. وهي مصممة على مواصلة تقديم هذه الخدمات.

    إن مثل هذه التصريحات تتعارض مع المبادئ المحورية للعمل الإنساني النزيه والمستقل ولا تعكس الحوار والتفاعل النشط والمنظم الذي تحافظ عليه كل من الأونروا ودولة إسرائيل تقليدياً.

    نحن بالطبع قلقون من هذا الموضوع، لأن المقرّ الرئيس لخدماتنا يقع في الشيخ جراح، بالإضافة إلى ذلك لدينا خدمات أساسية حيث يوجد 110 آلاف لاجئ مسجل في القدس وضواحيها، ولدينا عشرة مدارس فيها، كما لدينا مستوصف صحي كبير داخل البلدة القديمة بما في ذلك عيادات وخدمات أخرى، وبالتالي نحن قلقون من هذا الموضوع وندرك في المقابل أن هذه الدعوة لن تلقى آذانا صاغية من المجتمع الدولي، لأنه يدرك أن وجود الوكالة في القدس الشرقية هو امتداد لواقع قانوني وسياسي مفاده أنها مدينة محتلة.

    ** قانونيا، هل بإمكان الحكومة الإسرائيلية وقف عمل الوكالة في القدس وإغلاق مقراتها فيها؟

    *** هي قد تعرقل عملياتنا كعاملين في التحرك من وإلى القدس. والعديد من زملائنا الذين يعملون في مقر الرئاسة ومخيم شعفاط، وتواجدنا في مناطق أخرى هم من حملة هوية الضفة الغربية، ونحصل على أذونات دخول لهم من السلطات الإسرائيلية. وبالتالي نحن نواجه دائما عرقلات وعدم تجديد عقود، وسيارات الوكالة تخضع أحيانا للتفتيش والتأخير، ونحن نحاول دائما أن نوضح الصورة بأننا مؤسسة إنسانية، وأننا نقوم بعمل مهم حتى بشهادات بعض الساسة الإسرائيليين، لأن للوكالة دور تقوم به في غياب توافق سياسي، ولكن لا تملك أية دولة حق فرض فيتو على عملها لا في القدس ولا في الضفة الغربية أو أي موقع آخر، وهناك مرة أخرى قوانين لازمة في هذا المجال. ولكن ما نخشاه هو تصاعد الأصوات المنادية بتجفيف موارد الوكالة أو نقل صلاحياتها إلى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، أو التشكيك بأعداد اللاجئين، بالإضافة إلى الفاقد المالي الكبير للوكالة والأزمة المالية ، ما قد يؤدي إلى تصعيد في عرقلة عمل الوكالة.

    ** بعض التقارير تحدثت عن خطة أميركية لتوطين اللاجئين الفلسطينيين في الدول العربية. هل ُبلّغتم بشيء من هذا القبيل؟ وكيف ستتعاملون معه؟

    *** الوكالة كمؤسسة إنسانية تتطرق للقضايا السياسية المباشرة، ولكن إن نظرت إلى تصريحات المسؤولين في الدول المضيفة للاجئين الفلسطينيين سواء أكانت الحكومات السورية أو اللبنانية أو الأردنية فلها موقف واضح وصريح لا لبس فيه ، بأن اللاجئ الفلسطيني ما لم تحل قضيته السياسية حلا عادلا كما يرتأيه أصحاب القضية أنفسهم، فلا حديث لخيارات أخرى، ولا تثبيت لإقامتهم في مناطق تواجدهم المؤقتة. هذه القضية بالنسبة للدول المضيفة قضية واضحة ومنتهية ولا نقاش حولها، وهم دائما يعبرون عن هذه المواقف بقوة وحزم، وقد ظهر ذلك واضحا مؤخرا في الاجتماع الأخير للجمعية العمومية للأمم المتحدة.

    ** ماذا عن دعم الدول الأخرى للأونروا وربطه بالإرادة السياسية للمجتمع الدولي لإيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية؟

    *** كان هناك قلق من البعض بأن القرار الأميركي قد يخلق حالة من الإرباك فيما يتعلق بعمل الوكالة، علما بأن هناك أيضا تنافس مع أزمات عالمية أخرى تتنافس فيما بينها على مخصصات محددة من الدول المتبرعة، وقد استطعنا تخفيض العجز السابق من 446 مليون دولار إلى 64 مليونا دولار، وهذا الأمر يحسب للدول التي تبرعت لأنها بهذا التبرع بعثت برسالة سياسية واضحة الفحوى بأنها تدعم الوكالة، وإن كان البعض يشكك بالوكالة، فنحن مع الأونروا ونقف معها وندعمها ماليا، وبالتالي المجموعة الأوروبية والدول الأعضاء فيها، وكذلك الدول الاسكندنافية واليابان وكندا وغيرها من الدول تقدمت ودفعت مخصصاتها السنوية مرة واحدة في بداية العام، وزادت الكثير من هذه الدول من تبرعاتها، وأعطت تبرعات إضافية فوق ما حددته للوكالة لهذا العام، وكانت مفاتيح أساسية لنا كي تدخل دول جديدة لم تكن تتبرع للوكالة بشيء. وعليه فإن المحاور التمويلية الأخرى ظلت نشطة، بينما الآفاق الجديدة التي فتحناها واعدة، وعلى ما أعتقد، فإن العام القادم 2019، وما بذلناه من جهود سيشهد تطورات مهمة وستؤتي هذه الجهود ثمارها.

    ** يعتقد البعض استاذ مشعشع أن تفكيك الوكالة من الممكن استخدامه للمطالبة في تفعيل دور مكتب المفوض السامي للاجئين في رجوع اللاجئين لوطنهم وفق المرجعيات الدولية؟

    *** المفوضية العليا لشؤون اللاجئين تعنى بلاجئيي العالم. بينما تعنى الأونروا بشؤون اللاجئين الفلسطينيين. وهناك تنسيق ما بين المؤسستين. وبصراحة لا توجد فوارق كبيرة بين المؤسستين من ناحية المنطلقات القانونية، حتى التوريث للاجئ تتشارك فيه هاتان المنظمتان. واللاجئ الفلسطيني الذي لا يتواجد ضمن مناطق عملياتنا الخمس إن تواجد في مناطق أخرى واحتاج إلى حماية من المجتمع الدولي يستطيع أن يتفاعل في قضيته مع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، وهناك تعاون مشترك ولقاءات مستمرة حول هذا الموضوع، أما الاسطوانة التي يستخدمها البعض ومفادها بأن الوكالة يجب أن تفكك وينقل ملفها إلى المفوضية العليا للاجئين، فإن هذا الأمر لا يغير شيئا من ناحية المطالب السياسية للاجئين الفلسطينيين، ولا يضعف موقفهم السياسي، ولكن قد يضعف الخدمات الإنسانية المتوفرة لهم، لأن المفوضية العليا تعنى بشؤون كل اللاجئين في العالم وميزانيتها محددة الآفاق.

    ** ماذا عن دور السلطة الوطنية الفلسطينية في دعم الأونروا، وما تبذله من جهود لتمكين عملها وديمومة دورها؟

    *** الدبلوماسية الفلسطينية وكذلك الأردنية ناشطتان جدا في الدفاع عن الوكالة وتمثيلها وتحديد أولوياتها، وأيضا مناصرتها لها. والعمل السياسي الدؤوب للحكومة الأردنية هو الذي أدى إلى عقد مؤتمر روما في شهر آذار من العام الجاري، حيث استطعنا أن نخفض العجز المالي. وهما ناشطتان جدا، وتحديدا الدبلوماسية الفلسطينية في الأمم المتحدة وتؤثر في قراراتها وهي تناصر الوكالة وتعمل بالتنسيق معنا لحث الدول على التبرع وحشد موارد إضافية، ونحن نعتقد بأنه كان لها دور كبير في معالجة الأزمة المالية التي عايشناها.

  • http://www.miftah.org