استطلاع الواقع المالي والموازنة والتبعيات الاقتصادية وأزمة المجتمع المدني في ظل أزمة كورونا
بقلم: مفتاح
2020/4/16

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=15418

الخبير الاقتصادي مؤيد عفانة، في حوار ل"ضيافة مفتاح"، وانعكاسات جائحة كورونا وآثارها اقتصادياً:

** ماذا يعني العمل بموازنة طوارئ كما أعلن مؤخراً؟ وكيف ستنعكس على كافة القطاعات الاقتصادية؟

موازنة الطوارئ التي أقرت من قبل السيد الرئيس، هي عملياً موازنة العام 2020، مع الأخذ بعين الاعتبار الحالة الطارئة بفعل جائحة الكرونا، وهي موازنة بها فجوة تمويلية كبيرة قدرت بحوالي 5 مليار شيكل، بسبب توقع تراجع الإيرادات العامة بشكل كبير، إضافة الى تراجع الدعم الخارجي. وهي قطعا ستنعكس على القطاعات الاقتصادية كون الإيرادات المتوقعة الواردة فيها اقل بكثير من النفقات المتوقعة، وبالتالي وجود عجز مالي سينعكس على قدرة السلطة الفلسطينية الوفاء بالتزامتها.

** وهل الظروف الحالية تستدعي العمل بمثل هذه الموازنة؟

مما لا شك فيه أن الوضع الحالي هو طارئ، ولكن يمكن العمل بقانون الموازنة العامة بشكلها العام، مع اعتبار حالة الطوارئ بالحسبان إنفاذاً للمادة رقم 37 من قانون الموازنة العامة.

** ما مدى تأثيرها على القطاع الخاص؟ وفي أي اتجاه يمكن استثمار المعونات الدولية في هذا الظرف؟

مما لا شك فيه أنّ الحالة الطارئة ووجود ضرورة لتوفير موازنة للقضايا الصحية. وأيضاً انخفاض الإيرادات سيلقي بظلاله على أولويات عمل الحكومة، وهذا ما أعلنه رئيس الوزراء، بأن الأولويات ستكون للقطاع الصحي، ودعم الفقراء، ورواتب الموظفين، مما سيؤثر على القطاع الخاص. ويجب استثمار المعونات الخارجة لدعم تلك الأولويات، خاصة مع تباطؤ دورة الاقتصاد، والانخفاض الحاد على الإيرادات.

** ما هي الآثار الاقتصادية المباشرة لجائحة كورونا؟ وهل يمكن تلمس نتائجها في المرحلة القريبة؟

-الآثار الاقتصادية كبيرة، وإنّ أثرها المباشر لغاية الآن غير ملموس بما فيه الكفاية، ويشمل الأثر الدورة الاقتصادية بشكل عام، ومن المتوقع دخول الاقتصاد العالمي في حالة ركود شديد، وأن الانكماش الاقتصادي سيكوم سمة المرحلة القادمة.

** كيف سيتأثر اقتصادنا بسب هذه الأزم وأي القطاعات الأكثر تأثراً؟.

اقتصادنا الفلسطيني جزء من المنظومة الاقتصادية الفلسطينية، كما أنه هش، ولا يحمل مقومات عميقة بسبب وجود الاحتلال، لذا سيتأثر بسبب أزمة كورونا، ومن المبكر الحديث عن القطاعات الأكثر تأثرا من الازمة، بسبب استمرار التداعيات، وعدم إمكانية توقع التطورات المتعلقة بالمرض، ولكن مبدئيا قطاعات "السياحة، التجارة، الاعمال الصغيرة" من أكثر القطاعات تأثرا. في حين أن الفئات الفقيرة والمهمشة هي الأكثر تأثراً، كون جزء كبير منها فقد مصدر رزقه دون وجود بدائل مثل: عمال المياومات، العمال والعاملات في المرافق السياحية والتجارية، والقطاع الخاص، العمال والعاملات في مجال بيع التجزئة والبسطات والأسواق الشعبية، العمال داخل الخط الأخضر حال تم الاغلاق الكامل، الاعمال الصغيرة مثل: رياض الأطفال الخاصة، الحضانات، مراكز التدريب والتعليم.

** ما هو دور الدولة في حماية هذه الفئات؟ أم أنّ حالتنا الفلسطينية تستدعي تدخلاً من نوع آخر؟

تدخلات الدولة في فلسطين تتم من خلال وزارة التنمية الاجتماعية، والاحتياجات المطلوبة للأسر الفقيرة والمهمشة بالأصل اكبر من الموارد او الموازنات المتاحة "من قبل ازمة كورونا"، خاصة مع نسبة الفقر المرتفعة، والتي بلغت 31%، وترتفع في قطاع غزة لتصل الى 53% تبعا لبيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، وبالتالي مطلوب تدخلات إضافية من قبل الدولة، ويجب الزام القطاع الخاص وخاصة الشركات الأقل تضرراً على مزيد من المساهمات الاجتماعية، ويجب أن تعمل الدولة على توفير الحد الأدنى للمتطلبات للأسر، وأن لا تكتفي بقاعدة البيانات للأسر الفقيرة فيما قبل أزمة الكورونا، وأن تشمل تلك التدخلات كافة الأسر التي فقدت مصادر دخلها.

* ما هي التقديرات المتوقعة للضرائب المحلية؟ وكيف ستؤثر على دور السلطة في توفير تكاليفها لإدارة الأزمة؟

التقديرات تشير إلى انخفاض حاد في الضرائب المحلية تبعاً لتوقف الحياة، وشلل المرافق العامة والخاصة، الأمر الذي سينعكس بشكل حاد على توفر الموارد المالية للخزينة العامة في فلسطين، وبالتالي توجد ضرورة لإقرار خطة عمل لإدارة المال العام، تأخذ هذه المتغيرات بالاعتبار.

* * ما هي التقديرات الخاصة بأموال المقاصة في ظل الأزمة الحالية؟.

أموال المقاصة ستتأثر أيضا بانكماش الدورة الاقتصادية، وفي ذات الوقت إسرائيل ما زالت تقتطع من تلك الأموال، وتقديري سيزداد الاقتطاع من تلك الأموال في المرحلة القادمة، فعلى سبيل المثال: العديد من الهيئات المحلية أو شركات الكهرباء ستواجه صعوبات في دفع بدل أثمان الكهرباء لشركة الكهرباء القطرية الإسرائيلية، الأمر الذي ستواجهه إسرائيل بخصم تلك الأموال بشكل مباشر من أموال المقاصة.

** هل ستتاثر قدرة السلطة على توفير الرواتب لموظفيها؟

في المرحلة الحالية لا أتوقع، ولكن ان طال مدى ازمة كورونا، نعم متوقع ذلك.

** ما هي البرامج الاكثر تأثرا في الوزارات الحكومية؟

البرامج التطويرية.

* ما هو الوضع الذي ينتظره القطاع الخاص؟

بشكل عام سيتضرر القطاع الخاص من ازمة كورونا، ولكن هذا الضرر متفاوت تبعا لمجال عمل القطاع الخاص، فمثلا القطاع السياحي (فنادق، مطاعم، متنزهات، ...) سيكون الأثر كبير جدا عليه، وفي قطاعات سيكون الأثر اقل بكثير.

** كيف تقيّم قدرة الدول المانحة على الاستمرار في دعم السلطة الوطنية في ظل الظروف الحالية؟

بشكل عام هناك تراجع كبير في التمويل الخارجي ودعم السلطة في ظل أزمة الكورونا، ومع ذلك توجد دول ستبقي على التزاماتها مثل الاتحاد الأوروبي او السعودية، ولكن من المتوقع توقف بعض أنواع التمويل خاصة التطويري في ظل الازمة ان كان لتأثر الدول المانحة او الصعوبات اللوجستية للتنفيذ.

** هل هناك تغيرات حقيقية على مستوى الاقتصادات الكبرى؟.

- نعم، وإن كنا ما زلنا في مرحلة انتقالية، يصعب التنبؤ بالمسارات المتوقعة للاقتصاديات الكبرى.

** ما هي القطاعات التي من الممكن أن تنجو من ازمة كرونا؟

- عموما الدورة الاقتصادية ككل ستتأثر، ولكن توجد مجالات سيتم الاهتمام بها اكثر مثل: القطاعات الصحية، قطاع التكنولوجيا والتعليم عن بعد.

** ماهي التوجهات الاقتصادية لما بعد كرونا؟.

- من المبكر توقع ذلك، ولكن ستكون هناك توجهات جديدة.

** في حال طالت الأزمة،هل من المتوقع حدوث تغير للتوازنات الدولية الحالية؟

نعم، ولكن الامر مرتبط بأمد الأزمة وتكلفتها المادية والبشري الكورونا.. وأزمة المجتع المدني

رفعت الصبّاح، رئيس الائتلاف التربوي الفلسطيني: خارج نظام الطوارئ – أوجه القصور

تحت هذا العنوان "خارج نظام الطوارئ – أوجه القصور"، استهل رفعت الصباح في حديثه لزاوية في "ضيافة مفتاح"، طارحاً عدداً من الأسئلة، فقال: "على أي أرضية نقف؟ وهل كنا فعلا جاهزين للأزمات الطارئة؟ ولطالما تحدثنا عن خطط طوارئ، لكن هل كان لدينا فعلا هذا النوع من الخطط؟

تحليل المعطيات

عن ذلك، يتابع حديثه، فيقول:" أسئلة تتطلب منا تشريح الأمور وتحليل المعطيات، لتحديد إن كنا، كمؤسسات مجتمع مدني، نقف على أرضية صلبة أم على أرضية هشّة، فقد جاءت الأزمة الراهنة " أزمة كورونا" لتجبرنا على التأمل في واقع الحال، لتتكشف لنا حقائق قد لا تكون صادمة لكنها واقعية.

لقد انشغلنا في تطوير الخطط الإستراتيجية بعيدة المدى، وانشغلنا عن تطوير سيناريوهات لأي خطر داهم، وسرعان ما جاءت أزمة الوباء لتحيلنا إلى أنفسنا.

إذن، هو التقييم الذاتي الذي لم نوله ما يستحق من اهتمام، وهو المحاكمة الجادة لمجمل ما يرتبط بنا كمؤسسات مجتمع مدني سواء كل مؤسسة على حدة، أو المؤسسات بالمجمل".

مكامن الخلل

ثم يتحدث عن مكامن الخلل، فيقول: "لا ننكر أن الأزمة مفاجئة، لكن هذا لا يعفينا من المسؤولية، فالحدث المفاجئ يتطلب أن تقابله سرعة استجابة، ومن هنا تأتي هذه المحاولة لرصد مكامن الخلل التي تسببت في وجود ثغرات يتطلب بعضها معالجة جزئية، في حين يفرض البعض الآخر علينا مراجعة بنية تفكيرنا ومنهجيات عملنا، وحتى الروح التي تحكمنا، ومن هنا فإن أبرز ما يرتبط بتشخيص الحال بالأزمة الراهنة، وبمؤسسات المجتمع المدني يشمل النقاط الآتية:

أولاً. رغم أننا اعتدنا العيش في أزمات وحالات طارئة إلا أن أشد المتشائمين لم يكن يتوقع أن نشهد أزمة بهذا الحجم من حيث الامتداد الزمني والجغرافي، صحيح أننا عشنا الحجر التعسفي منذ زمن، وأكثر من مرة، لكنها المرة الأولى التي نعيش فيها حجراً طوعياً.

ثانياً. مخطئ من يصور الأمر بأننا كنا مستعدين، فنحن في واقع الحال لم نكن مجهزين لمثل هذا النوع من الأزمات حيث الجميع تحت الحجر، فحتى في خضم الاجتياحات التي قام بها الاحتلال لم تتوقف حركتنا، وكنا قادرين دوماً على تجاوز المحن سواء في الانتفاضة الأولى عندما أغلقت المدارس، أو في الثانية عندما أغلقت المدن والقرى بالحواجز، وحتى خلال الاجتياحات عندما منعنا من الخروج من البيوت بقي هناك متسع للحراك.

ثالثاً. يتسيّد الغموض الموقف هذه المرة، فنحن نعيش مرحلة لا نعرف إلى أين يصل تدحرج الأمور فيها، لسببين أولهما أن ما يرتبط بطبيعة الأزمة غامض في حد ذاته، وثانيها أننا مستهلكون للمعرفة والتكنولوجيا والمعلومات، وننتظر المعلومات ممن يسيطرون على شبكات الانترنت، وفي الحالتين نكتفي بموقف المتلقي، ولسنا شركاء في الفعل كما كان الحال في الانتفاضة حين كان بمقدورنا تحريك الأمور.

رابعاً. ثمة حالة ارتباك تعتري المشهد ويعاني الجميع منها، وقد دخلناها عنوة وعن غير ذي خاطر أو رغبة منا، وتداخل هذا مع حالة خوف عالمي بدأت تؤثر علينا، ليدخل لجميع في حالة " بيات إحباطي" إن جاز التعبير فلم نكن نفارق حالة البيات الشتوي حتى فوجئنا بما فرضته الكورونا علينا من وقائع.

خامساً. الكمّ الهائل من المعلومات الذي يأتينا من هنا وهناك بات عبئاً، فهو يربكنا ويلقي بظلاله علينا.

سادساً. في ظل حالة عدم الوضوح تكثر الاجتهادات ما يزيد منسوب الارتجال والعشوائية في اقتراح الحلول، فالبعض إزاء هذا الوضع يشعر بأنه باقتراح أي حل يبادر، ثم سرعان ما يتكشف أن الاجتهادات بحاجة إلى مراجعة.

سابعاً. الإمكانيات التكنولوجية سواء على مستوى المهارة والمعرفة أو على مستوى الجاهزية في البنية التحتية، فقد كشفت الأزمة أننا لم نكن جاهزين، وأن التخطيط الرسمي كان يغفل الاستئناس بالبيانات، وهنا نتساءل: كم مؤسسة كلفت خاطرها للاستئناس ببيانات الجهاز المركزي للإحصاء؟ وما مدى حداثة البيانات المتوافرة في الجهاز المركزي للإحصاء أصلا؟

ثامناً. كثير من مؤسسات المجتمع المدني كانت تسير في خطوط متوازية دون تقاطعات، وهو ما يعني أن المجتمع المدني-في غالبيته- لم يكن مؤسساً لحالة من الانسجام، وكان خارجاً من حالة نقاش عبثي في موضوع شروط التمويل، ومنهك من ضعف التمويل والحصار المشدد في بعض الأحيان عليه، وبالتالي جاءت هذه الأزمة لتعيد مؤسسات المجتمع المدني إلى مربع التأمل فيما تتبناه من إستراتيجيات وخطط وبرامج.

تاسعاً. لا يملك المجتمع المدني الخبرات القادرة على استعادة الزخم، فكثير منها تسربت بعد أن لم تستطع مؤسسات المجتمع المدني الاحتفاظ بالخبرات الموجودة لديها بعد أن باتت عاجزة على دفع رواتب خبرات متميزة.

عاشراً. ثمة ضعف في بنية القطاعات المختلفة للمؤسسات غير الحكومية، وفي آليات التنسيق فيما بينها. فهذه القطاعات سواء كانت تعليمية أو غيرها ما زالت تعاني ومن وحدة الموقف في مجابهة المخاطر.

أحد عشر. ترتب على ما سبق كله، حالة إرباك واضحة وربما نبع الإرباك من كون الأزمة مفاجئة وشاملة وسريعة، لكن السؤال: ألا تتبنى مؤسسات المجتمع المدني خطط طوارئ؟

إثنا عشر. لقد كشفت الأزمة عن عدم الجاهزية، كما أن عدم انتصار الحكومة لما رفعته من شعارات عن تعزيز العلاقة مع المجتمع المدني لم يجد تطبيقاته على أرض الواقع، وهذا على الأقل ما كشفت عنه الأزمة الراهنة .

لذا..لم يكن مستغربا أن تكون التدخلات التي تمت سطحية وعابرة لم تلامس عمق الأزمة وجوهرها، فهي تدخلات اقتصرت على إصدار بيانات أو مداخلات إذاعية. وفي احسن الأحوال انتاج سبوتات توعوية .

ثلاثة عشر. الأزمة لا زالت قائمة، والتدخلات ممكنة لكن حذار من أن تكون تدخلات هدفها فقط تسجيل موقف، نحن مع التدخلات التي تترك أثرا، وهنا نسجل التقدي

http://www.miftah.org